انتاج كتابي حول مساعدة صديق في المدرسة
في صباح يوم خريفي هادئ، كانت الشمس ترسل أشعتها الذهبية عبر نوافذ المدرسة القديمة، والأشجار التي تحيط بها تلوح بأوراقها المصفرة في نسيم لطيف. دخلت إلى الفصل مبكرًا، كعادتي، وأنا أحمل حقيبتي المليئة بالكتب والأدوات، وألقيت التحية على أصدقائي الذين كانوا يتجمعون حول الطاولات يتحدثون عن مختلف الأمور.
جلست في مكاني المفضل بجانب النافذة، وبدأت أجهز نفسي للحصة الأولى، حين لاحظت أن سامي، صديقي العزيز، لم يكن في حالته المعتادة. كان يجلس في الصف الخلفي، بعيدًا عن الآخرين، مطأطئ الرأس، ويبدو عليه التوتر. كان سامي دائمًا شخصًا اجتماعيًا يحب المشاركة في كل نشاطات المدرسة، لكن اليوم كان مختلفًا تمامًا.
شعرت بالقلق وقررت الاقتراب منه. جلست بجانبه بهدوء وسألته: "سامي، هل أنت بخير؟ تبدو متوترًا اليوم."
رفع رأسه ببطء ونظر إليّ بعينين مليئتين بالقلق، وقال بصوت منخفض: "اليوم لدينا امتحان في الرياضيات، وأنا لم أتمكن من فهم بعض الدروس. أشعر أنني سأفشل."
توقفت للحظة، وتذكرت كيف كان سامي دائمًا يساعدني عندما كنت أواجه صعوبة في أي شيء. كانت تلك فرصتي لأرد له الجميل. قلت له بحزم: "لا تقلق يا سامي، لدينا بعض الوقت قبل بدء الحصة. سأساعدك وسنفهم هذه الدروس معًا."
قررنا الجلوس في ساحة المدرسة، حيث كانت الطاولات الخشبية منتشرة تحت الأشجار. الجو كان منعشًا، والأصوات الخفيفة للطيور التي تحلق فوقنا كانت تضيف لمسة من الهدوء. أخرج سامي كتبه، وبدأت أشرح له بعض المفاهيم التي بدت صعبة عليه. كانت هناك مسائل معقدة، لكننا حللناها واحدة تلو الأخرى، ومع كل مسألة كان سامي يفهمها، كنت أرى بريق الثقة يعود إلى عينيه.
بينما كنا نعمل على حل آخر تمرين، جاء الأستاذ محمود، مدرس الرياضيات، إلى الساحة، وكان يحمل أوراق الامتحان. نظر إلينا وابتسم قائلاً: "تبدوان جادين اليوم! أتمنى أن تسير الأمور على ما يرام."
أجبته بابتسامة: "إن شاء الله يا أستاذ، نحن نحاول."
دخلنا إلى الفصل بعد فترة قصيرة، وكانت الأجواء مليئة بالترقب. الجميع جلسوا في أماكنهم، وبدأ الأستاذ بتوزيع أوراق الامتحان. نظرت إلى سامي، فابتسم لي بثقة، وكأن القلق الذي كان يملأ قلبه قد تلاشى تمامًا.
بعد أن انتهى الامتحان، خرجنا معًا إلى ساحة المدرسة. سامي كان يبدو مرتاحًا ومسرورًا. نظر إليّ وقال بابتسامة عميقة: "لم أكن لأستطيع اجتياز هذا اليوم لولا مساعدتك. شكرًا لك من القلب."
أجبته وأنا أضع يدي على كتفه: "هذا ما نفعله كأصدقاء، نساعد بعضنا في كل الأوقات، سواء كانت صعبة أو سهلة."
مر اليوم سريعًا، ومع نهاية الدوام الدراسي، توجهنا إلى البيت معًا ونحن نتحدث عن كل شيء، ليس فقط عن الدراسة، بل عن أحلامنا وخططنا للمستقبل. شعرت بالفخر لأنني استطعت أن أكون سببًا في سعادة صديقي، وتعلمت أن الصداقة ليست مجرد لحظات من المرح والضحك، بل هي دعم ومساندة في الأوقات التي نحتاج فيها إلى من يقف بجانبنا.
كانت هذه اللحظة درسًا لي بأن قيمة الصداقة تظهر في اللحظات الصعبة، عندما نكون بحاجة إلى كلمة تشجيع أو مساعدة صغيرة، قد تكون سببًا في تغيير يوم كامل لشخص عزيز علينا.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire