تعريف الكاتب عباس محمود العقاد – كاتب ومفكر مصري
عباس محمود العقاد (1889 – 1964) هو كاتب، ومفكر، وشاعر، وصحفي مصري، يُعدّ من أبرز أعلام الفكر والأدب العربي في القرن العشرين. تميز بغزارة إنتاجه الأدبي والفكري، وبعمق ثقافته الموسوعية التي شملت الأدب، والفلسفة، والسياسة، وعلم النفس، والتاريخ.
عُرف بجرأته الفكرية واستقلال رأيه، وكان من أبرز المدافعين عن حرية الفكر والإنسان، كما ترك بصمته الخالدة في الأدب العربي من خلال مؤلفاته النقدية والفكرية وسير الأعلام التي ما زالت مرجعًا للأجيال اللاحقة.
1- السيرة الذاتية والنشأة
وُلد عباس محمود العقاد في 28 يونيو 1889 بمدينة أسوان في صعيد مصر، في أسرة بسيطة الحال. تلقّى تعليمه الأولي في مدارس البلدة، ثم اعتمد على نفسه في تثقيف ذاته، حيث كان قارئًا نهمًا لكل ما تقع عليه يده من كتب في الأدب، والفكر، والتاريخ، والفلسفة.
لم يُكمل تعليمه النظامي، لكنه بفضل جهده وذكائه كوّن ثقافة واسعة جعلته من كبار المفكرين العرب، وواحدًا من القلائل الذين صنعوا أنفسهم بالقراءة والتأمل.
بدأ العقاد حياته العملية موظفًا صغيرًا في السكك الحديدية، ثم عمل في الصحافة، حيث لمع اسمه ككاتب مقالات حادة الفكر، قوية الأسلوب، مدافعة عن الحرية والعدالة.
2- المسيرة الأدبية والفكرية
امتدت مسيرة العقاد لأكثر من نصف قرن من الإبداع، أنتج خلالها ما يزيد على مئة كتاب تناولت الأدب، والنقد، والفكر، والتاريخ، والإسلاميات، والسير الذاتية.
1. في الشعر
كان العقاد من روّاد مدرسة الديوان الشعرية إلى جانب إبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري، التي دعت إلى التجديد في الشعر العربي ونبذ الجمود الكلاسيكي.
تميّز شعره بالتأمل الفكري والصدق الوجداني، وعبّر فيه عن فلسفة الحياة والإنسان.
من أبرز دواوينه:
 "يقظة الصباح" (1916)
"وهج الظهيرة"
"عابر سبيل"
2. في الفكر والنقد
ترك العقاد إرثًا فكريًا ضخمًا، حيث كتب في الفلسفة، وعلم النفس، والدين، والسياسة.
في كتبه الفكرية، ناقش العقاد قضايا الإنسان والحرية والإيمان والعقل بأسلوب تحليلي رفيع.
من أبرز مؤلفاته:
 "الله" – تأملات فلسفية في الإيمان والوجود.
"حقائق الإسلام وأباطيل خصومه" – دفاع عقلاني عن جوهر الإسلام.
"الفكر الحرّ فيما وراء السياسة والدين" – بيان لقيمة العقل والاستقلال الفكري.
3. في السير والأعلام
من أعظم ما تركه العقاد هو سلسلة "العبقريات"، التي تناول فيها شخصيات إسلامية كبرى بأسلوب يجمع بين التحليل النفسي والفكري، منها:
 عبقرية محمد ﷺ
عبقرية عمر
عبقرية علي
عبقرية خالد
هذه الكتب قدّمت قراءة جديدة للتاريخ الإسلامي من منظور إنساني وفلسفي.
3- الأسلوب والرؤية الأدبية
تميّز أسلوب العقاد بالقوة والرصانة والعمق الفكري. كان لغويًا بارعًا يستخدم المفردة بدقة، ويعتمد في كتابته على المنطق والتحليل.
رأى أن الأدب ليس مجرد متعة جمالية، بل وسيلة لفهم الإنسان والحياة، لذلك كان يمزج بين الفكر والشعور، وبين العقل والعاطفة.
كما كان العقاد من أنصار الفردية الفكرية، مؤمنًا بحرية العقل وحق الإنسان في الاختلاف. وكان يرفض التقليد الأعمى، داعيًا إلى التجديد القائم على الوعي والمعرفة.
4- مواقفه الفكرية والسياسية
كان العقاد مفكرًا حرًا وصوتًا وطنيًا صريحًا. شارك في الحياة السياسية كعضو في مجلس النواب المصري، واشتهر بمقالاته الجريئة التي تنتقد الاستبداد وتدافع عن الحرية.
دخل السجن في عهد الملك فؤاد بسبب كتاباته المعارضة، لكنه ظلّ ثابتًا على مبادئه، مؤمنًا بأن الكلمة الحرة هي سلاح المفكر الحقيقي.
5- مكانته الأدبية وتأثيره
يُعدّ عباس محمود العقاد أحد الأعمدة الثلاثة للأدب العربي الحديث إلى جانب طه حسين وإبراهيم المازني.
ترك أثرًا عميقًا في الأجيال اللاحقة من الأدباء والمفكرين، وكان مصدر إلهام لكل من يسعى إلى بناء فكر حرّ ومستقل.
وقد تُرجمت بعض أعماله إلى لغات أجنبية، ونُظّمت حول فكره دراسات عديدة في الجامعات العربية والعالمية.
6- وفاته وإرثه الأدبي
توفي عباس محمود العقاد في 12 مارس 1964 بمدينة القاهرة، بعد حياة حافلة بالعلم والنضال الفكري.
خلّف وراءه تراثًا ضخمًا من الكتب والمقالات التي ما زالت تُقرأ وتُدرّس حتى اليوم، وتشهد على عظمة فكره وصدق قلمه.
ظلّ العقاد رمزًا للمثقف المستقل، والمفكر الذي لا يخشى الحقيقة، والأديب الذي جعل من الكلمة سلاحًا في وجه الجهل والاستبداد.
الخاتمة
يبقى عباس محمود العقاد أحد أعظم مفكري الأدب العربي في العصر الحديث، ورائدًا من روّاد التنوير الذين جمعوا بين المنطق والعاطفة، والعلم والإيمان، والفكر والأدب.
قدّم نموذجًا فريدًا للمثقف الذي صنع نفسه بعصاميته، وجعل من القراءة طريقًا للحرية.
بفضل مؤلفاته الخالدة وفكره المتجدد، لا يزال العقاد حيًا في ذاكرة الثقافة العربية، كصوتٍ يدعو إلى العقل، والإبداع، والكرامة الإنسانية.
.png)
 
 

0 commentaires
Enregistrer un commentaire