تعريف الكاتبة نعمات أحمد فؤاد – كاتبة ومفكرة مصرية
نعمات أحمد فؤاد (1926-2016) هي كاتبة ومفكرة وأديبة مصرية بارزة، تُعدّ من أبرز المثقفات المصريات في القرن العشرين، عُرفت بدفاعها المستميت عن الهوية المصرية والتراث الوطني، وبإنتاجها الفكري والأدبي الغزير الذي جمع بين الأصالة والتجديد. كانت مثالًا للمرأة المثقفة الواعية التي جعلت من القلم وسيلة لخدمة الفكر والوطن.
1- السيرة الذاتية والنشأة
وُلدت نعمات أحمد فؤاد سنة 1926 في مدينة مغاغة بمحافظة المنيا في صعيد مصر، في بيئة ريفية بسيطة، لكنها كانت غنية بالقيم الدينية والثقافية. أظهرت منذ طفولتها نبوغًا ملحوظًا، إذ حفظت القرآن الكريم وهي صغيرة، مما أكسبها ثراءً لغويًا وثقافيًا مميزًا.
انتقلت إلى القاهرة لمواصلة دراستها الثانوية، ثم التحقت بـكلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث درست اللغة العربية وتخرجت سنة 1948. واصلت مسيرتها الأكاديمية بحصولها على درجة الماجستير سنة 1952 عن بحثها حول أدب إبراهيم عبد القادر المازني، ثم نالت الدكتوراه سنة 1959 عن أطروحتها الشهيرة «نهر النيل في الأدب المصري»، التي عُدت من أوائل الدراسات الأدبية عن النيل في التراث المصري.
2- أهم إنجازاتها الأدبية والفكرية
1- في مجال البحث الأكاديمي
تميّزت نعمات أحمد فؤاد بقدرتها على الربط بين التحليل الأدبي والفكر الفلسفي، حيث تناولت في أبحاثها موضوعات تتعلق بالهوية، واللغة، والجمال، والدين، والعلاقة بين الأدب والمجتمع.
من أبرز أعمالها الأكاديمية:
«نهر النيل في الأدب المصري»: دراسة شاملة للعلاقة بين النيل والوجدان المصري في الشعر والنثر منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث.
«الجمال والحرية الشخصية في أدب العقاد»: تناولت فيه فلسفة عباس محمود العقاد في الجمال والحياة.
2- في مجال الفكر والثقافة
اشتهرت نعمات أحمد فؤاد بكونها صوتًا حرًا في الدفاع عن الهوية المصرية والتراث الثقافي. كتبت العديد من المقالات والكتب الفكرية التي ناقشت قضايا الوعي، والتعليم، والثقافة العامة، معتبرة أن المعرفة هي أساس النهضة الإنسانية.
من أهم مؤلفاتها في هذا المجال:
«صناعة الجهل»: كتاب نقدي تناول فيه أسباب تراجع الوعي في المجتمعات العربية ودور المثقف في مواجهتها.
«الإسلام وإنسان العصر»: تناولت فيه علاقة الإسلام بالتقدم العلمي والفكر الإنساني.
«القاهرة في حياتي»: كتاب يجمع بين السيرة الذاتية والتاريخ الثقافي والاجتماعي للعاصمة المصرية.
3- في الدفاع عن التراث والبيئة
كانت نعمات أحمد فؤاد من أوائل الأصوات التي دافعت عن التراث المصري ضد التخريب والتعدي.
قادَت حملة فكرية واسعة ضد مشروع البناء على هضبة الأهرام، ونجحت في لفت أنظار الرأي العام إلى خطورة المشروع. كما عارضت مشروع دفن النفايات الذرية في الأراضي المصرية، مؤكدة أن الحفاظ على البيئة جزء من الدفاع عن الوطن.
3- الرؤية الفكرية والأدبية
كانت نعمات أحمد فؤاد ترى أن الأدب والفكر ليسا ترفًا، بل مسؤولية تجاه المجتمع والإنسان. آمنت بأن الكلمة يمكن أن تُغيّر الواقع، وأن المثقف لا بد أن يكون شاهدًا على عصره ومدافعًا عن الحق والخير والجمال.
في كتاباتها، جمعت بين الصدق الفني والالتزام الأخلاقي، وبين الحس الوطني والتأمل الإنساني. كانت تعبر عن الإنسان المصري البسيط، وتؤمن بأن النهضة تبدأ من وعي الفرد بذاته وهويته.
4- القضايا التي تناولتها
تنوّعت اهتماماتها الفكرية، ومن أبرز القضايا التي ركزت عليها:
الهوية الوطنية والانتماء لمصر.
العلاقة بين الدين والعلم والتقدم.
الوعي الثقافي ومقاومة الجهل والتبعية.
قضية المرأة والمشاركة الفكرية في بناء المجتمع.
الحفاظ على التراث الطبيعي والإنساني.
5- التأثير والإرث
تُعد نعمات أحمد فؤاد من روّاد الفكر العربي الحديث، وقد أثرت في أجيال متعاقبة من المثقفين والأدباء. بفضل شجاعتها الفكرية وصدقها في الدفاع عن القيم الوطنية والإنسانية، أصبحت رمزًا للمثقفة المصرية الواعية بدورها ومسؤوليتها.
تركَت إرثًا فكريًا غنيًا يجمع بين الأدب، والفكر، والالتزام الوطني، وتُعد أعمالها اليوم مرجعًا أساسيًا في دراسة تطور الفكر النسوي والثقافي في مصر والعالم العربي.
الخاتمة
رحلت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد سنة 2016، لكنها خلّفت وراءها فكرًا خالدًا وكلمة حرة لا تموت. كانت مثالًا للمرأة التي جعلت من العلم رسالة ومن القلم سلاحًا للدفاع عن الحقيقة والهوية. سيبقى اسمها منقوشًا في ذاكرة الأدب والفكر المصري والعربي كرمز للوعي والالتزام والثقافة الأصيلة.
.png)
0 commentaires
Enregistrer un commentaire