vendredi 31 octobre 2025

تعريف الكاتبة نوال السعداوي

تعريف الكاتبة نوال السعداوي 

نوال السعداوي (1931 – 2021) هي طبيبة، كاتبة، ومفكرة مصرية تُعد من أبرز الأصوات النسوية في العالم العربي خلال القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين. عُرفت بجرأتها الفكرية ونضالها المستمر من أجل حرية المرأة والعدالة الاجتماعية والتحرر من القيود الثقافية والدينية والسياسية. أثارت مؤلفاتها الكثير من الجدل لكنها ساهمت بعمق في تشكيل الفكر النسوي العربي الحديث.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلدت نوال السعداوي في 27 أكتوبر 1931 بقرية كفر طحلة التابعة لمحافظة القليوبية في مصر. نشأت في أسرة متوسطة تهتم بالتعليم، وكان والدها موظفًا حكوميًا شارك في الحركة الوطنية ضد الاستعمار البريطاني.
منذ طفولتها، أظهرت نوال ذكاءً مبكرًا وميلاً إلى التساؤل والتمرد على التقاليد التي كانت تحدّ من حرية المرأة.
درست الطب في جامعة القاهرة وتخرجت سنة 1955، لتصبح طبيبة بشرية متخصصة في الأمراض النفسية والعصبية. وقد أثّر احتكاكها بالمرضى، خصوصًا النساء في الريف، في رؤيتها الاجتماعية والإنسانية لاحقًا.

2- الحياة المهنية

بعد تخرجها، عملت طبيبة في وزارة الصحة المصرية، ثم تولّت رئاسة قسم الصحة العامة، غير أن مواقفها الجريئة وانتقاداتها للسلطات أدت إلى فصلها من عملها سنة 1972 بعد نشر كتابها "المرأة والجنس"، الذي أثار جدلًا واسعًا بسبب صراحته في تناول قضايا المرأة والجسد والجنس في المجتمعات العربية.
اشتغلت أيضًا أستاذة زائرة في عدد من الجامعات حول العالم، منها جامعات أمريكية وأوروبية، كما كانت لها مشاركات بارزة في مؤتمرات دولية تتناول قضايا المرأة وحقوق الإنسان.

3- الإنتاج الأدبي والفكري

تميّزت نوال السعداوي بغزارة إنتاجها الأدبي والفكري، إذ كتبت عشرات الكتب في مجالات الأدب، الفلسفة، الطب، والنقد الاجتماعي.
جمعَت في أعمالها بين التحليل العلمي والجرأة الفكرية، حيث كانت ترى أن الكتابة فعل مقاومة ضد الظلم الاجتماعي والسياسي.
أبرز مؤلفاتها:

"المرأة والجنس" (1972): من أوائل كتبها وأكثرها جرأة، تناولت فيه نظرة المجتمع والدين إلى جسد المرأة، منتقدة الكبت والتفرقة الجندرية.
"الوجه العاري للمرأة العربية" (1977): ناقشت فيه القيود الاجتماعية والدينية المفروضة على النساء في العالم العربي.
"مذكراتي في سجن النساء" (1983): وهو من أشهر كتبها، تسرد فيه تجربتها في السجن بعد اعتقالها عام 1981 بسبب آرائها السياسية، مقدّمة شهادة إنسانية على القهر السياسي والاجتماعي.
"امرأة عند نقطة الصفر" (1975): رواية تستند إلى قصة حقيقية لامرأة سُجنت بتهمة القتل، وتُعد من أبرز الأعمال الأدبية النسوية في القرن العشرين، تُدرّس اليوم في العديد من الجامعات العالمية.
"الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة" (1996): عمل رمزي جريء أثار جدلًا كبيرًا حول علاقة الدين بالسلطة والجنس في المجتمعات العربية.

4- الفكر والمواقف

كانت نوال السعداوي من أبرز رموز الفكر النسوي العربي، ودافعت بشدة عن حقوق المرأة في المساواة والتعليم والحرية الجسدية والفكرية.
انتقدت الأنظمة السياسية التي تستغل الدين لتبرير القمع، كما هاجمت التقاليد التي تُكرّس التمييز ضد المرأة.
رأت أن تحرر المجتمع لا يمكن أن يتحقق دون تحرر المرأة، وأن الجهل والتعصب هما أكبر أعداء الإنسان.
تعرّضت بسبب أفكارها إلى حملات شرسة وتهديدات، وواجهت محاولات لتكفيرها ومحاكمتها، لكنها ظلت متمسكة بمبادئها حتى وفاتها.

5- النشاط السياسي والنسوي

أسست نوال السعداوي سنة 1982 "جمعية تضامن المرأة العربية"، التي سعت إلى تعزيز الوعي النسوي ومناهضة العنف ضد النساء، غير أن السلطات المصرية أغلقتها لاحقًا.
كما شاركت في تأسيس رابطة الكتاب المصريين المستقلين، وكانت عضوًا في اتحاد الكتّاب العرب.
عرفت بمواقفها المناهضة لكل أشكال القمع السياسي والفكري، وكانت من الأصوات النسائية البارزة في ثورة 25 يناير 2011، حيث دعت إلى العدالة والحرية والمساواة.

6- الأسلوب والرؤية الفكرية

تميزت نوال السعداوي بأسلوب تحليلي صريح ومباشر يجمع بين الأدب والطب وعلم الاجتماع.
كانت ترى أن الكتابة فعل مقاومة ضد التقاليد الظالمة، وأن الكاتب الحقيقي لا بد أن يواجه السلطة والتابوهات بشجاعة.
مزجت في كتاباتها بين السرد الأدبي والتحليل النفسي والاجتماعي، فكانت نصوصها مزيجًا من التجربة الذاتية والرؤية الإنسانية العامة.
7- التكريم والإرث الفكري

حصلت نوال السعداوي على جوائز دولية عديدة تقديرًا لدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة، من بينها:

جائزة الشمال والجنوب لحقوق الإنسان (2004) من مجلس أوروبا.
جائزة إنانا الأدبية (2012) عن مجمل أعمالها.

كما تُرجمت كتبها إلى أكثر من 30 لغة، وأُدرجت رواياتها في مناهج جامعية في أوروبا وأمريكا.

8- الوفاة والإرث

توفيت نوال السعداوي في 21 مارس 2021 (يوم عيد الأم في مصر)، بعد مسيرة فكرية حافلة تجاوزت ستة عقود.
خلّفت وراءها إرثًا فكريًا وأدبيًا ضخمًا ما زال يُناقش في المحافل الثقافية والأكاديمية، وأثّرت في أجيال من النساء والكتّاب والمفكرين في العالم العربي والعالم.
بفضل شجاعتها وإيمانها بالإنسان، أصبحت رمزًا للحرية الفكرية والمقاومة النسوية في التاريخ الحديث.

الخاتمة

كانت نوال السعداوي أكثر من مجرد كاتبة أو طبيبة؛ كانت صوتًا حرًّا للعقل والعدالة في عالمٍ يسوده الصمت والخوف. ناضلت بالكلمة والقلم من أجل إنسان أكثر حرية وكرامة، وجعلت من حياتها رسالة فكرية خالدة. ستظل رمزًا للمرأة العربية التي قاومت القيود وصنعت طريقها بثقة وشجاعة.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire