mercredi 29 octobre 2025

تعريف الكاتب محيي الدين خريف – كاتب وشاعر تونسي

تعريف الكاتب محيي الدين خريف – كاتب وشاعر تونسي

محيي الدين خريف (1932 – 2011) هو كاتب وشاعر تونسي بارز، يُعد من أبرز الوجوه الأدبية في تونس خلال النصف الثاني من القرن العشرين. تميز بثراء إنتاجه وتنوعه بين الشعر، البحث الأدبي، وأدب الطفل، وترك بصمة واضحة في المشهد الثقافي التونسي من خلال لغته الشعرية العذبة، واهتمامه العميق بالهوية التونسية وبالإنسان في مختلف تجلياته.

1- السيرة الذاتية والنشأة:

ولد محيي الدين خريف سنة 1932 في مدينة نفطة بالجنوب التونسي، وهي مدينة ذات طابع روحي وثقافي أثّر كثيرًا في تكوينه الأدبي. نشأ في أسرة محافظة محبة للعلم والأدب، وتفتحت موهبته الشعرية منذ سنواته الأولى. درس في المدارس التونسية وتكوّن ثقافيًا في زمن كانت فيه البلاد تعرف حراكًا فكريًا وثقافيًا واسعًا بعد الاستقلال. اشتغل في مجالات متعددة من التعليم إلى الإعلام الثقافي، وكان من الأصوات التي أسهمت في بناء المشهد الأدبي التونسي الحديث. توفي في نوفمبر سنة 2011 بعد مسيرة طويلة في خدمة الشعر والثقافة.

2- أهم إنجازاته الأدبية والفكرية:

1. الشعر:

بدأ خريف مسيرته الأدبية بالشعر، وأصدر عدة مجموعات شعرية منها: "كلمات للغرباء"، "حامل المصابيح"، "السجن داخل الكلمات"، و"طلع النخيل". امتاز شعره بصدق الإحساس وعمق الرؤية، فقد كان يعبر عن الإنسان التونسي في أفراحه وأحزانه، وفي صراعه بين الحلم والواقع. لغته تمزج بين الفصحى البسيطة والنغمة الشعبية العميقة، مما منح شعره نكهة تونسية خاصة.
في شعره نجد الحنين إلى الأرض، وإشراقات الذاكرة، والأسئلة الوجودية التي تعكس رؤيته الفلسفية للحياة.

2. أدب الطفل:

كان محيي الدين خريف من أوائل من اهتموا بأدب الطفل في تونس، حيث كتب نصوصًا شعرية وقصصية تربوية تهدف إلى تنمية الحس الجمالي والخيال لدى الناشئة. رأى في أدب الطفل وسيلة لغرس القيم الإنسانية والوطنية بأسلوب فني راقٍ. كما ساهم في إعداد برامج إذاعية موجهة للأطفال، عرّفت الأجيال الصغيرة بقيمة اللغة العربية وجمال الأدب.

3. الشعر الشعبي والبحث الأدبي:

اهتم خريف كذلك بدراسة الشعر الشعبي التونسي، فعمل على جمع نصوصه ودراسة أوزانه وإبراز قيمته الفنية والثقافية. في كتابه “الشعر الشعبي التونسي: أوزانه وأنواعه”، قدّم قراءة منهجية لأساليب القول الشعبي وخصائصه الإيقاعية، مما جعله مرجعًا في هذا المجال.
كما كتب دراسات نقدية تناولت مسيرة الشعر التونسي الحديث، محللًا ملامحه واتجاهاته، ومقارنًا بين التراث والحداثة.

3- الرؤية الأدبية والفنية:

كان محيي الدين خريف يرى أن الأدب هو مرآة للإنسان ومجتمعه، وأن الشعر لا يكون جميلًا إلا إذا انبثق من تجربة صادقة. آمن بأن الكلمة وسيلة للتنوير وبناء الوعي، ولذلك سعى في نصوصه إلى الجمع بين الفكر والعاطفة، وبين التراث والتجديد.
لغته تمتاز بالصفاء والرمزية، وشعره يعكس توازنًا بين البساطة الشعبية والعمق الفلسفي. لم يكن يكتب الشعر لمجرد الجمال، بل ليوقظ الذاكرة الجماعية ويعبر عن قضايا الناس وهمومهم.

4- القضايا التي تناولها:

تناول محيي الدين خريف في أعماله الأدبية والفكرية قضايا متعددة، من أهمها:

الهوية والانتماء: عبّر عن حبه العميق لتونس وثقافتها، وسعى إلى ترسيخ روح الانتماء الوطني.
الإنسان والوجود: طرح أسئلة تتعلق بالحياة والموت والزمن والحرية، من خلال صور شعرية موحية.
التراث والحداثة: حاول التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، معتبرًا أن الأدب لا يعيش إلا إذا انفتح على الواقع دون أن يقطع صلته بالجذور.
الطفولة والتربية: رأى أن الطفل هو مستقبل الوطن، وأن غرس الذوق الفني في سن مبكرة هو أساس بناء الإنسان الواعي.

5- التأثير والإرث الأدبي:

يُعد محيي الدين خريف من الأصوات الشعرية التي تركت أثرًا عميقًا في الأدب التونسي الحديث. تلامذته وقراؤه يرون فيه نموذجًا للشاعر المثقف الذي جمع بين الإبداع والبحث، وبين الفن والرسالة.
ساهم في ترسيخ فكرة أن الأدب يمكن أن يكون في خدمة الإنسان والمجتمع دون أن يفقد قيمته الجمالية.
بفضل إسهاماته المتنوعة، أصبح اسمه حاضرًا في الذاكرة الأدبية التونسية والعربية، وأعماله ما زالت تُقرأ وتُدرّس لما فيها من صدق وجمال ومعرفة بالإنسان.

الخاتمة:

محيي الدين خريف لم يكن مجرد شاعر يكتب القصائد، بل كان مشروعًا ثقافيًا متكاملًا حمل هموم الوطن والإنسان. جمع بين الكلمة الجميلة والفكر العميق، وبين الأدب والتربية، فاستحق مكانته كأحد أعمدة الأدب التونسي. ترك وراءه إرثًا يخلّد روحه، ويجعل من تجربته نموذجًا للأديب الملتزم والإنسان المحب للحياة وللجمال.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire