jeudi 30 octobre 2025

تعريف الشاعر سالم الشعباني – شاعر تونسي من “المنجميّة”

تعريف الشاعر سالم الشعباني – شاعر تونسي من “المنجميّة”

سالم الشعباني (1948 – 2008) هو شاعر تونسي بارز وُلد في مدينة المتلوي بولاية قفصة، إحدى أهم مدن الحوض المنجمي في الجنوب الغربي من تونس. يُعدّ من أبرز الأصوات الشعرية التي برزت في سبعينات القرن العشرين، ويمثل أحد روّاد ما يُعرف بـ"الشعر المنجمي" الذي ارتبط ببيئة العمال والمناجم وواقع الجنوب الاجتماعي. جمع في شعره بين الحسّ الإنساني العميق والانتماء للمكان، وبين البعد الوطني والرمزية الفنية. عُرف بلغته القوية الصادقة وصوره الشعرية التي تمزج بين الأرض والإنسان، كما كان شعره انعكاسًا لمعاناة الطبقات الكادحة وآمالها. ترك بصمة واضحة في المشهد الأدبي التونسي والعربي، وجعل من الجنوب فضاءً شعريًا مفعمًا بالحياة والكرامة.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلد سالم الشعباني سنة 1948 في مدينة المتلوي بالجنوب التونسي، في بيئة منجمية قاسية أثرت في وعيه وشكّلت رؤيته الشعرية. تلقّى تعليمه الابتدائي والثانوي في قفصة، ثم تابع دراسته العليا في العاصمة تونس حيث حصل على شهادة في الفنون التشكيلية من المعهد الأعلى للفنون الجميلة. اشتغل بعد ذلك في شركة فسفاط قفصة، فعاش تجربة العامل المنجمي بكل تفاصيلها اليومية، وهو ما أضفى على شعره صدقًا وتجذرًا في الواقع الاجتماعي. توفي سنة 2008 بعد مسيرة أدبية حافلة ترك خلالها إرثًا شعريًا غنيًا يعبّر عن الإنسان التونسي البسيط ومعاناته وآماله.

2- أهم إنجازاته الأدبية والفكرية


أصدر عدّة مجموعات شعرية شكّلت ملامح تجربته الإنسانية والشعرية، من أبرزها:

أحزان (1976)
أغنيات منجمية (1977)
الريح والناس (1984)
تراتيل الأرض (1990)

تُرجمت بعض قصائده إلى الفرنسية والإيطالية، وشاركت نصوصه في anthologies شعرية عربية ودولية.
أسّس مع مجموعة من شعراء الجنوب مهرجان المتلوي للشعر المنجمي، الذي أصبح من أبرز الفعاليات الثقافية في تونس.
كتب مقالات ودراسات حول الشعر الشعبي والتحولات الاجتماعية في الجنوب، مما رسّخ حضوره كمثقف منخرط في قضايا مجتمعه.

3- الرؤية الأدبية والفنية

كان سالم الشعباني يرى في الشعر صوت الإنسان البسيط الذي يعيش على الهامش، ويعبّر عن وجعه وصموده. كانت قصيدته ملتزمة بالإنسان، لكنها بعيدة عن الخطابية، إذ اعتمد على لغة رمزية موحية تستحضر المكان ككائن حيّ يتنفس الألم والأمل.
في شعره، تتحول المناجم إلى رمز للكدح والأمل، والأرض إلى أمّ حنون تُنجب الحلم رغم القسوة، والإنسان إلى بطل يوميّ يقاوم بصمت. استطاع أن يجعل من الجنوب فضاءً شعريًا عالميًا، حيث يتلاقى المحلي بالإنساني، واليوميّ بالوجوديّ.

4- القضايا التي تناولها

العمل والكدح: جعل من العامل المنجمي بطلًا شعريًا، يصارع القسوة من أجل الحياة.
الهوية والانتماء: عبّر عن انتمائه العميق للجنوب، وارتباطه بالأرض والذاكرة الشعبية.
الحرية والكرامة الإنسانية: كانت قصيدته صرخة ضد التهميش والاستبداد، ودعوة إلى الوعي والنهضة.
الواقع والخيال: جمع بين الواقعية الاجتماعية والرؤية الرمزية التأملية، فجعل الشعر مرآة للحياة ونافذة على الحلم.

5- التأثير والإرث

ترك سالم الشعباني إرثًا شعريًا وإنسانيًا كبيرًا، حيث ألهم شعراء الجنوب التونسيين والعرب على السواء، وجعل من الكتابة وسيلة للمقاومة الثقافية والجمالية. شكّلت تجربته نموذجًا في الجمع بين الأصالة المحلية والهمّ الإنساني الكوني. كما ساهم في إثراء المشهد الثقافي في تونس من خلال مهرجاناته ومشاركاته الفكرية، فظلّ اسمه رمزًا للشاعر الملتزم الذي كتب بعرق القلب وصدق التجربة.

الخاتمة

يُعتبر سالم الشعباني أحد أبرز رموز الشعر التونسي الحديث، وصوتًا أصيلًا عبّر عن الإنسان التونسي في عمقه وألمه وكرامته. كانت قصيدته بمثابة نشيدٍ للأرض والحرية، وللإنسان الذي يواجه واقعه بالحلم والإبداع. وبرحيله سنة 2008، خسر الأدب التونسي شاعرًا حقيقيًا جعل من الجنوب منبعًا للقصيدة ومن المناجم منارةً للضوء. ستبقى أشعاره شاهدة على شاعرٍ عاش الكلمة بصدق، وحوّل المعاناة إلى جمال خالد.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire