تعريف الكاتب أحمد خالد – مفكر تونسي
يُعدّ أحمد خالد (13 يوليو 1936 –23 مايو 2022 ) من أبرز الشخصيات السياسية والفكرية في تونس خلال النصف الثاني من القرن العشرين. جمع بين النشاط السياسي والثقافي والفكري، فكان من الذين ساهموا في تطوير المشهد الثقافي الوطني عبر مسؤولياته الرسمية وكتاباته الفكرية. تميز بعمق تحليله للقضايا الاجتماعية والسياسية وبمواقفه الداعمة لحقوق الإنسان والديمقراطية، إلى جانب اهتمامه الكبير بالتاريخ الفكري والأدبي التونسي.
1- السيرة الذاتية والنشأة:
وُلد أحمد خالد يوم 13 يوليو 1936 في مدينة سوسة الساحلية، وهي المدينة التي تنحدر منها جدته، في حين ينحدر والده من قفصة بالجنوب التونسي.
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في سوسة، ثم واصل دراسته العليا ليحصل على إجازة في اللغة والآداب العربية من دار المعلمين العليا، وكان من المتفوقين حيث نال جائزة رئيس الجمهورية سنة 1961 في دورتها الأولى. واصل دراسته بفرنسا حيث حصل على شهادة التبريز من جامعة باريس متحصلًا على المرتبة الأولى في دورة يونيو 1967.
2- المسار النضالي والسياسي:
بدأ أحمد خالد نشاطه السياسي مبكرًا؛ فقد تم اعتقاله سنة 1952 إثر مشاركته في حوادث 26 أفريل المناهضة للاستعمار الفرنسي وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره.
شارك لاحقًا في الانتخابات البلدية لسنة 1975، حيث انتُخب رئيسًا لبلدية سوسة بين سنتي 1975 و1980. كما شغل خطة نائب رئيس الجامعة العالمية للمدن المتوأمة، وكان عضوًا مؤسسًا للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومؤسس جمعية صيانة مدينة سوسة.
في أكتوبر 1980، تولّى رئاسة ديوان وزير الثقافة، وظل في هذا المنصب ست سنوات مع كل من البشير بن سلامة وزكرياء بن مصطفى. وبعد تقاعده المبكر سنة 1987، تفرغ للكتابة والبحث والتوثيق.
في المجال الحكومي، تم تعيينه في 11 أفريل 1989 كاتب دولة لدى وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي مكلفًا بالتربية، ثم أصبح وزيرًا للثقافة والإعلام في 3 مارس 1990 في حكومة حامد القروي حتى 20 فيفري 1991.
كما شغل منصب سفير لتونس في المغرب (1991-1992) ثم في روسيا (1992-1996).
3- المسيرة الفكرية والثقافية:
إلى جانب نشاطه السياسي، كان أحمد خالد كاتبًا ومؤرخًا ومفكرًا ثقافيًا بارزًا. ترأس تحرير مجلة "الحياة الثقافية" في بداية الثمانينيات، وكانت له فيها العديد من المقالات الفكرية والتحليلية. كما كان من المؤسسين لمجلة "الفكر" وعضوًا مؤسسًا لاتحاد الكتاب التونسيين.
عرف بأسلوبه التحليلي الدقيق في تناول القضايا الفكرية والاجتماعية، وبتصديه لمظاهر التطرف الفكري، حيث دافع عن قيم التنوير والحداثة والتعددية الفكرية.
4- أبرز مؤلفاته:
الطاهر الحداد والبيئة التونسية في الثلث الأول من القرن العشرين، الدار التونسية للنشر، تونس، 1967.
الأزاهير في جحيم بيت بيريا، منشورات زخارف، 2005.
كيف زُرع الفكر التكفيري في ثمانينات القرن العشرين بتونس؟ شهادة للتاريخ، منشورات زخارف، 2014.
5- الرؤية الفكرية والإسهام الثقافي:
تميّز أحمد خالد بفكرٍ تنويري يدعو إلى العقلانية، والتسامح، واحترام التعدد الفكري والسياسي. في كتاباته ومداخلاته، ركز على تحليل التحولات الاجتماعية والسياسية في تونس الحديثة، وعلى ضرورة صون الحرية الثقافية ودعم الهوية الوطنية في مواجهة الاستبداد أو التعصب.
الخاتمة:
يُعدّ أحمد خالد نموذجًا للمثقف الذي جمع بين العمل السياسي والفكر الثقافي، وبين الالتزام الوطني والنزاهة الفكرية. ترك أثرًا بارزًا في تاريخ الثقافة التونسية، سواء من خلال دوره في وزارة الثقافة أو عبر مؤلفاته التي وثّقت مرحلة مهمة من الفكر التونسي الحديث.
.png)
0 commentaires
Enregistrer un commentaire