تعريف الكاتب ميغيل دي سرفانتس – كاتب وروائي إسباني
ميغيل دي سرفانتس سافيدرا (Miguel de Cervantes Saavedra) هو كاتب وروائي وشاعر إسباني، وُلد سنة 1547 في مدينة ألكالا دي إيناريس بإسبانيا، وتُوفي سنة 1616 في مدريد. يُعدّ أحد أعظم الأدباء في التاريخ الإنساني، ويُلقّب بـ أبو الرواية الحديثة، إذ أحدث ثورة حقيقية في فنّ السرد من خلال عمله الخالد "دون كيشوت" الذي اعتُبر من أهم الروايات في الأدب العالمي.
تميزت كتاباته بالعمق الإنساني والسخرية الذكية، ونجح في المزج بين الفكاهة والنقد الاجتماعي والسياسي، مما جعل أعماله تعيش في وجدان القرّاء عبر العصور.
1- السيرة الذاتية والنشأة
وُلد ميغيل دي سرفانتس سنة 1547 في مدينة ألكالا دي إيناريس بالقرب من مدريد، في أسرة متواضعة. تلقّى تعليمه الأولي في مدارس محلية، وبرز منذ شبابه بشغفه بالقراءة والكتابة.
في شبابه، التحق بالجيش الإسباني وشارك في معركة ليبانتو سنة 1571، حيث أُصيب إصابة خطيرة في يده اليسرى أدّت إلى شللها جزئيًا، وهو ما أكسبه لقب "الأعور الأعظم" رغم أنه لم يفقد بصره.
بعد عودته من الحرب، تعرّض للأسر من قبل القراصنة في البحر الأبيض المتوسط، وبقي سجينًا في الجزائر خمس سنوات (1575-1580) قبل أن يُفتدى ويعود إلى وطنه. كانت هذه التجربة القاسية من أبرز الأحداث التي أثرت في حياته وأعماله الأدبية اللاحقة.
2- المسيرة الأدبية
بعد عودته إلى إسبانيا، عاش سرفانتس حياة صعبة، وعمل موظفًا في تحصيل الضرائب، لكنه واصل الكتابة بإصرار. نشر أول أعماله الشعرية والقصصية في فترة كانت فيها إسبانيا تشهد ازدهارًا أدبيًا.
عام 1605، أصدر الجزء الأول من رواية "دون كيشوت"، ثم الجزء الثاني سنة 1615، لتصبح أول رواية حديثة في التاريخ.
كتب أيضًا:
 رواية "غالاطيا" (1585) – عمله الأدبي الأول.
مجموعة الروايات النموذجية (1613) – قصص قصيرة تجسد مواقف إنسانية متنوعة.
رحلة بارناسوس (1614) – قصيدة طويلة تمجد الشعر والشعراء.
الأعمال المسرحية – منها الحمقاء الجميلة والجزيرة العجيبة.
3- إبداعه في رواية "دون كيشوت"
تُعدّ "دون كيشوت دي لامانشا" أعظم أعمال سرفانتس وأحد أهم إنجازات الأدب الإنساني على الإطلاق.
تحكي الرواية قصة رجل نبيل فقير يُدعى ألونسو كيخانو، يقرأ كثيرًا من قصص الفرسان حتى يفقد صوابه، فيقرر أن يصبح فارسًا جوّالًا باسم دون كيشوت، ويرافقه خادمه المخلص سانشو بانزا.
من خلال هذه القصة الساخرة والعميقة، ينتقد سرفانتس القيم الزائفة للمجتمع الإسباني في عصره، ويعرض صراع الإنسان بين الحلم والواقع، وبين المثال والخيبة.
وقد ألهمت الرواية أجيالًا من الأدباء والفلاسفة، وترجمت إلى أكثر من 140 لغة، لتصبح أكثر الكتب طباعة بعد الإنجيل.
4- الأسلوب والرؤية الأدبية
امتاز سرفانتس بأسلوب يجمع بين السخرية والعمق الفلسفي، حيث استخدم الفكاهة لنقد الواقع السياسي والاجتماعي.
آمن بقيمة الحرية والكرامة الإنسانية، واحتفى بقدرة الإنسان على الحلم رغم قسوة الواقع.
تُظهر أعماله نزعة إنسانية واضحة، وتعبّر عن إيمانه بأن الأدب يمكن أن يُصلح الإنسان والمجتمع معًا.
5- الجوائز والتأثير العالمي
لم يحظَ سرفانتس في حياته بالشهرة التي نالها بعد وفاته، لكنه أصبح لاحقًا رمز الأدب الإسباني ومصدر إلهام للكتّاب في العالم أجمع.
تُمنح اليوم "جائزة سرفانتس" سنويًا في إسبانيا لأبرز الكتّاب الناطقين بالإسبانية، وهي أرفع جائزة أدبية في العالم الناطق بالإسبانية، تخليدًا لذكراه وإبداعه.
الخاتمة
يبقى ميغيل دي سرفانتس أحد أعمدة الأدب العالمي، ورمزًا للكاتب الذي واجه الفقر والصعوبات بروح الإبداع والإصرار.
من خلال دون كيشوت، قدّم للعالم شخصية خالدة تمثّل الإنسان الحالم الذي يسعى للعدالة رغم عبث الواقع، وهي صورة لا تزال تعبّر عن كل العصور.
لقد غيّر سرفانتس وجه الأدب الحديث، ورسّخ مكانته في التاريخ ككاتبٍ جعل من الرواية فنًّا إنسانيًا خالدًا، لا يزول أثره مهما مرّ الزمن.
.png)
 
 

0 commentaires
Enregistrer un commentaire