mercredi 22 octobre 2025

تعريف الكاتب عبد السلام العجيلي – كاتب وأديب سوري

تعريف الكاتب عبد السلام العجيلي – كاتب وأديب سوري

عبد السلام العجيلي (1918 – 2006) هو كاتب، وشاعر، وروائي، وطبيب، وسياسي سوري بارز، يُعد من روّاد الأدب السوري الحديث ومن أبرز من جمعوا بين العلم والأدب والفكر. عُرف بغزارة إنتاجه الأدبي وتنوّعه بين القصة القصيرة والرواية والمقالة والسيرة الذاتية والشعر، وبأسلوبه الواقعي الإنساني الذي عبّر من خلاله عن الإنسان العربي في صراعه مع الحياة، والحرية، والمجتمع. ترك بصمة عميقة في الأدب العربي من خلال لغته الراقية، وأفكاره المتنوّعة، وتجربته الغنية التي جمعت بين الطب والسياسة والإبداع.

1- السيرة الذاتية والنشأة:

وُلد عبد السلام العجيلي عام 1918 في مدينة الرقة شمال سوريا، على ضفاف نهر الفرات. نشأ في أسرة متعلّمة ومحافظة، اهتمت بالعلم والأخلاق. تلقى تعليمه الابتدائي في الرقة، ثم تابع دراسته الثانوية في حلب، قبل أن ينتقل إلى جامعة دمشق حيث درس الطب وتخرّج طبيبًا عام 1943.
منذ شبابه، كان مولعًا بالقراءة والأدب، فقرأ للشعراء والكتّاب العرب والغربيين، وتأثر بالواقعية في الأدب الفرنسي. عمل طبيبًا في مدينته الرقة، لكنه لم يكتفِ بمهنة الطب، إذ انخرط أيضًا في الحياة السياسية والثقافية، فكان نائبًا في البرلمان السوري ووزيرًا في أكثر من حكومة.
غير أن شغفه الحقيقي ظل الأدب، فكان يرى في الكتابة وسيلة لفهم الإنسان والتعبير عن الوجدان والحرية، فكتب القصة والرواية والشعر بأسلوب يجمع بين عمق الفكر وجمال اللغة.

2- أهم إنجازاته الأدبية والفكرية:

1- القصة القصيرة:

يُعد عبد السلام العجيلي من روّاد القصة القصيرة في سوريا والعالم العربي. بدأ نشر قصصه منذ أربعينيات القرن العشرين، وتميّزت أعماله بالواقعية والإنسانية، حيث تناولت قضايا المجتمع السوري والعربي، وصوّرت الإنسان في صراعه مع الفقر، والجهل، والظلم، دون أن تخلو من روح الأمل والجمال.

من أبرز مجموعاته القصصية:

"بنت الساحرة" (1948): أولى مجموعاته القصصية، وتُعد من أوائل الأعمال القصصية السورية الحديثة. تناولت موضوعات إنسانية واجتماعية بواقعية فنية مدهشة.
"أحاديث القرية" (1954): مجموعة قصصية مستوحاة من الحياة الريفية في الرقة، تُبرز بساطة الناس وعمق إنسانيتهم في مواجهة قسوة الواقع.
"صور من حياتهم" (1959): قصص قصيرة رسمت صورًا متنوعة من المجتمع السوري، امتزج فيها الحس الاجتماعي بالخيال الفني.
"رصيف العجائب" (1989): مجموعة قصصية ناضجة تعبّر عن تأملات الكاتب في الحياة، والحب، والقدر، بأسلوب رمزي يمزج بين الواقع والفلسفة.

2- الرواية:

تميّز عبد السلام العجيلي برواياته التي جمعت بين السرد الواقعي والبعد النفسي، وبين تصوير الحياة السورية والتاريخ العربي.

"بسمة بين الدموع" (1958): رواية اجتماعية تُبرز الصراع بين التقاليد والتحديث في المجتمع السوري.
"قلوب على الأسلاك" (1974): رواية تلامس تجربة الحرب، والانقسام، والخوف، مع رؤية إنسانية للمعاناة والأمل.
"ليالي دمشق" (1981): رواية تمزج بين التاريخ والسياسة، تصوّر التغيرات الاجتماعية في سوريا عبر سرد مليء بالشخصيات والأحداث الواقعية.
"المغامرة الأخيرة" (1996): من أعماله المتأخرة التي تناول فيها تجربة الإنسان في مواجهة الشيخوخة، والذكريات، والموت.

3- الشعر:

إلى جانب القصة والرواية، كتب عبد السلام العجيلي الشعر منذ شبابه، لكن شعره اتخذ طابعًا وجدانيًا وفلسفيًا أكثر من كونه ثوريًا. جمع بعض قصائده في دواوين لاحقة، عبّر فيها عن تأملاته في الحياة، والطبيعة، والإنسان، بأسلوب لغوي جميل يجمع بين العمق والصفاء.

4- المقالات والسيرة الذاتية:

كتب العجيلي مقالات أدبية وفكرية في الصحف والمجلات السورية والعربية، تناول فيها قضايا الفكر، والثقافة، والأدب. كما كتب سيرته الذاتية بعنوان "ذكريات الطبيب العجوز"، التي قدّم فيها تأملاته في الحياة والمجتمع، ومواقف من مسيرته المهنية والسياسية، بأسلوب يمزج بين الطرافة والصدق.

3- الرؤية الأدبية والفكرية:

كانت رؤية عبد السلام العجيلي للأدب قائمة على الإنسانية والواقعية. آمن بأن الأدب ليس ترفًا فكريًا، بل هو وسيلة لفهم الحياة، وتغيير الواقع نحو الأفضل. في قصصه ورواياته، كان يصوّر الإنسان في ضعفه وقوّته، في فقره وغناه، وفي بحثه الدائم عن الحرية والحب.

1- القضايا التي تناولها:

الإنسان والحرية: كان يؤمن بحرية الإنسان وقدرته على التغيير، فعبّر عن رفضه للظلم والطغيان الاجتماعي والسياسي.
الريف والمدينة: صوّر التحولات الاجتماعية في الريف السوري، والاختلاف بين البساطة الريفية وتعقيد الحياة المدنية.
الحب والإنسانية: كان الحب عنده رمزًا للجمال والنقاء الإنساني في مواجهة القسوة والأنانية.
الحرب والسياسة: بحكم تجربته السياسية، تناول في أعماله انعكاسات الحروب على الإنسان والمجتمع.

في أسلوبه، جمع بين اللغة الأدبية الرشيقة والتحليل النفسي الدقيق، وكان يُكثر من الحوار الداخلي والوصف التأملي، مما جعل أعماله قريبة من القارئ ومؤثرة في وجدانه.

4- التأثير والإرث:

يُعد عبد السلام العجيلي من الروّاد الحقيقيين للأدب السوري الحديث، ومن الكتّاب القلائل الذين جمعوا بين الموهبة الأدبية والعمق الفكري والعطاء الوطني. أثّر في أجيال من الكتّاب السوريين والعرب بأسلوبه الواقعي الإنساني، وبقدرته على جعل القصة العربية مرآة للحياة والمجتمع.

نال العديد من الجوائز الأدبية تقديرًا لمسيرته، منها:

جائزة الدولة التقديرية للأدب في سوريا.
وسام الاستحقاق السوري.

كما تُرجمت أعماله إلى لغات أجنبية، منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، ما جعله سفيرًا للأدب السوري في العالم.

الخاتمة:

عبد السلام العجيلي كان نموذجًا فريدًا للأديب المثقف والطبيب الإنساني، والسياسي الواعي. عاش حياته بين الطب والأدب والسياسة، لكنه ظلّ وفيًّا للكلمة الصادقة التي تعبّر عن الإنسان والمجتمع. ترك وراءه تراثًا أدبيًا ثريًا يُخلّد التجربة السورية والعربية في القرن العشرين، ويُظهر أن الأدب يمكن أن يكون علمًا، وفكرًا، ورسالة إنسانية في آن واحد.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire