انتاج كتابي حول رحلة إلى مدينة توزر
خلال عطلة الربيع الماضية، قرّرت عائلتي القيام برحلة إلى مدينة توزر في الجنوب التونسي، وهي مدينة معروفة بواحاتها الواسعة ونخيلها الباسق وجوّها الصحراوي الساحر. انطلقنا في الصباح الباكر، وقد كانت الطريق طويلة، ولكنّ الحماس والفرحة سيطرا علينا طوال الرحلة، خاصّة عندما اقتربنا من الجنوب وبدأت رائحة الصحراء الدافئة تصل إلى أنوفنا.
عند وصولنا إلى مشارف المدينة، استقبلتنا مساحات كبيرة من النخيل تمتدّ إلى الأفق، فشعرتُ بأنّني في عالمٍ مختلف تمامًا عمّا اعتدت رؤيته في مدينتي. وما إن نزلنا من السيارة حتى أحسسنا بحرارة الشمس القوية، لكنّ نسيم الجنوب اللطيف جعل الجوّ مريحًا وممتعًا.
أوّل مكان زرناه كان إحدى الواحات القريبة من المدينة. منظر النخيل الطويل وهي تحيط بالمياه الجارية كان ساحرًا إلى درجة أنّني وقفتُ أتأمّله دقائق طويلة دون أن أشعر بالوقت. جلسنا تحت ظلّ نخلة كبيرة لنتناول الفطور، وكان الهدوء الذي يملأ المكان يمنح شعورًا عميقًا بالراحة والطمأنينة.
بعد ذلك، أخذنا والدي في جولة داخل الصحراء، حيث زرنا الكثبان الرملية التي ترتفع مثل جبال صغيرة ذهبية اللون. كنتُ أركض فوق الرمال الناعمة فتغوص قدماي فيها، وكنت أضحك كلما حاولت الصعود إلى أعلى الكثبان ثم انزلاقها بسرعة. أمّا السماء فكانت صافية بدرجة مدهشة، وكأنّها لوحة زرقاء كبيرة لا حدود لها.
وعند منتصف النهار، شعر الجميع بالجوع، فتوجّهنا إلى واحة أخرى لتناول الغداء. فرشنا مائدة بسيطة قرب جدول ماء صغير، وسمعنا صوت خريره ينساب بين الحجارة. شاهدنا أيضًا بعض الحيوانات التي تعيش في الواحة، مثل الطيور التي كانت تحلّق فوق رؤوسنا بحثًا عن الغذاء.
وبعد الأكل، قمنا بجولة قصيرة داخل المدينة القديمة، حيث شاهدنا البيوت التقليدية المبنية بالطين، كما تجوّلنا في الأسواق التي تُعرض فيها التحف المصنوعة من الخشب والنحاس والجلد. توقّفنا لشراء بعض الهدايا، مثل تماثيل صغيرة للجِمال وزجاجات تحتوي على رمال ملوّنة مرسومة بشكل فني رائع.
في طريق العودة إلى الفندق، كان التعب قد بدأ يظهر علينا، لكنّ جمال المدينة جعلني أتمنّى أن يبقى ذلك اليوم أطول. وعندما غابت الشمس خلف النخيل، اكتسى المكان بلون برتقالي ساحر، وشعرتُ بأنّ هذا المنظر سيبقى محفورًا في ذاكرتي.
كانت رحلتي إلى توزر تجربة لا تُنسى، فقد اكتشفتُ فيها جمال الصحراء وهدوء الواحات وطيبة أهل الجنوب. وأدركتُ أنّ تونس بلد غنيّ بالمناطق الرائعة التي تستحقّ الزيارة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire