vendredi 28 novembre 2025

شرح نص الحياة عبث - بكالوريا آداب - الرواية العربية

شرح نص الحياة عبث

التقديم :

نص «الحياة عبث» مأخوذ من حديث «الحق والباطل» من كتاب حدث أبو هريرة قال لمحمود المسعدي، يعرض فيه الكاتب تجربة أبي هريرة الوجودية وهو يسترجع ذكرى موت أخته في طفولته، وما ولّدته من حيرة وشكّ في معنى الحياة والعدل الإلهي.

الموضوع :

يصف الراوي لقاءه بأبي هريرة في حالة وجوم وغمّ، فيقصّ عليهم قصة أخته المريضة التي ماتت صغيرة، فتكون تلك الحادثة منطلقًا لتأمّله في قسوة الوجود وانتهائه إلى القول بأن الحياة عبث، مع بقاء تردّد خفيّ بين اليأس والأمل.

التقسيم :

  1. الخبر الإطار: اجتماع معَن وأبي المدائن وحرب عند أبي هريرة وملاحظة وجومه وغمّه وحديثه الغريب (من «كنت أنا وأبا المدائن…» إلى «ستسمعون خبرا غريبا»).

  2. الخبر المضمَّن: قصة الأخت المريضة وطفولته معها ومرضها المتكرّر ووفاتها وأثر ذلك في نفسه (من «كانت لي بين السادسة والتاسعة…» إلى «هو الله»).

  3. الخاتمة الوجودية: عودته إلى الحاضر وبكاؤه وشربه، ثم تصريحه بأن الحياة عبث مع تردّد في الحكم (إلى نهاية النص).

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم والتحليل :

1- الخبر الرئيسي هو اجتماع الأصدقاء بأبي هريرة يوم الجمعة وملاحظتهم تغير حاله وحديثه عن رؤيته للحياة، أمّا الخبر المضمّن فهو قصة أخته المريضة التي لم تعش سوى ثلاث سنين وموتها وما خلّفته من جرح في نفسه.

2- قصة الأخت تمثّل السبب الباطنيّ لحالة أبي هريرة النفسية والفكرية في الحاضر؛ فهي تفسّر غمّه وحيرته، وتبرّر تحوّله إلى القول بعبث الحياة، أي أنها تعليل للأزمة الوجودية التي يكشفها الخبر الرئيسي.

3- من علامات الراوي العليم: «كنا نعلمه غريب الأطوار»، «أدركنا فيه همًّا باطنًا»، «ثقل علينا وأعدانا من غمّه». هذه العبارات تكشف اطّلاعه على باطن الشخصيات لا ظاهرها فقط، ووظيفتها تقريب القارئ من العالم الداخلي لأبي هريرة وتوضيح أبعاد أزمته الوجودية.

4- كان أبو هريرة في حالة وجوم وغمّ وحزن عميق: «فوجدناه… فأطرق وسجا»، «أدركنا فيه همًّا باطنًا»، «وهو على وجومه كالممتلئ بكاء لا ينفجر»، «ثقل علينا وأعدانا من غمّه»، كما أنه لا يمدّ يده إلى الطعام ويكثر من الشرب والبكاء.

5- أبو هريرة شخصية مضطربة قلِقة منطوية على جرح قديم وأسئلة وجودية، بينما معن وأبو المدائن وحرب شخصيات عادية واقعية أقرب إلى السكينة، تكتفي بالتعاطف والنصح والصلاة. يجمعهم الودّ والصحبة، ويفرّقهم عمق التجربة الوجودية التي ينفرد بها أبو هريرة وحده.

6- الإطار الزماني: «كل يوم جمعة عند الظهر» مع استرجاع زمن الطفولة «بين السادسة والتاسعة من عمري». الإطار المكاني: بيت أبي هريرة (الفناء، المائدة) والمسجد. هذه الأطر تضفي طابعًا حميميًا ودينيًا على اللقاء، وتبرز المفارقة بين قداسة الزمان والمكان وبين الحيرة التي تعصف بنفس أبي هريرة.

7- القضايا الوجودية: معنى الحياة والموت، مشكلة الألم البشري، العدل الإلهي، العلاقة بين القضاء والقدر واختيار الإنسان، وحدود الحسّ في تحقيق السعادة. موقف أبي هريرة منها موقف حائر متذبذب؛ فهو لا يسلّم تسليمًا كاملاً بالقضاء بل يبكي منه، ويرى الحياة عبثًا دون أن يقطع بذلك نهائيًا.

8- قوله «شر ما في الدنيا أن الحياة عبث، بل لا أدري لعله خير ما فيها» يجمع بين حكم تشاؤمي ورجعة شكّية. فهو يرى في الوهلة الأولى أن الحياة بلا معنى، ثم يتردّد فيحسّ أن وعيه بعبثها قد يكون دافعًا إلى البحث عن معنى أصدق؛ وهذا التردّد يحجب وراء التشاؤم أملًا خفيًا في إمكانية الفهم والخلاص.

النقاش :

9- يتفق الناقدان في أن أبا هريرة يعيش تجربة وجودية حادّة قوامها الحيرة والاضطراب، لكن عبد العزيز الهاني يركّز على مسألة العدل الإلهي وموت الأخت بوصفهما أصل هذه الحيرة، في حين يشدّد توفيق بكّار على شعوره بـالعبث واللاجدوى حتى لم يعد يرى في الحياة سوى «وجه حقّ باطل» يحرقه ويقوده إلى البكاء والشراب.

بمناسبة هذا النص :

10- «ارتد على الهواء رصاصًا» توحي بأن الفضاء الذي كان خفيفًا منفتحًا صار ثقيلاً خانقًا جارحًا كالطلقات، و«ارتد البصر ظلامًا» توحي بانطفاء النورين الخارجي والداخلي معًا، أي فقدان الرؤية الحسية واليقين الروحي في آن واحد.

11- في «كالممتلئ بكاء لا ينفجر» يجتمع المحسوس (الامتلاء والبكاء) بالمجرّد (الكبت والألم الداخلي)، وفي «أحبّها حبّ الشياطين للشرّ» يجتمع المحسوس (الشياطين والشرّ) بالذهني (التعلّق الشديد الغريب). في التشبيهين يتحوّل الشعور النفسي إلى صورة ملموسة، فيقرب المعنى المعقّد إلى ذهن القارئ ويبرز قوّة الانفعال.

12- «العبث» فلسفيًا هو إحساس الإنسان بعدم التناسب بين توقه إلى معنى ثابت وبين عالم لا يقدّم تفسيرًا مقنعًا للألم والموت، فيبدو الوجود بلا غاية واضحة، فتغدو الحياة حركة بلا جدوى مؤكدة ولا عدل منظور.

13- من معجم الحيرة والقلق كلمات مثل: غمّ، وجوم، ظلام، بكاء، ارتجّ، أصدى، لا أدري، عبث، الملل، الكلل. هذا المعجم يكشف تزعزع إيمان أبي هريرة ببعض القناعات التقليدية حول القضاء والقدر والعدل الإلهي؛ فهو ممزّق بين التسليم بأن ما حدث «قضاء» وبين رفض ألم طفلة بريئة، مما يعكس صراعًا بين الجبر والاختيار في ضميره.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire