mercredi 26 novembre 2025

شرح نص الفلسفة والشريعة - بكالوريا آداب - أبو حيّان التوحيدي

شرح نص الفلسفة والشريعة

التقديم :

نصّ «الفلسفة والشريعة» مأخوذ من كتاب «الإمتاع والمؤانسة» لأبي حيّان التوحيدي، يعرض فيه موقف أستاذه أبي سليمان المنطقي من العلاقة بين الفلسفة والشريعة في إطار مسامرة مع الوزير البويهي ابن سعدان، مبيّنًا حدود كلّ من الوحي والعقل.

الموضوع :

يبين النص تمييز أبي سليمان بين مجال الشريعة المبنية على الوحي ومجال الفلسفة المبنية على العقل، داعيًا إلى عدم الخلط بينهما مع الانتفاع بهما دون أن يهدم أحدهما الآخر.

التقسيم :

  1. من «إن الفلسفة حق…» إلى «…وما شاكل هذا»: مقارنة تفصيلية بين صاحب الشريعة وصاحب الفلسفة في المصدر والصفة والمنهج واللغة.
  2. من «ويقول أيضًا…» إلى نهاية النص: بيان موقف أبي سليمان من كيفية التعامل مع الفلسفة والدين وحدود كلّ منهما.

الإجابة عن الأسئلة :

أوّلًا: الفهم والتحليل

1- تقوم المقارنة على طرفين هما صاحب الشريعة وصاحب الفلسفة؛ الفقرة الأولى مخصّصة لعرض أوجه الاختلاف بينهما، والفقرة الثانية لبيان الموقف العملي من الجمع بين التديّن والتفلسف وحدود العلاقة بين المجالين.

2- مصدر المعرفة عند صاحب الشريعة هو الوحي: «مخصوص بالوحي»، «أُمرتُ وعُلّمتُ»، «قال الله تعالى وقال الملك»، أمّا عند المتفلسف فمصدرها العقل والبحث: «مخصوص ببحثه»، «رأيتُ ونظرتُ واستحسنتُ واستقبحتُ»، «قال أفلاطن وسقراط». صفة صاحب الشريعة أنّه «مبعوث» و«مكفيّ»، في حين أنّ الفيلسوف «مبعوثٌ إليه» و«كادح». أمّا المنهج فدينيٌّ يقوم على «ظاهر تنزيل وسائغ تأويل وتحقيق سنّة واتفاق أمة»، وفلسفيّ يعتمد مصطلحات مثل «الهيولى، الصورة، الطبيعة، الأسطقس، الذاتي، العرضي».

3-

مجال المقارنة صاحب الشريعة صاحب الفلسفة
المصدر الوحي الإلهي: «مخصوص بالوحي»، «قال الله تعالى». العقل والبحث: «مخصوص ببحثه»، «نور العقل أهتدي به».
صفة صاحب العلم «مبعوث» إلى الناس، «مكفي» بما أوحي إليه، يقول: «أُمرتُ وعُلّمتُ». «مبعوث إليه»، «كادح» في الطلب، يقول: «رأيتُ ونظرتُ واستحسنتُ واستقبحتُ».
المنهج واللغة يعتمد التنزيل والتأويل والسنّة واتفاق الأمّة؛ لغته دينية مألوفة عند المسلمين وأهل الملل. يعتمد النظر العقلي والمصطلحات الفلسفية كـ«الهيولى، الصورة، الأسطقس…» التي لا تُستعمل في الخطاب الديني.

4- أبو سليمان لا يسعى إلى دمج الشريعة بالفلسفة بل إلى الفصل المنهجي بينهما مع عدم التعارض؛ يدلّ على ذلك قوله: «من أراد أن يتفلسف فيجب أن يُعرض بنظره عن الديانات، ومن اختار التدين فيجب عليه أن يعرّض بعنايته عن الفلسفة»، ثمّ يوضّح أنّه «لا يهدم أحدهما بالآخر» ولا «يجحد ما ألقى إليه صاحب الشريعة»، مما يعني احترام المجالين مع إبقائهما متمايزين.

5- يتجلّى المنزع العقلي في بناء النص على المقارنة المنطقية بين مجالين، وفي تحليل مصدر المعرفة وصفة صاحبها ومنهجه، وفي استعمال مفاهيم فلسفية دقيقة، وفي تحديد حدود العقل حين يقول إنّ الفلسفة «مأخوذة من العقل المقصور على الغاية» مقابل الديانة المأخوذة من «الوحي الوارد من العلم بالقدرة».

ثانيًا: النقاش

6- قول أبي سليمان «الفلسفة مأخوذة من العقل المقصور على الغاية» يعني أنّ الفلسفة تعتمد على عقل بشري محدود لا يحيط إلّا ببعض الغايات، ولذلك لا يستطيع أن يستقلّ عن الوحي في كلّ مجالات المعرفة، خاصة ما يتعلّق بالغيبيات والتشريع، وهو ما ينسجم مع الفكر الإسلامي الذي يمنح العقل دور الفهم والاستدلال دون أن يرفعه إلى مرتبة الوحي.

ثالثًا: بمناسبة هذا النص

7- الحقل المعجمي: يتّصل مجال العقل بألفاظ مثل: «رأيت، نظرت، استحسنت، استقبحت، كادح»، ويتصل مجال النقل بألفاظ مثل: «أُمرت، عُلّمت، قيل لي، مكفي».

8- النحو: الجمل في النصّ طويلة مركّبة متوالية بالعطف، وهو طول يلائم أسلوب المقارنة لأنّه يسمح بعرض صفات الطرفين في تراكيب متوازية من نوع «هذا يقول… وهذا يقول…»، فيظهر التقابل بوضوح.

9- البحث (الحكمة والشريعة): في نصوص الفلاسفة المسلمين كالفارابي وابن رشد يُقرَّر أنّ الحكمة والشريعة حقّان متّفقان في الجوهر وإن اختلفا في الطريق؛ وهذا يلتقي مع موقف أبي سليمان في تمييز المجالين وعدم تعارضهما، مع اختلاف في الدرجة بين من يميل أكثر إلى التوفيق ومن يشدّد على الفصل المنهجي.

10- المعجم (كلمة «عقل»): تَرِدُ «العقل» في النصّ مرّة بوصفه «نورًا يُهتدى به»، ومرّة بمعنى ميزان يُقاس به ما «يَبعُد في عقلِه»، ومرّة كمصدر للفلسفة «مأخوذة من العقل»، ومرّة باعتباره قدرة محدودة «المقصور على الغاية»، ممّا يبيّن تنوّع دلالاته بين الأداة والمصدر والقدرة المحدودة.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire