شرح نص لم خلا علمُ النجوم من الفائدة؟
التقديم :
هذا النص لأبي حيّان التوحيدي من كتاب «المقابسات» يدور في مجلس علمي يجتمع فيه عدد من الأئمة في شتّى الفنون، ويتناول فيه الكاتب مكانة بعض العلوم النافعة في حياة الناس والدولة، في مقابل موقفه الرافض لعلم النجوم القائم على التنجيم وادعاء كشف الغيب.
الموضوع :
يبرز الكاتب فوائد العلوم النافعة كالطبّ والنحو والفقه والحساب والبلاغة والهندسة في حفظ نظام المجتمع والدولة، ثم يقيم الحجة على عقم علم النجوم وعجزه عن تغيير الواقع أو جلب نفع ودفع ضرر.
التقسيم :
-
من بداية النص إلى «وكانوا نهبى لكل يد» : تفصيل منافع العلوم والصناعات وبيان أثرها في قوام الإنسان والدولة.
-
من «وليس علم النجوم كذلك» إلى «ولا القريب بعيدًا» : بيان عجز علم النجوم عن التأثير في الحوادث ونفي فائدته العملية.
-
من «ولهذا روى الصالحون» إلى نهاية النص : الاستشهاد بأقوال الثوري وذي شروان لتأكيد بطلان التنجيم وتغليب التوكل والعقل.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم والتحليل :
1- يقوم النص على مقارنة بين علوم نافعة (الطب، النحو، الفقه، الشعر، الحساب، البلاغة، الهندسة…) تُقوّم حياة الفرد والمجتمع وتضمن نظام الدولة، وبين علم النجوم الذي يُقدَّم بوصفه علماً بلا ثمرة عملية ولا أثر في تغيير مجرى الأحداث.
2- استعمل الكاتب التعداد المتتابع بـ«وكذلك…»، وأساليب التعليل وذكر الغاية، والأمثلة العملية مثل «به صحت المعاملة وقامت الدولة» و«رفع الخلاف وإقناع الخصم»، كما اعتمد المقابلة بين كثرة المنافع وغياب الفائدة، فدعّم بذلك سيرورة البرهنة على قيمة تلك العلوم.
3- فضائل العلوم تتمثل في حفظ الصحة، وتقويم اللسان، وتحقيق العدل، والتأثير في النفوس، وضبط المال والديوان، وإقامة الحجة والإقناع؛ والغرض من تفصيلها هو إظهار أن هذه المعارف ضرورية لاستقامة العمران، تمهيدًا لنفي الجدوى عن علم النجوم وإسقاط منزلته.
4- خلا علم النجوم من الفائدة عند المحاج لأنّ صاحبه مهما بلغ من معرفة الأوضاع الفلكية لا يملك قلب الإقامة سفرًا ولا الهزيمة ظفرًا ولا دفع نائبة ولا تقريب بعيد؛ وقيمة هذه الحجج أنها تُظهر عجز التنجيم عن الفعل في الواقع، فتبطل دعواه في كشف الغيب والتصرّف في الحوادث، من غير إنكار لمجرد معرفة مسير الكواكب كمعرفة نظرية.
5- قول الثوري «أنت تغدو بالاستشارة وأنا أغدو بالاستخارة» يدلّ على تفضيل التوكل على الله وطلب الهداية منه على استشارة الكواكب، والخلفية العقائدية هي عقيدة التوحيد التي تجعل الأمر والنهي والرزق والقدر بيد الله وحده لا بأيدي النجوم والمنجّمين.
6- عبارة كسرى «صوابه شبيه بالحدس وخطوه شديد على النفس» تعني أن إصابة المنجّم إن وقعت فليست إلا ظنًا واتفاقًا، وأن الاعتماد على أحكامه يورث القلق والاضطراب؛ ودلالتها الحضارية والسياسية هي رفض تسليم شؤون الحكم للتنجيم، والدعوة إلى بناء القرار على العقل والتجربة والتدبير الرشيد بدل الخرافة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire