تعبير حول منزل عتيق - وصف منزل عتيق
كان في آخر الحيّ منزل عتيق يلفت الأنظار بقدمه وروعته. ورغم أنّ الزمن ترك بصماته على جدرانه، إلا أنّه ظلّ شامخًا كأنه يحكي قصصًا لا تنتهي عن أجيال تعاقبت على سكناه. كانت جدرانه السميكة تحمل لونًا باهتًا يميل إلى الأصفر، وتغطي بعض زواياه تشقّقات رقيقة تشبه خطوط الزمن على وجه شيخ حكيم.
عندما تقترب من الباب الخشبي الكبير، تشمّ رائحة الماضي؛ رائحة الخشب القديم الممزوجة بعطر الذكريات. يفتح الباب بصوت خافت يشبه أنينًا لطيفًا، كأنه يرحّب بالزائر ويخبره بأنّ بين هذه الجدران حكايات محفوظة لا يعرفها إلا من عاش فيها.
في داخل المنزل، تمتدّ ساحة واسعة تغمرها أشعة الشمس المتسلّلة من فتحة السقف. تتدلّى من الأعمدة حبال قديمة كانت تُعلّق عليها الأسر ثيابها في الماضي، وتتحرك بخفّة كلما هبّ نسيم خفيف. وعلى إحدى الزوايا، توجد نافذة صغيرة بإطار خشبي، كانت تُطلّ يومًا على حديقة صغيرة امتلأت الآن بالأعشاب البرية.
أرضية المنزل مرصوفة بحجارة غير متساوية، تعطي المكان جمالًا خاصًا. وكل خطوة داخل المنزل تصدر صوتًا خفيفًا يزداد جمالًا في الهدوء. وفي أحد الغرف، تقف خزانة قديمة بلون داكن، تحمل فوقها غبار السنين، لكنها تحفظ في داخلها أشياء صغيرة تركها أصحاب البيت السابقون: مصباح قديم، كتاب مهترئ، وصورة بالأبيض والأسود لأسرة تبدو سعيدة.
ورغم قدم المنزل، إلا أنّه يملك روحًا دافئة. فإذا جلست في وسطه، تشعر كأنك تستمع إلى حكاية طويلة عن طفولة مرّت، وعن ضحكات كانت تملأ المكان، وعن نساء كنّ يطبخن في المطبخ، ورجال يجلسون في الساحة يتبادلون الحديث في أمسيات الصيف.
وفي المساء، حين تتسلل أشعة الغروب داخل الغرف، يتحوّل المنزل العتيق إلى لوحة فنية تجمع بين الضوء والظل، وتذكّر الزائر بأنّ الأشياء القديمة لا تفقد قيمتها، بل تزداد جمالًا كلما مرّ الزمن.
وفي الختام، يمكن القول إنّ المنزل العتيق ليس مجرد حجارة وجدران، بل هو ذاكرة حيّة تحفظ قصص من عاشوا فيه، وتذكّرنا بأنّ الماضي جزء ثمين من حياتنا لا يجب أن ننساه.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire