mercredi 26 novembre 2025

شرح نص عربدة في الجنان - بكالوريا آداب - رسالة الغفران

شرح نص عربدة في الجنان

التقديم :

نصّ «عربدة في الجنان» مأخوذ من «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعرّي، وهو مقطع قصصيّ حواريّ يعتمد السرد والتخييل، يجمع بين شخصيّات شعريّة من الجاهليّة في فضاء الجنّة، ليصوّر خصومةً أدبيّة ساخرة بين الأعشى والنابغة الجعدي بحضور ابن القارح.

الموضوع :

يقدّم النصّ خصومةً أدبيّة متخيَّلة في الجنّة بين شاعرين جاهليّين تتحوّل من مفاخرة شعريّة إلى هجاء وسباب، قبل أن يتدخّل ابن القارح مصلحًا، فيكشف المعري من خلالها عن دوام العصبيّة البشريّة وسخريته من غرور الشعراء حتى في عالم النعيم.

التقسيم :

  1. من بداية النصّ إلى سؤال النابغة عن «الرباب» : تقديم المجلس وبداية الخصومة حول «الرباب» وتعدّد دلالتها في الشعر.

  2. من ردّ الأعشى على النابغة إلى ضربه بالكوز : احتدام السجال وتحوّل المطارحات إلى هجاء وسباب والمباهاة بالأصل والشجاعة والشعر.

  3. من قول الراوي «فيقول – أصلح الله به…» إلى نهاية المقطع : تدخل الراوي وابن القارح لفضّ النزاع وبيان أن العربدة لا تليق بالجنّة مع لمحة موعظة أخيرة.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم والتحليل

1- يتصاعد النسق من مجلس هادئ وسماع غناء وذكر «الرباب» إلى خصومة حادّة بين الشاعرين تمتدّ للهجاء والضرب، ثمّ ينحدر نحو الهدوء بتدخّل ابن القارح وتنبيه الراوي إلى قدسيّة الجنّة وضرورة الكفّ عن العربدة.

2- موضوع الخلاف هو «الرباب» المذكورة في الشعر: هل هي امرأة واحدة أم نساء متعدّدات، ومن أقدر الشاعرين على توظيفها شعريًّا. أثار السارد هذه القضية ليحيي التنافس الشعريّ القديم في إطار قصصيّ ساخر يفضح غرور الشعراء.

3- تأزّم الحوار حين اتّهم النابغة الأعشى بالكفر والفاحشة وردّ الأعشى باتّهامه بالجبن واحتقار نسبه وقومه؛ فاستُخدمت معاني الهجاء المرتبطة بالعار الدينيّ والخلقيّ وبالجبن وضعف الحسب. تحوّلت المطارحات إلى سباب لأنّ العصبيّة القبليّة والأنفة الشعريّة غلبتا على روح النقاش الأدبيّ.

4- تعود الخصومة في أساسها إلى العصبيّة القبليّة وإلى كبرياء الشاعرَيْن وحرص كلٍّ منهما على إثبات تفوّقه في الشعر والنسب والشجاعة، ممّا يجعل أيّ خلاف صغير ذريعة لصراع عنيف.

5- أسند السارد إلى ابن القارح دور الوسيط المصلح الذي يذكّر الندماء بحرمة الجنّة وخطر رفع أخبارهم إلى الجبّار، واختار له أسلوب الوعظ اللطيف والتنبيه إلى مصير آدم ليُعيد الهدوء إلى المجلس.

6- أوقف السارد تصاعد الحوار قبل أن يتشعّب إلى حكايات أخرى لأنّ غايته ليست بناء رواية طويلة، بل تقديم مشهد قصصيّ مكثّف يخدم فكرة السخرية من غرور الشعراء، ويحافظ على وحدة الرحلة القائمة على لقطات قصيرة متتابعة.

7- يتجلّى الخيال في جمع شعراء جاهليّين أموات في مجلس واحد بالجنّة واستمرار خصوماتهم كأنّهم في الدنيا، وفي استعمال أدوات الجنّة (كالكوز الذهبيّ) في الشجار؛ أمّا الجانب المضحك فهو تناقض سلوكهم الصاخب مع مقام الجنّة الهادئ، وما في هجائهم المتبادل من مبالغة وتهكّم.

8- تبدو الجنّة في النصّ مجلس نعيم فيه شراب وغناء وحوار، لكنّها ليست ساكنة بل فضاء تُنقل إليه النزعات البشريّة من خصام وعصبيّة؛ ومقصد المعري إبراز أنّ الإنسان لا يتخلّى عن طبعه بسهولة، وأنّ النعيم لا يمنع السقوط في الصراعات ما لم تُصلَح النفوس.

النقاش

9- جنة الغفران لا تشبه الجنّة الساكنة التي استغربها التوحيدي؛ فهي جنة حركة وسماع وغناء وجدال وخصومات، وفيها مواقف طريفة كعربدة الشعراء وضربهم بعضهم بعضًا، ممّا يدلّ على أنّ المعري يصوّر نعيمًا مصحوبًا بنشاط بشريّ لا ينقطع، لا مجرّد أكل وشرب بلا عمل، ويجعل من هذا التصوير وسيلةً ساخرة لنقد الإنسان وسلوكه.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire