vendredi 28 novembre 2025

فقرة حجاجية حول محور المرأة - تاسعة أساسي

فقرة حجاجية حول محور المرأة - تاسعة أساسي 

إنَّ الإشهار من أخطر الوسائل الحديثة التي أسهمت في تحقير المرأة واستغلالها وهدم مكاسبها، حتى غدا من الأسوأ ما يواجهه وضعها الاجتماعي اليوم. ففي زمنٍ قطعت فيه المرأة أشواطًا مهمّة في مجالات التعليم والعمل والحقوق المدنية، ما تزال الإعلانات التجارية تقدّمها في صورة سطحية تختزلها في الجسد وتجرّدها من قدراتها العقلية وقيمتها الإنسانية. ويكفي أن نطالع بعض الوصلات الإشهارية لنلاحظ كيف يُقدَّم جمال المرأة أو جسدها كشرط للنجاح أو كوسيلة لترويج سلع لا علاقة لها بها، وهو ما يُعزّز ثقافة استهلاكية تختزل قيمتها في المظهر، وتُهمّش كفاءتها المهنية ودورها الحقيقي في المجتمع.

ولم يقف الإشهار عند هذا الحد، بل تجاوز مجرّد تزييف الصورة إلى استغلال مباشر يخدم أهداف البيع على حساب كرامة المرأة وحقوقها. إذ تُزجّ النساء في مواقف ترويجية مثيرة لا تمتّ لواقعهنّ أو هويتهنّ بصلة، ممّا يرسّخ لدى الجمهور نظرة مشوّهة حول حضور المرأة وحدود قدراتها. وقد لخّصت الباحثة أولجا فارونينا هذا الانحراف بقولها: "أما في الإعلانات فكثيرا ما يتمّ الإعلان عن البضاعة باستخدام رموز أو مواقف مثيرة و في تسعين بالمائة من الحالات يكون الطعم هو جسد المرأة."، وهو تصريح يبيّن بوضوح حجم الاستغلال الذي تتعرّض له.

وخلاصة القول أنّ الإشهار، بدل أن يكون وسيلة تنوير ورافدًا من روافد المساواة والتمكين، تحوّل إلى قوة تُرسّخ الصور النمطية وتُهدّد 
المكاسب التي حقّقتها المرأة عبر عقود من النضال، ممّا يستوجب مراجعة جذرية لخطابه وأساليبه حتى يستعيد دوره الحضاري الحقيقي.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire