شرح نص الجبر والاختيار
التقديم :
يتناول هذا النص مقطعًا من كتاب «الإمتاع والمؤانسة» لأبي حيّان التوحيدي، يعرض فيه حوارًا بينه وبين الوزير ابن سعدان حول كتاب العامري «إنقاذ البشر من الجبر والقدر» ومسألة الجبر والاختيار في الفكر الإسلامي، فيقدّم التوحيدي تقييمًا للكتاب، ثم يفسّر سبب اختلاف الناس في هذه القضية وينتهي إلى بيان موقفه من التصدّي للعامة.
الموضوع :
يعرض النص حوارًا حول مسألة الجبر والاختيار يفسّر من خلاله التوحيدي اختلاف المواقف من الأفعال الإنسانية ويبيّن سبب رفضه مخاطبة العامة في هذه القضايا.
التقسيم :
-
من بداية الحوار إلى «اقتسما جميع الباحثين عنهما» : تقديم كتاب العامري وتقييم التوحيدي له والتنبيه إلى استمرار الخلاف في الجبر والقدر.
-
من «فكان من الجواب أن من لحظ الحوادث…» إلى «فهذا هذا» : تفسير اختلاف الناظرين بين الجبر والاختيار بحسب زاوية النظر إلى الأفعال.
-
من «قال: هذا فن حسن…» إلى نهاية النص : انتقال الحديث إلى القصص وبيان موقف التوحيدي من التصدّي للعامة وطلب رضاهم.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم والتحليل :
1- ينقسم النص إلى ثلاث وحدات: الأولى لعرض كتاب العامري والحكم عليه، الثانية لتفسير اختلاف المواقف من الجبر والاختيار تبعًا لاختلاف زاوية النظر إلى الأفعال، الثالثة لبيان موقف التوحيدي من القصص والعامة؛ ومعياري في التقسيم هو تغيّر القضية المطروحة في كل جزء وتطوّر الحوار.
2- أثار ابن سعدان موضوع الجبر والاختيار لأنه سمع بكتاب العامري وأراد أن يعرف رأي التوحيدي في مضمونه وفي هذه المسألة الدقيقة، وهذا يدل على اهتمامه بالفكر واختباره لثقافة التوحيدي، وهو موقف إيجابي وسليم في نظري.
3- فسّر التوحيدي الخلاف بأن من ينظر إلى الحوادث من جهة صدورها عن مشيئة الله يقرّ بالجبر، ومن ينظر إليها من جهة مباشرة الإنسان لها واكتسابه لها يثبت الاختيار والمسؤولية؛ وقد اعتمد أسلوبًا حجاجيًا تحليليًا يقوم على التقسيم والموازنة بين الموقفين، ولم يحسم الخلاف لأن بلوغ الحقيقة في هذا الباب ليس متاحًا للجميع فبقي الجدل قائمًا.
4- جواب التوحيدي في آخر النص متّصل بالموضوع الرئيس لأنّه يربط عمق مسألة الجبر والاختيار بطبيعة المخاطَب؛ فهو يرفض التصدّي للعامة في مثل هذه القضايا لأنه يرى أن مخالطتهم تفسد العقل والأخلاق وتدفع إلى الرياء طلبًا لرضاهم.
5- اقترح الوزير على التوحيدي أن يتصدى للقصص إعجابًا بفنه في السرد وقدرته على التأثير في السامعين، غير أنّ التوحيدي رأى في ذلك نوعًا من التعميم والخلط بين الخاصة والعامة فرفضه وعدّ التشبّه بالعامة نقيصة.
النقاش :
يعدّ الخوض في قضية الجبر والاختيار مهمًّا من جهة العقل لأنها تحدّد علاقة قدرة الله بالفعل الإنساني، وتُبنى عليها تصوّرات العقيدة والأخلاق والسياسة، لذلك يحتاج العقل إلى النظر فيها لفهم معنى المسؤولية والثواب والعقاب.
يرتبط الاختيار بالحرية والمسؤولية ارتباطًا وثيقًا؛ فبقدر ما يكون الإنسان قادرًا على اختيار أفعاله بإرادته يكون حرًّا، وبقدر حريته يكون مسؤولًا عمّا يفعل، مستحقًّا للجزاء أو للعقاب، فلا مسؤولية حقيقية من دون حرية واختيار.
0 commentaires
Enregistrer un commentaire