تعريف عبد الحميد جودة السحّار – أديب وروائي وكاتب مصري
عبد الحميد جودة السحّار (1913-1974) هو أديب وروائي مصري بارز، يُعد من أهم أعلام الأدب العربي الحديث في القرن العشرين. قدّم إسهامات متميّزة في مجالات الرواية، القصة، وأدب السيرة الدينية، إضافةً إلى أعماله في كتابة السيناريو التلفزيوني والسينمائي. اتسمت كتاباته بالبساطة والعمق، وبالقدرة على التعبير عن حياة الإنسان العربي وقيمه الروحية والاجتماعية.
1- السيرة الذاتية والنشأة
وُلد عبد الحميد جودة السحّار في 25 أبريل 1913 بالقاهرة، في أسرة مصرية مهتمة بالثقافة والتاريخ الإسلامي. تلقّى تعليمه في مصر، ودرس في كلية التجارة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). منذ طفولته، أبدى اهتمامًا كبيرًا بالقراءة، خاصة في التاريخ والدين، ما ساهم في تكوين خلفيته الفكرية التي ظهرت بوضوح في أعماله الأدبية لاحقًا.
بدأ مسيرته في عالم الأدب من بوابـة الكتابة الصحفية والأدبية، قبل أن يتجه لإصدار روايات وكتب دينية تُبرز قدرة بارزة على تبسيط السيرة والأحداث التاريخية بأسلوب أدبي جذّاب.
2- أهم إنجازاته الأدبية والفكرية
1- الرواية الأدبية
تميّز السحّار بأسلوب واقعي إنساني في رواياته، حيث تناول المجتمع المصري بقضاياه الاجتماعية والإنسانية، مركّزًا على الطبقات الشعبية وحياة الناس البسطاء.
من أهم رواياته:
"بنت السلطان": رواية اجتماعية تعكس معاناة الفرد أمام الصراع بين القيم والطموحات الشخصية.
"أم العروسة" و "آباء وأبناء": قدّم من خلالهما نقدًا اجتماعيًا رقيقًا لواقع الأسرة المصرية وتقاليدها، وقد تحولا لاحقًا إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية ناجحة.
2- الكتابات الدينية والتاريخية
يُعد السحّار من أبرز كتّاب السيرة الدينية في العالم العربي، فقد تمكن من تقديم قصص الأنبياء والسيرة النبوية بأسلوب سلس يناسب جميع الفئات العمرية، ويجمع بين الدقة التاريخية واللغة الأدبية الراقية.
من أهم كتبه الدينية:
"قصص الأنبياء"
"سيرة الرسول للأطفال"
"رجال حول الرسول"
وقد كان لهذه الأعمال دور كبير في تقريب القصص الدينية إلى الناشئة والمثقفين على حدّ سواء.
3- السينما والدراما
كان للسحّار حضور بارز في عالم السينما والدراما المصرية، إذ كتب العديد من السيناريوهات التي أصبحت علامات في تاريخ الشاشة المصرية.
من أشهر أعماله في التلفزيون والسينما:
المشاركة في كتابة مسلسل "على باب زويلة"
تحويل رواياته إلى أفلام ومسلسلات ناجحة مثل: "أم العروسة"
3- الرؤية الأدبية والفنية
آمن السحّار بأن الأدب هو وسيلة للتربية الفكرية والوجدانية، وبأن الكاتب مسؤول عن إيصال الحقيقة بصورة قريبة من المجتمع، مع الحفاظ على القيم الإنسانية والدينية.
اتسمت أعماله بـ:
الأسلوب السهل الممتنع
الاهتمام بالأسرة العربية وقيمها
تناول التاريخ الإسلامي برؤية إنسانية وجدانية
التوازن بين الواقع والخيال في بناء الشخصيات والأحداث
ركز في كتاباته على الأدب الهادف الذي يجمع بين المتعة والمعرفة، منطلقًا من إيمانه بأن القراءة يجب أن تكون تجربة تثري العقل والروح معًا.
4- التأثير والإرث
ترك عبد الحميد جودة السحّار إرثًا أدبيًا كبيرًا في الأدب العربي، خاصة في مجال أدب السيرة والدراسات الدينية المبسّطة. كان من أوائل من قدّموا التاريخ الإسلامي بأسلوب تربوي أدبي سهل، مما جعله مصدرًا تربويًا وثقافيًا لأجيال متعاقبة.
أسهمت أعماله في تشكيل الوعي الثقافي والديني لدى الكثير من القرّاء في الوطن العربي، وما تزال كتبه تُقرأ وتُدرّس إلى اليوم، نظرًا لقيمتها الأدبية والتاريخية.
الخاتمة
يُعتبر عبد الحميد جودة السحّار نموذجًا حيًا للأديب المثقف الذي جمع بين الفكر والأخلاق، وبين الأدب والرسالة الإنسانية. بفضل تنوّع إنتاجه الأدبي والدرامي، وتفرّده في صياغة السيرة النبوية والقصص الديني، ظلّ اسمه حاضرًا في سجل الأدب العربي الحديث. وقد أسهمت أعماله في إثراء المكتبة العربية وإضاءة دروب المعرفة لدى الأجيال المتعاقبة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire