samedi 8 novembre 2025

الدرس الأول في البلاغة : أركان عملية التخاطب - أولى ثانوي

الدرس الأول في البلاغة : أركان عملية التخاطب - أولى ثانوي 

أركان عمليّة التخاطب

إنّ التخاطب عملية إنسانية راقية، تقوم عليها العلاقات بين الناس، وتُبنى بها الجسور بين العقول والقلوب. ولا يتحقق التواصل التام إلّا بتوافر مجموعة من العناصر الأساسية التي تشكّل بنيان الخطاب وركائزه.

1 ـ المرسل (المتكلّم)

هو الطرف الذي يُطلِق الخطاب، فيختار أفكاره وينسج عباراته، ويصوغ رسالته موجّهًا إياها إلى المتلقّي، فهو مصدر الكلام وباعثه.

2 ـ المستقبل (المتلقي)

هو من يتلقّى الرسالة ويجتهد في فهم معانيها وتأويلها، مستعينًا بمعارفه وبالسياق العام للخطاب.

3 ـ الرسالة

وهي جوهر الخطاب ومضمونه، تتضمن المعلومات أو المشاعر أو التوجيهات التي يرغب المرسل في إيصالها إلى المتلقي.

4 ـ القناة (الوسيلة)

الطريق أو الوسيط الذي تنتقل عبره الرسالة؛ قد تكون صوتية كالكلام، أو مكتوبة كالرسائل والنصوص، أو بصرية كالإشارات.

5 ـ النظام اللغوي (اللغة)

هو الأداة التعبيرية التي يُصاغ بها الكلام، ويتكوّن من مفردات وقواعد ورموز مشتركة بين الطرفين، تضمن وصول المعنى بصورة سليمة.

6 ـ المقام (السياق)

ظروف التخاطب وملابساته من زمان ومكان وحال، وهو الذي يساعد على فهم الرسالة وتحديد مقاصدها على نحو أدق.

 7- تطبيق توضيحي

قال الشاعر مخاطبًا صديقه:

يا صديقي إن أصابك الحزنُ يومًا
فلا تبكِ فالدنيا دارُ ابتسامٍ ولقاء

التحليل:

المرسل: الشاعر.
المخاطَب: الصديق.
الرسالة: دعوة إلى الصبر والتفاؤل وتجنّب الحزن.
اللغة: عربية فصيحة.
الوسيلة: نصّ شعري مكتوب.
المقام: مقام النصح والتوجيه.

الوظائف الثانوية للتخاطب

لا يقتصر الخطاب على نقل المعلومات فحسب، بل يؤدي وظائف إضافية تُثري التواصل وتعزّز تأثيره.

1 ـ الوظيفة التعبيرية (العاطفية)

يعبر من خلالها المتحدث عن مشاعره الداخلية من حبّ أو فرح أو حزن أو خوف.
مثال:
"أحبك حبًّا صادقًا"
هنا يظهر انفعال الشاعر وعاطفته.

2 ـ الوظيفة التأثيرية (الإقناعية)

يستعملها المتحدث لتوجيه المتلقي أو إقناعه بفكرة أو دفعه إلى سلوك معيّن.
مثال:
"فلنزرع الأمل في قلوبنا قبل أن نزرع الورود في الحقول"
دعوة إلى التفاؤل وغرس الأمل.

3 ـ الوظيفة الجمالية (الإمتاعية)

تُبرز جمال الأسلوب وروعته، من خلال الصور البلاغية والتشبيهات والإيقاع.
مثال:
"النجوم تلمع كاللؤلؤ في سماء الليل"
وصف بديع يثير الخيال ويُمتع السامع.

الخاتمة

إنّ فهم أركان التخاطب ووظائفه ضرورة لا غنى عنها لمن يريد أن يعبّر ببلاغة، ويصغي بوعي، ويتواصل بنجاح. فاللغة ليست كلماتٍ نُطلقها فحسب، بل هي فنٌّ وفكرٌ وروحٌ تنبع من الإنسان لتصل إلى الإنسان.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire