موضوع انشاء منجز حول الحرب مع الحجج والاقوال - تاسعة اساسي
المقدمة
شهد العالم منذ فجر التاريخ حروبًا وصراعات لا تُعدّ ولا تُحصى، ولا يزال وقعها يتردّد في ذاكرة البشرية إلى اليوم. فالحرب، وإن بدت للبعض مظهرًا من مظاهر القوة والبطولة، تظلّ في حقيقتها نارًا لا تبقي ولا تذر، تلتهم البشر والحجر وتُخلّفُ الخراب والدموع في كل مكان. وللأسف، نرى بعض الشباب في عصرنا ينبهرون بصور القتال والدبابات والطائرات، فيجمعون صور الأسلحة ويُتابعون أخبار المعارك وكأنّها أفلام مشوقة، غير مدركين أنّ وراء هذه المشاهد آلامًا ودمارًا لا يمكن للأقلام وصفه ولا للصور تجسيده. وقد كان صديقي أحد هؤلاء، فقررت مواجهته ومساعدته على إدراك حقيقة الحرب وويلاتها.
الجوهر
زرت صديقي ذات يوم فوجدت جدران غرفته مغطاة بصور الطائرات المقاتلة والدبابات ووسائل الدمار، فظننت للحظة أنني في متحف حربي لا في غرفة شاب مراهق. كان يتحدّث عن الأسلحة بنبرة إعجاب، معتقدًا أنّ الحرب رمز للقوة والسيطرة. عندها أدركت أنّ عليه أن يفهم الحقيقة المؤلمة وراء هذه الصور البراقة، فجلست أكلّمه بهدوء قائلاً:
"يا صديقي، إنك ترى الحديد ولا ترى الدم، وتنظر إلى الدبابة ولا ترى خلفها آلاف الأرواح المهدورة."
ثم بدأت أقدّم له حججي واحدة تلو الأخرى، مبينًا أن الحرب ليست بطولة بل كارثة إنسانية. قلت له:
"انظر إلى التاريخ! الحرب العالمية الثانية خلفت أكثر من سبعين مليون قتيل، وقنبلة هيروشيما وحدها محَت مدينة كاملة في لحظات وخلّفت تشوّهات وآثارًا مأساوية لأجيال لاحقة. وفي زماننا هذا، ألا ترى ما يحدث في سوريا؟ مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين، ومدن كانت تنبض بالحياة صارت ركامًا. ألا تتذكر رواندا حين سقط أكثر من 800 ألف قتيل في أسابيع قليلة؟"
ثم انتقلت إلى التأثيرات النفسية وقلت:
"الحرب لا تقتل الجسد فقط، بل تذبح الروح أيضًا. فالأطفال الذين يكبرون في ظلّ أصوات القنابل يفقدون الأمان ويفقدون القدرة على الثقة في العالم. يعيشون صدمات نفسية و اضطرابات قد ترافقهم مدى الحياة، كالخوف المرضي والاكتئاب وصدمة ما بعد الحرب. فما ذنب طفل كان حلمه لعبة أو كتابًا، فإذا بالحرب تحوّل حلمه إلى صرخة خوف؟"
وأضفت موضحًا الجانب الاجتماعي:
"الحرب تمزّق المجتمعات وتشتّت العائلات، وتزيد معدلات الجريمة نتيجة ضياع الاستقرار. إنها تُحوِّل المدن إلى مخيمات للاجئين، وتثقل كاهل الدول بالمشاكل الاجتماعية والاقتصادية. ألم تشاهد صور العائلات التي تُضطر للهجرة عبر البحر بحثًا عن وطن آمن؟"
ثم أشرت إلى الدمار البيئي قائلاً:
"حتى الطبيعة لا تنجو من بطش الحرب. فالقنابل تلوّث الهواء، والأسلحة الكيميائية تسمّم الماء، والغابات تُحرق فتختفي مصادر الغذاء. تصبح الأرض التي كانت مهد حياة، مقبرةً لا تصلح إلا للبكاء."
وعزّزت كلامي بالأقوال الشهيرة، فقلت:
"قال أينشتاين: لا أعلم بأي أسلحة ستُخاض الحرب العالمية الثالثة، لكن الرابعة ستُخاض بالعصي والحجارة. وهنا رسالة واضحة: الحرب تدمر الحضارة وتعيد الإنسان إلى نقطة الصفر. وقال غاندي أيضًا: يجب على البشرية أن تضع حدًا للحروب قبل أن تضع الحرب حدًا للبشرية. فهل نحتاج إلى دليل أوضح؟"
وأكملت:
"حتى القادة الذين عاشوا الحرب لم يفتخروا بها؛ قال ونستون تشرشل: الحرب لعبة يمكن أن يلعبها الجميع، لكن لا أحد يفوز بها. وقال نابليون: الحرب مأساة يستخدم فيها الإنسان أفضل ما لديه ليتفادى أسوأ ما يصيبه. فهل بعد هذا تُعجبك صور الدبابات؟"
عندها رأيت ملامح وجه صديقي تتغيّر، ونبرة الإعجاب تتحوّل إلى دهشة وحيرة. قال بصوت خافت:
"لم أكن أرى إلا القوة في الحرب، أما الآن فقد رأيت دموع الشعوب وآلام الأبرياء."
ابتسمت وقلت:
"القوة الحقيقية ليست في القدرة على القتل، بل في القدرة على بناء السلام. قال جون كينيدي: إما أن تضع البشرية حدًا للحرب، أو تضع الحرب حدًا للبشرية."
الخاتمة
وفي الختام، أدرك صديقي أن الحرب ليست رمزًا للمجد والقوة، بل جرحًا مفتوحًا ووصمة عار في جبين الإنسانية. فالحياة التي تُبنى بالسلام أرقى وأسمى من حياة تُلطّخ بدماء الأبرياء. علينا نحن الشباب أن نكون رسل سلام، ودعاة علم وتعاون، لا أسرى لصور الدمار. فالسلام طريق الحضارة والتقدم، والحرب طريق الخراب والزوال.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire