تعريف الكاتب مارون عبود
مارون عبود (1886 – 1962) كاتب وأديب لبناني بارز، يُعدّ من أبرز الأسماء التي أسهمت في إثراء الأدب اللبناني والعربي خلال القرن العشرين. جمع في إنتاجه بين الشعر والرواية والمقالة الأدبية والدراسات الثقافية، وكان له حضور متميز في الفكر العربي الحديث، مسلطًا الضوء على قضايا الإنسان والوطن والهوية الثقافية.
1- السيرة الذاتية
وُلد مارون عبود في قرية عين كفاع بجبل لبنان عام 1886. أبدى منذ صغره ميولًا أدبية، وتفوق في اللغة العربية، حتى أنه أصدر في عامه الدراسي الأخير مجلة أدبية صغيرة أطلق عليها اسم "الصاعقة". بدأ بكتابة القصائد، ونشرت بعض أعماله في جريدة "الروضة"، ما دلّ على موهبة مبكرة واهتمام بالغ بالكلمة.
التحق بعد ذلك بمدرسة مار يوحنا مارون، إلا أنه رفض الاستمرار فيها بعد أربع سنوات لأن والده كان يهدف إلى إعداد حياته الكهنوتية، وهو ما رفضه مارون رفضًا قاطعًا. لاحقًا، التحق بمدرسة الحكمة حيث أمضى سنتين من الدراسة، ووجد فيها بيئة خصبة لتفتح مواهبه الأدبية، واحتكّ بزملاء مولعين بالشعر مثل رشيد تقي الدين وأحمد تقي الدين وسعيد عقل.
2- المسيرة الأدبية والإبداعية
امتدت مسيرة مارون عبود الأدبية لأكثر من نصف قرن، أسهم خلالها في إثراء المكتبة العربية بما يزيد عن ستين مؤلفًا، تشمل الرواية والشعر والدراسات الثقافية، إضافة إلى ترجماته لبعض الأعمال الفرنسية. وقد تُرجمت بعض قصصه وأقاصيصه إلى الروسية والفرنسية، ما أبرز أثره خارج لبنان.
أهم أعماله المطبوعة:
العواطف اللبنانية إلى الجالس على السدة الرسولية (1909)
كريستوف كولومب (1910)
عرّب روايتي "أتالا" و"رينيه" لشاتوبريان (1910)
الإكليروس في لبنان، مجنون ليلى (1912)
ربّة العود، تذكار الصبا، رواية الحمل (1914)
أشباح القرن الثامن عشر (1924)
الأخرس المتكلّم، توادوسيوس قيصر (1925)
وجوه وحكايات، زوبعة الدهور (1945)
على المحك، الرؤوس، زوابع (1946)
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف (الجزء الأول والثاني، 1949-1950)
روّاد النهضة الحديثة، الأمير الأحمر، أمين الريحاني (1952-1953)
بديع الزمان الهمداني، جدد وقدماء (1954)
سبل ومناهج، أحاديث القرية، حبر على ورق، على الطائر (1955-1957)
قبل انفجار البركان، نقدات عابر، أدب العرب (1958-1960)
أعماله المخطوطة:
العجول المسمّنة، الشبح الأبيض، الانتقام الرهيب، الأسيران
علوم اللغة العربية، التاريخ الطبيعي، علم الكيمياء، علم الجيولوجيا، علم الزراعة الحديثة
التقشف والبذخ، كتاب المخدة
3- الرؤية الأدبية والفكرية
كان مارون عبود أديبًا متعدد الاهتمامات، امتزجت في كتاباته الرؤية النقدية بالفكر الفلسفي، والروح الوطنية بالبعد الإنساني. آمن بأن الأدب أداة لتنوير العقول وبناء الوعي، وكان ناقدًا للتقاليد الجامدة التي تقيد حرية الإنسان، محافظًا في الوقت نفسه على جذور الثقافة العربية. كما عكست قصائده الوطنية والمجتمعية حبّه العميق للوطن والإنسان، وتطلعه لعصر من الحرية والتقدم.
4- الجوائز والأوسمة
نال مارون عبود تقديرات عدة من لبنان وخارجه، تقديرًا لمسيرته الثقافية والأدبية المتميزة:
وسام المعارف من الدرجة الأولى (لبنان)
وسام الأرز من رتبة فارس وضابط (لبنان)
وسام الاستقلال من الدرجة الثانية (شرقي الأردن)
الوسام المجيدي (السلطنة العثمانية)
وسام القبر المقدس (القدس)
الوسام البابوي (روما)
وسام الشرف والمؤسسات الأكاديمية الفرنسية
كما حاز على جائزة رئيس الجمهورية اللبنانية عام 1960 اعترافًا بجهوده الأدبية والفكرية.
5- اللغات والقصائد
تعلم مارون عبود ثلاث لغات: السريانية، العربية، والفرنسية، مما أتاح له القدرة على الاطلاع على التراث الأوروبي والعربي والغربي. ومن أبرز أعماله الشعرية قصيدته عن ابنه "محمد"، التي جمعت بين الوطنية والفكر الإنساني، وأظهرت جرأته في نقد التقاليد والتأكيد على الانتماء العربي والهوية المستقلة.
6- الوفاة والإرث
توفي مارون عبود في العام 1962 عن عمر يناهز السابعة والسبعين. ورغم رحيله، ترك إرثًا هائلًا من الكتب والمخطوطات، ترك بصمة واضحة في الفكر اللبناني والعربي، وجعل اسمه رمزًا للمعرفة والجرأة الأدبية والفكرية. أعماله تمثل مرجعًا للأدب والثقافة والتاريخ، وتظل متميزة بعمقها وشموليتها وجمال أسلوبها.
الخاتمة
مارون عبود كان أديبًا ومفكرًا حرًّا، جمع بين الفكر والخيال، بين النقد والإنسانية، وبين التمسك بالهوية العربية والانفتاح على العالم. يبقى إرثه الأدبي والفكري منارة للقراء والكتاب، وشاهداً على عبقرية أديب عاش للثقافة والكلمة الحرة.
.png)
0 commentaires
Enregistrer un commentaire