شرح نص إنَّ هذا للأغنياء... هذا للكبار
التقديم :
هذا النصّ مقتطف من الفصل الثاني لمسرحية اجتماعية حوارية، يدور بين الإسكاف والخمّار وبعض الشخصيات الثانوية حول حدث غريب هو بيع السلطان بالمزاد، فيكشف نظرة الناس إلى السلطة، ويُعرّي واقع التفاوت الطبقي بين الفقراء والأغنياء في المدينة.
الموضوع :
يصوّر النصّ سخرية الناس من بيع السلطان بالمزاد، مبرِزًا أنّ امتلاك السلطان حلم بعيد عن الفقراء وامتياز محصور في يد الأغنياء والكبار.
التقسيم :
-
من بداية النصّ إلى قول الإسكاف: «لا يكفي لشراء إصبع من أصابعه...»
- حوار الإسكاف والخمّار حول جدوى شراء السلطان واستغلال وجوده في حانوتيهما.
-
من: «انظر ... ها هي ذي جموع الناس...» إلى نهاية النصّ
- مشهد دخول الجموع وتعليقات الرجلين والطفل وأمّه على حدث بيع السلطان.
الإجابة عن الأسئلة :
أوّلاً: الفهم
التحوّل في الضمائر وحركة النص
1- أرصد في حوار الإسكاف والخمّار تحوّل المتكلّم من استخدام ضمير «أنا» إلى استخدام ضمير «نحن». ما دلالة ذلك التحوّل؟
يبدأ الإسكاف الكلام بضمير «أنا» معبّرًا عن همّه الفردي، ثمّ يتحوّل إلى «نحن» حين يجمع نفسه
مع الخمّار وسائر الفقراء، فيدلّ ذلك على انتقاله من التفكير الذاتي الضيّق إلى وعيٍ جماعيّ
يُدرك من خلاله أنّ المشكلة ليست مشكلته وحده بل مشكلة طبقة اجتماعية كاملة لا تملك ثمن السلطان.
2- في النصّ مشاهد. حدّدها وبيّن العلاقة بينها.
المشهد الأوّل: حوار بين الإسكاف والخمّار حول شراء السلطان وكيفية الانتفاع به.
المشهد الثاني: دخول الجموع (رجال، نساء، أطفال) وحديثهم عن بيع السلطان، خاصة حوار الطفل مع أمّه.
العلاقة بينهما أنّ المشهد الثاني امتداد ونتيجة للمشهد الأوّل: فبعد النقاش بين الحرفيَّين
تنتقل الكاميرا إلى الشارع لتُظهر تفاعل باقي الناس مع الحدث نفسه.
3- بيّن أهمّية هذه المشاهد في التمهيد لحدث بيع السلطان.
هذه المشاهد تُمهّد لحدث بيع السلطان لأنّها:
- تُعرّفنا بموقف الحرفيَّين (الإسكاف والخمّار) من السلطان ومن فكرة شرائه.
- تُظهر شغف الناس وفضولهم وهم يتدفقون إلى مكان البيع.
- تخلق جوًّا من الانتظار والتوتّر يجعل المتلقّي متشوّقًا لوقوع الحدث المسرحيّ الأساسي.
4- ما وظيفة الإشارة الركحية الواردة مباشرة بعد حوار الخمّار والإسكاف؟ ولِم خلا النصّ من إشارات معبّرة عن الأحوال؟
الإشارة الركحية: «(الجموع من رجال ونساء وأطفال تتجمع وتلغط بالكلام...)» وظيفتها أن:
- تنقلنا من حوار ثنائيّ إلى مشهد جماعيّ حيّ تتحرّك فيه الشخصيات الثانوية.
- تُجسّد ردّ فعل الناس على خبر بيع السلطان وتُبرز البعد الشعبيّ للحدث.
وخلوّ النص من إشارات تفصيلية عن الأحوال يفسَّر برغبة الكاتب في تركيز الاهتمام على الحوار والمعاني وترك مجال أوسع للمخرج ليختار ما يناسبه من حركات وإيماءات على الركح.
الأقوال والمواقف
5- ما علاقة سجلات الكلام المستخدمة في الحوار بواقع الشخصيات؟ بيّن ذلك.
سجلات الكلام تعكس بدقّة مواقع الشخصيات الاجتماعية:
- الإسكاف يستعمل لغة بسيطة صريحة فيها شكاية من الفقر، فتُجسّد وضعيته كحِرَفيّ بسيط محدود الموارد.
- الخمّار يتكلّم بلغة فيها حيلة وتجاريب وتفكير في الربح، فتُعبّر عن عقليّة التاجر الذي يحسن استغلال الفرص.
- الطفل وأمّه لغتهما عفويّة، فتُظهر براءة الطفل وعجز الأمّ عن تحقيق رغبته، وهو ما يعبّر عن وضع عامة الناس.
هكذا ترتبط سجلات الكلام مباشرة بواقع الشخصيات المهنيّ والاجتماعيّ وتساعد على تمييزها عن بعضها.
6- عيّن أوجه الطرافة في حوار الشخصيات، وكيف تُفسَّر الطرافة مع الجمع بين الهزل في الحوار والجدّية في الموقف؟
من أوجه الطرافة:
- اقتراح الخمّار أن يجلس السلطان في الحانوت ليقصّ على الزبائن مغامراته.
- فكرة الإسكاف في وضع لافتة «هنا تُباع أحذية السلطان» لاستمالة الزبائن.
- إلحاح الطفل على أمّه أن تشتري له السلطان كأنّه لعبة.
هذه المواقف مضحكة، لكنّها تقع داخل وضع خطير وجادّ هو بيع الحاكم وكأنّه سلعة، فيفسَّر الجمع بين الهزل والجدّ بأنّ الكاتب يعتمد السخرية وسيلة لانتقاد الواقع السياسي والاجتماعي من غير مباشرة ثقيلة.
ثانياً: التوظيف
7- ما معنى أن يكون اشتراء السلطان عند شخصيات النصّ وقفًا على الأغنياء والكبار أو هو حلم جميل لا غير؟
معنى ذلك أنّ السلطان، رمز السلطة والحكم، ليس في متناول الفقراء، فهو امتياز يحتكره الأغنياء
وأصحاب النفوذ، أمّا البسطاء فلا يملكون إلاّ أن يحلموا به حلمًا لا يتحقّق. فالمال في هذا العالم
هو الذي يتحكّم في السلطة ويقرّر من يملكها ومن يُقصى عنها.
توظيف الإشارات الركحية في حوار الإسكاف والخمّار (نماذج مقترَحة):
يمكن مثلاً:
- أن يُكتب قبل كلام الإسكاف: (يجلس على مقعد خشبي قديم، ينظر إلى حانوت فقير، يلوّح بيده متحسّرًا).
- وقبل كلام الخمّار: (يمسح كؤوسًا زجاجية، يبتسم ماكرًا، يقترب من الإسكاف وهو يلوّح بيده).
- وعند اقتراح استغلال السلطان للدعاية: (ينهض الخمّار متحمّسًا، يرسم بيده في الهواء شكل اللافتة).
هذه الإشارات تساعد المتلقّي والممثّل على رؤية الانفعالات والحركة المصاحبة للحوار.
ثالثاً: التقويم
8- هل ترى شخصيات النصّ الثانوية ضرورية لفهم المسرحية؟ علّل جوابك.
نعم، فشخصيات الرجلين، والطفل، والأمّ، وبقيّة الجموع ضرورية لأنّها:
- تُجسّد ردّ فعل الشعب على بيع السلطان.
- تُوسّع دائرة الحدث من حوار بين شخصين إلى قضية جماعية تمسّ المجتمع كلّه.
- تبرز اختلاف النظرات إلى السلطان بين الكبار والصغار، والفقراء والأغنياء.
9- قيل: «تضاءلت قيمة الحوار الدرامية لاقتصاره على وظيفة الإخبار». ما رأيك؟
لا يمكن القول إنّ قيمة الحوار الدرامية تضاءلت؛ فالحوار وإن حمل أخبارًا عن بيع السلطان
فإنّه يتجاوز الإخبار إلى:
- كشف الشخصيات وطبائعها (بساطة الإسكاف، دهاء الخمّار، براءة الطفل...).
- التعبير عن المواقف من السلطان ومن السلطة والمال.
- تصعيد التوتّر الدرامي وتمهيد الأحداث اللاحقة.
لذلك فالحوار يمتلك وظيفة درامية وفنية واضحة، ولا يقتصر على مجرّد نقل الأخبار.
رابعاً: الاحتفاظ بـــ سجلات الكلام في النصّ المسرحي
تعتمد الشخصيات في المسرحية على سجلات كلام مختلفة (لغة الحِرَفي، لغة التاجر، لغة الطفل...) تعبّر عن مراجعها الاجتماعية، وطريقة رؤيتها للعالم، ودرجة وعيها بالواقع. ومن خلال هذه السجلات نستطيع أن نميّز بين الشخصيات ونفهم موقع كلّ واحدة منها في البناء الدرامي، كما نستكشف القيم التي يدافع عنها الكاتب وينتقدها.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire