samedi 8 novembre 2025

تعريف الشاعر قيس بن الملوّح

تعريف الشاعر قيس بن الملوّح 

قيس بن الملوّح، الشهير بلقب مجنون ليلى (24 هـ / 645م – 68 هـ / 688م)، واحد من أبرز شعراء الغزل في التراث العربي، ورمز من رموز العشق العذري الخالص الذي خُلد في الذاكرة الأدبية والوجدان العربي. عاش في بادية نجد في القرن الأول للهجرة، وخلّد اسمه بحكاية حب طاهر جمعته بـ"ليلى العامرية"، التي تحوّلت إلى أسطورة يتوارثها الأدب العربي جيلاً بعد جيل.

1- النشأة والحياة

وُلد قيس في قبيلة بني عامر بن صعصعة في بادية نجد، في بيئة بدوية عامرة بالفصاحة والشعر والفخر القبلي. نما في محيط صحراوي يقدّس الكلمة ويرفع شأن الشاعر، فانبهر منذ صغره بعالم القصيد، وأبدى موهبة مبكرة في نظم الشعر، فكان لسانه مرآة لمشاعره الصادقة وحساسيته المرهفة.

تعرف على ليلى منذ طفولته، إذ كانت القرابة والمكان يجمعهما، ونشأ الحب بينهما بريئًا نقيًا، ثم تطور إلى عشق أبدي أصبح عنوان حياته ورسالته الشعرية.

2- قصة حبه الخالدة

ارتبط اسم قيس بليلى حتى صار يُعرف بـ مجنون ليلى. رفض أهل ليلى تزويجه بها رغم عشقهما المتبادل، لأسباب اجتماعية وقبلية، مما أدى إلى انفجار وجدانه وتأجّج مشاعره. فكان يتجول في الصحاري يناجي الطيف ويبوح بشوقه على لسان الريح والرمال، حتى صار رمزًا للحب العفيف، الذي لا يُدنّسه الجسد ولا تُطفئه المسافات ولا يكسره الفراق.

غذّى هذا العشق الشجي شعره، فخرجت أبياته كأنّها نواح روح وعزف قلب لا يجد عزاءً إلا في الذكرى. وظل وفيًّا لحبه حتى وفاته، فكان مثال العاشق الذي لم يساوم ولم ينسَ ولم يخضع.

3- شعره وملامح تجربته الفنية

ينتمي شعر قيس إلى الغزل العذري، غزل الصفاء الروحي والعاطفة العميقة، لا غزل الوصف الحسي. امتاز شعره بـ:

صدق العاطفة وحرارة الوجدان
جمال الصورة وبساطة التعبير
الانسياب العفوي للّغة
حضور الطبيعة كرفيقة لوحشته ومسرح لألمه
تكرار اسم ليلى في أبياته كتجسيد للعشق الأبدي

4- أثره في الأدب والتراث

ترك قيس أثرًا لا يُمحى في الشعر العربي، فكان نموذج العاشق الصادق الذي ألهم الشعراء والأدباء والأجيال اللاحقة. تحوّلت قصته إلى مادة خصبة للرواية والمسرح والسينما والموسيقى، وارتبط اسمه بقضايا الحب والوفاء والإخلاص.

ظل مجنون ليلى رمزًا عالميًا يتجاوز حدود اللغة والزمن، شبيهًا برموز الحب الكوني مثل روميو وجولييت، لكنه يبقى عربي الهوى، بدوي الروح، نبعًا عذبًا لا ينضب من العاطفة والشجن.

الخاتمة

قيس بن الملوّح ليس مجرد شاعر غزل، بل أسطورة حب خالدة، وصوت نقي خرج من قلب الصحراء ليهزّ وجدان التاريخ. ارتبط اسمه بالحب الطاهر، وارتبط شعره بدموع العاشقين ونبض المحبين. لا يزال "مجنون ليلى" رمزًا للعشق الأبدي وصدق الشعور، وشاهدًا على أن بعض المشاعر تُكتب بالروح وتعيش ما بقي الإنسان يحنّ ويشتاق.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire