mercredi 19 novembre 2025

شرح نص حاجة العقل إلى الشحن - بكالوريا آداب - الجاحظ

شرح نص حاجة العقل إلى الشحن

التقديم :

نصّ «حاجة العقل إلى الشحن» مقتطف من رسالة للجاحظ في باب طلب العلم ومنزلة العقل، ينتمي إلى النثر الحِجَاجي الفلسفي، يوجّه فيه الكاتب خطابًا تعليميًّا إرشاديًّا لطالب العلم.

الموضوع :

يبيّن الجاحظ حاجة العقل إلى التعهّد والشحن، ويضع برنامجًا عمليًّا لطلب العلم، مبرزًا شروط صحّة النظر وخصال طالب العلم المخلص.

التقسيم :

  1. من بداية النص إلى «هذا جماع هذا الباب وجمهوره...» : بيان منزلة العقل وآفاته وأسباب العلم.

  2. من «ثم من أنفع أسبابه الحفظ...» إلى «إلا بقدر جمام الطبيعة» : برنامج عملي في طلب العلم (الحفظ، التقييد، الدرس، دوام الفكرة).

  3. من «وأن تعلم أن مكان الدرس...» إلى نهاية النص : صفات طالب العلم وضرورة الإخلاص والأناة والتمييز بين مقاصد الطلب.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم والتحليل :

البنية الحجاجية

1- يطرح الجاحظ قضية حاجة العقل إلى الشحن والتعهّد، ثم يحلّلها ببيان خصائص العقل وأسباب العلم وطرائق تحصيله، لينتهي إلى موعظة عملية لطالب العلم تقوم على الإخلاص، وترتيب المعاني، واجتناب الغثّ والسخيف.

طبيعة الخطاب

2- طرفا الخطاب هما الجاحظ العالم المجرِّب، وطالب العلم أو القارئ المتلقّي؛ والعلاقة بينهما علاقة أستاذٍ بمُتعلّم تقوم على النصح والتعليم والتوجيه الأبوي.

3- من قرائن الطابع التعليمي: كثرة أوامر الإرشاد مثل «أن تعلم»، «أن تبدأ»، «أن لا تُخلي نفسك من الفكرة»، واعتماد العبارات التقريرية العامة كـ«العقل أطول رقدة من العين»، وشرح الخطوات على سبيل التقسيم والترتيب.

التعداد والترقيم

4- الإقناع قائم على التعداد مثل: «كثرة الخواطر، ثم معرفة وجوه المطالب»، «الغث والسمين، والفاسد والصحيح، والمسرع إليك والبطيء عنك»، «الحفظ لما قد حصل، والتقييد لما ورد، والانتظار لما لم يرد»، إضافة إلى حشد الأوصاف في سلاسل متراكمة تعزّز الحجة.

برنامج طلب العلم

5- برنامج الجاحظ في طلب العلم يقوم على شحن العقل بالخواطر، وحفظ ما حُصّل، وكتابة ما يَرِد، وانتظار ما لم يأت بعد، والمواظبة على الدرس، والبدء بالمهمّ الموافق للطبيعة، والاجتهاد في اختيار السمين الثمين من المعاني؛ ويتميّز هذا البرنامج بالواقعية، والتدرّج، والجمع بين الجهد العقلي والتهذيب الأخلاقي.

العقل والعلم

6- العقل أداة العلم ومنبعه؛ فـ«على قدر صحّة العقل يصحّ الخاطر»، ولا يتحقّق العلم إلا بعقلٍ سليمٍ متفرّغٍ للتفكير، منضبطٍ في خواطره، مواظبٍ على الدرس، قادرٍ على التمييز بين المعاني وترتيبها.

علاقة العلم بطالبه

7- يشترط الجاحظ في طالب العلم الإخلاص، ومحبة العلم لذاته، وتنزيهه عن التكسب والرياء، والصبر والأناة، والبدء بالمهمّ الموافق لميوله، وعدم الاشتغال بالغثّ السخيف؛ وقوله «أن تعرف فصل ما بين طلب العلم للمنافسة والشهرة وبين طلبه للرغبة والرهبة» يبيّن أن الغاية الحقة من العلم هي طلب الحقيقة والقرب من الله، لا طلب الجاه، وهو ما يلتقي مع مبادئ الاعتزال في تعظيم العقل وطلب الحقّ لذاته.

النقاش :

يرى الجاحظ أن إدراك الحقائق لا يكون إلا بالعقل؛ ويمكن الموافقة على ذلك من حيث إن العقل أداة ضرورية للفهم والنقد، غير أنّ التجربة والحسّ يكمّلان عمله، فيتعاونان على الوصول إلى الحقيقة في العلوم والفلسفة. وتجارب الدراسة اليومية تؤكّد أن من يستعمل عقله في الفهم والتحليل ينجح أكثر ممن يكتفي بالحفظ الآلي.

كما يصدق قوله «لا يجود العلم بمكنونه إلا لمن يرغب فيه ولا يعطي خالص الحكمة إلا لمن يعطيه خالص المحبة»؛ فالمتعلّم الذي يحبّ مادةً ما (كالرياضيات أو الفلسفة) ويقبل عليها بإخلاص يعود إليها، ويبحث فيها، ويصبر على صعوباتها، فيفتح له العلم أبوابه، بخلاف من يدرسها مضطرًّا من أجل الامتحان فقط فينساها سريعًا.

البلاغة :

القصر: مثل قوله «لا يعطيك خالص الحكمة حتى تعطيه خالص المحبة» إذ حصر نيل الحكمة فيمن يبادلها المحبة الخالصة، فدلّ على ضرورة الإخلاص والمبالغة في تعظيم قيمة الحبّ للعلم.

السجع والازدواج: من السجع قوله «الغثّ السمين والفاسد الصحيح»، ومن الازدواج «لا تعجل ولا تبطئ»؛ وقد أضفى هذا التوازي الصوتي إيقاعًا موسيقيًّا زاد المعاني رسوخًا في السمع والنفس.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire