شرح نص : هل الأخبار حجة ؟ – للجاحظ
التقديم :
النصّ مقطع من رسائل الجاحظ، يعالج فيه قضية معرفية تتمثل في طبيعة الحجة وما إذا كانت الأخبار قادرة على أن تكون دليلاً، فيعرض موقف الخصم ثم يبني موقفه العقلي القائم على عجز البشر عن اختلاق الأخبار المتواترة.
الموضوع :
يتناول الجاحظ في النص الدفاع عن فكرة أنّ مجيء الأخبار المتواترة حجة، ويردّ على من يحصرون الحجة في المعجزات الخارقة، معتمدًا منهجًا عقليًا يثبت أنّ استحالة تواطؤ الناس تجعل التواتر دليلًا قاطعًا.
التقسيم :
-
رأي الخصم (1–5): حصر الحجة في المعجزة الخارقة.
-
دحض الجاحظ (5–12): تمييز الخبر من مجيئه وبيان العجز.
-
ترسيخ أطروحة الحجة بالعجز (12–النهاية).
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم والتحليل :
1
اعتمد الجاحظ خطة جدلية تقوم على عرض رأي الخصم، ثم دحضه بالعقل، ثم بناء موقف بديل يقوم على أنّ الحجة هي ما يعجز البشر عن فعله، ومنه مجيء الأخبار.
2
يرى الخصم أنّ الحجة لا تكون إلا معجزة خارقة، ولا يوافقه الجاحظ، إذ يوسّع المفهوم ليجعل كل ما يعجز عنه البشر—حسيًا أو معنويًا—حجة.
3
تمييزه بين الخبر ومجيئه زاد الإقناع لأنه أظهر أنّ التواتر ليس من صنع البشر ولا يمكن اصطناعه، فهو بذلك يشبه المعجزة في العجز.
4
القضية هي: هل الأخبار حجة؟ الخصم يحصر الحجة في الخارق الحسي، والجاحظ يجعلها كل ما يعجز عنه البشر بما فيه تواتر الأخبار.
5
الخبر يكون حجة إذا كان متواترًا، صادرًا عن جماعات مختلفة، مستحيل التواطؤ، موحدًا في المضمون، وغير خاضع لاختيار البشر.
6
الخطاب جدلي سجالي، يظهر عبر ضمائر المخاطب (فإن قال قائل/قلنا) وصيغة الاعتراض والردّ، والعلاقة فيه علاقة نقاش وبرهنة.
النقاش :
موقف الجاحظ أوسع وأكثر عقلانية لأنه يجعل معيار الحجة هو العجز، وهذا ينسجم مع منهج التثبت العقلي. منهجه ما يزال صالحًا اليوم لتمييز الأخبار في عصر الإعلام، لأنه يعتمد على التعدد، والاستقلال، واستحالة التواطؤ. مفهومه للحجة قريب من التعريف المنطقي الحديث الذي يجعل الحجة مرتبطة بنتيجتها، أي بما تؤدي إليه من يقين.
اللغة :
إنما: وردت في «إنما زعمنا…» و«وإنما هو…»، والغرض منها القصر والتوكيد.
أما: استعملها للتفصيل والتوكيد في «فأما الأخبار…».
الكاف (كـ): وظيفتها التعديد والتشبيه، ما يعزز موقف الخصم ثم يُبطله الجاحظ.
الحقل المعجمي لـ"خبر": صدور، تواتر، نقل، رواية، يقين.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire