lundi 15 décembre 2025

إنتاج كتابي حول ذهاب إلى السوق

إنتاج كتابي حول ذهاب إلى السوق

في صباحٍ صافٍ من أيام الربيع، خرجتُ رفقة أفراد عائلتي لشراء بعض المستلزمات من إحدى المغازات الكبرى. استيقظتُ باكرًا على غير عادتي، فقد كنتُ أرتقب هذا اليوم بشوق كبير، وكنتُ أتخيّل منذ الليلة الماضية كيف سنمشي بين الأزقّة والشوارع المزدحمة.

ما إن صعدنا إلى السيارة حتى بدأتُ أمتع نظري بجمال الطبيعة الممتدة على جانبي الطريق، وأصغي إلى زقزقة العصافير التي كانت ترافقنا من حين إلى آخر. وبعد دقائق من السير، ظهرت أمامنا مشارف المدينة، وكانت شوارعها الطويلة مستقيمة كأنها خيوط فضية تمتد بلا نهاية.

كان الباعة قد نشروا سلعهم هنا وهناك: فواكه متراصّة، خضر طازجة، ألعاب ملوّنة، وأصواتهم تعلو من كل جانب وهم ينادون على بضاعتهم. أمّا المغازات الكبرى فقد علّقت على واجهاتها فوانيس مضيئة تزيد المكان جمالًا وترفد النفس راحة وبهجة. وكانت روائح الفطائر الساخنة تنتشر في كل مكان، فتثير الجوع وتُنعش القلوب.

سرنا بخُطى سريعة خلف والدي، وأنا أنظر يمينًا ويسارًا مستمتعًا بحركة المارّة الذين كانوا يعبرون الطرقات في نشاط وفرح. لكن فجأة، وبدون سابق إنذار، حدث ما لم يكن في الحسبان…

انقلبت شاحنة في وسط الطريق واصطدمت بفتاة صغيرة كانت على وشك عبور الشارع. تغيّر الجو من فرح وهدوء إلى خوف وفوضى. عمّ الصراخ المكان، هذا يصيح طالبًا النجدة، وذاك يضع يديه على رأسه من شدّة الهلع، وآخر يردد كلمات لم أفهمها من شدّة الارتباك. شعرتُ بالغضب لأن السائق كان متهورًا، وبالحيرة لأنني لم أعرف ماذا يمكن أن نفعل للمساعدة.

أسرع أبي بالاتصال بسيارة الإسعاف التي وصلت في دقائق قليلة. حمل المسعفون الفتاة برفق ونقلوها إلى المستشفى. انتابتنا لحظات طويلة من القلق والخوف. وبعد ساعات، خرج الطبيب ليطمئن عائلتها، فقد قام بتضميد جراحها ووضع الجبيرة على مكان الكسر، وكانت حالتها مستقرة.

عاد الهدوء شيئًا فشيئًا، وزفّت العائلة خبر عودتها إلى منزلها وهي في صحة جيدة. تهلّلت الوجوه بالفرح كأن الفتاة وُلِدت من جديد، وشعرتُ أنا أيضًا براحة كبيرة بعد كل تلك اللحظات العصيبة.

وهكذا انتهت رحلتنا إلى السوق بدرس لن أنساه: الحذر واجب في الطريق، والتهوّر قد يغيّر لحظات السعادة إلى خوف ودموع.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire