mercredi 3 décembre 2025

شرح نص لم يبقَ إلا التسوّل - بكالوريا آداب - الشحاذ

شرح نص «لم يبقَ إلا التسوّل»

التقديم :

النص مقتطف من رواية «الشحّاذ» لنجيب محفوظ، وهو نص سردي نفسي يعرض الأزمة الروحية التي يتخبط فيها عمر الحمزاوي نتيجة انسلاخه الداخلي عن أسرته وعالمه، وتحوّل حياته إلى صراع متوتر بين الواقع الرتيب وأسئلة الوجود القاسية. يعتمد النص على الحوار والمونولوج النفسي لإبراز عمق التمزّق الروحي الذي انتهى بالبطل إلى الشعور بالعدم.

الموضوع :

يتناول النص تأزّم البطل واغترابه عن محيطه، بعد أن فقد المعنى والطمأنينة في حياته الزوجيّة والمهنية، فيحاول عبر النقاش والمتاهة النفسية أن يفهم نفسه ويسقط عن وجوده قناع النجاح الخارجي. الرمز المركزي هو «التسوّل» الذي يعكس استعارة للسعي المحموم وراء معنى باهت، وحقيقة عصيّة عن الاكتشاف.

التقسيم :

  1. مع الزوجة زينب

    • صور نفسية وخريفية تكشف موت العلاقة.
    • تضخم التوتر العاطفي وانعدام التواصل.
  2. مع مصطفى

    • نقاش حول الفن، الوجود، والمعنى.
    • محاولة فهم عمق الأزمة دون نتيجة.
  3. بوح ذاتي

    • كشف الفراغ الروحي والعدم المسيطر.
    • الدلالة الرمزية للتسوّل كبحث عن المعنى.

الفهم والتحليل :

1- تَميَّزت المقاطع بتغيّر الشخصيات والأسلوب؛ فمع الزوجة ظهرت لغة نفسية وصور خريفية توحي بالذبول والانطفاء، ومع مصطفى هيمنت المناقشة العقلية الهادئة، وفي المقاطع الداخلية تجلّى التأمل الوجودي والمواجهة مع الفراغ. هذا التنويع أبرز مراحل الأزمة ورسّخ بنية النص.

2- المقاطع النفسية موضوعها العدم، الضجر، والتيه الوجودي. وهي تضفي عمقًا على الحوار لأنها تكشف ما وراء الكلمات، فتفسر دوافع البطل وتربط الحوار باضطرابه الداخلي، مما يخدم تطور الحدث ويزيد التوتر الدرامي.

3- غايته من التجربة مع امرأة أخرى هي محاولة إحياء نفسه من الداخل والخروج من جمود العاطفة ورتابة الحياة، بحثًا عن شعور يذكّره بوجوده ويعيد المعنى المفقود، لا لمجرد رغبة أو نزوة.

4- تتحدد شخصيته عبر التقابل مع زوجته زينب الهادئة الواقعية، وصديقه مصطفى العقلاني الواعي، والمجتمع الناجح من حوله؛ فيبرز عمر شخصية قلقة، حساسة، غير متصالحة مع ذاتها، يبحث عن ما هو أبعد من الماديات والنجاح الظاهري.

5- سر أزمته افتقاره إلى يقين فكري وروحي، فهو يبحث عن “معادلة” تمنح الوجود معنى دون تأهيل أو سند معرفي، مما جعله غارقًا في شكوك لا توصله إلى حقيقة ولا ترد له طمأنينة.

6- «التسوّل» تحمل دلالة روحية وفكرية: تسوّل معنى، حب، إلهام، يقين. وهو عنوان الرواية لأن البطل شحّاذ حقيقة في عالم لا يمنحه إلا الخواء، فيتسوّل الحياة من الفن والمغامرات والقراءة والأحاسيس الفارغة.

7- غاب الحديث عن الدين لأن الأزمة ليست أخلاقية بل فكرية وروحية، فهو منقطع عن الإيمان، غارق في شكّ وجودي لا يتيح حضور الدين كحل أو كمرجع، مما زاد حيرته وضيقه.

8- ارتبط موضوع الغربة والوحدة بموت الحب داخليًا، فحين جفّت العلاقة وتحوّل الحب إلى عادة باردة، عاش البطل وحيدًا رغم وجود الأسرة، إذ صار الحب جزءًا من أزمته لا خلاصًا لها.

النقاش :

الرأي القائل إن تعاسة عمر سببها التكبر غير دقيق؛ فتعاسة الحمزاوي نابعة من عمق الأزمة الفكرية والروحية، ومن حساسيته المفرطة أمام أسئلة الوجود وضغط الحياة اليومية. بحثه عن المعنى ليس مظهرًا للتعالي بل صراعًا مع ذاته. أما الحب في تجربته فهو أقرب إلى أنانية مستترة لأنه يحوّله إلى وسيلة للخلاص، لكنه في أصله صلة بين حريتين حين يكون حيًّا ومتبادلاً. غير أن حالته تكشف حبًا ميتًا فقد دوره، فاختلط الحب بالأزمة بدل أن يكون حلًّا لها.

بمناسبة هذا النص :

«أجل» في النص حرف جواب للتصديق، ورد حين اضطر البطل إلى الاعتراف بوجود امرأة أخرى في حياته، واستعمل للتأكيد الحتمي دون تردّد. أما قوله: «هو مستعد أن يجود لها بكلّ غال تحت شرط أن تحرّره» ففيه أثر للتركيب الأجنبي، والصواب في العربية «شريطة أن» أو «على شرط أن».

0 commentaires

Enregistrer un commentaire