mercredi 10 décembre 2025

وصف الواحة في الصحراء

وصف الواحة في الصحراء 

في أحد أيام الربيع ، قررت مع عائلتي أن نقوم برحلة قصيرة عبر الصحراء. كان الطريق طويلًا وممتدًا أمامنا مثل بساط أصفر لا نهاية له. كانت الشمس عالية في السماء، ترسل أشعتها القوية على الرمال فتجعلها تلمع كأنها ملايين الحبات الذهبية. ومع كل خطوة كنت أشعر بحرارة الصحراء تزداد، حتى بدا لي أن الهواء نفسه أصبح ساخنًا.

وبينما كنت أنظر حولي إلى هذا الفراغ الواسع، بدأت أشعر بالتعب. لم يكن هناك شيء سوى الكثبان الرملية الصامتة التي تتغير أشكالها بفعل الرياح. لكن فجأة، وبعد ساعات من السير، رأيت شيئًا يلمع في الأفق. في البداية ظننته مجرد سراب من سراب الصحراء، لكن كلما اقتربنا منه، بدأت ملامحه تتضح شيئًا فشيئًا.

كانت تلك واحة جميلة، تقف وسط الصحراء كمعجزة صغيرة. أحسست حينها وكأن قلبي عاد ينبض بقوة، وسرت في جسدي نسمة أمل. ركضت نحوها وأنا أنادي عائلتي، وكل خطوة كنت أسمع فيها صوت الرمال يتناثر تحت قدمي كأنه يرحّب بي.

حين وصلنا إلى الواحة، رأيت أشجار النخيل الطويلة تقف شامخة، تهتز أوراقها الخضراء بهدوء وكأنها تلوّح لنا. كانت الظلال تحتها واسعة وباردة، فجلست تحت إحداها مباشرة وأنا أشعر بأنني هربت من حرارة لا تُحتمل إلى عالم من الراحة والسكينة.

وفي وسط الواحة كانت هناك بركة ماء صافية، تبدو كمرآة كبيرة تعكس لون السماء الأزرق وصفاء النخيل. اقتربت من الماء، ولمست سطحه بأصابعي فشعرت ببرودته تنعشني. شربت من الماء وأنا أشعر وكأن الحياة تعود لي من جديد. سمعت خرير الماء يجري بلطف، وكان ذلك الصوت كاللحن الجميل وسط الصمت الذي يحيط بالصحراء.

رأيت طيورًا صغيرة تحوم فوق البركة ثم تنزل لتشرب، وسمعت صدى أجنحتها وهي ترفرف. حتى الحيوانات الصغيرة كانت تأتي من بين الرمال لتجد في الواحة ملجأ آمنًا. بدت الواحة كأنها قلب نابض بالحياة وسط أرض جافة.

بدأت أتمشى بين أشجار النخيل، وأراقب ثمارها البنية التي تتدلّى في عناقيد كبيرة. كان النسيم الذي يمر بين الأشجار يحمل رائحة الأرض الرطبة والماء، وإنصاتي لهذا المزيج من الأصوات والروائح جعلني أشعر بأنني في مكان سحري، بعيد كل البعد عن حرارة الصحراء القاسية.

وقفتُ على حافة الواحة، ونظرت إلى الرمال الممتدة حولها. بدا المشهد وكأن الطبيعة رسمته بعناية: صحراء صامتة، وواحة تنبض بالحياة، مثل شمعة مضيئة في ليل طويل. أحسست حينها أن الواحة ليست مجرد مكان، بل رسالة أمل تقول إن الحياة يمكن أن تولد حتى في أصعب الظروف.

وعندما حان وقت العودة، شعرت بالسعادة لأنني شهدت هذا الجمال الخفي في وسط الصحراء. بقيت صورة الواحة في ذهني كذكرى لا تُنسى، وكأنها مكان سحري لا يظهر إلا لمن يتعب ويصبر.
الواحة في الصحراء

0 commentaires

Enregistrer un commentaire