mercredi 10 décembre 2025

تعريف جون بول سارتر

تعريف جون بول سارتر 

جون بول شارل أيمارد سارتر(1905-1980) هو فيلسوف، روائي، كاتب مسرحي، وناقد سياسي فرنسي، ويُعدّ من أبرز مفكري القرن العشرين ومن مؤسّسي الفلسفة الوجودية الحديثة. تميّز بغزارة إنتاجه الفكري والأدبي، وبمواقفه السياسية الجريئة، التي جعلته رمزًا للحرية الفكرية والدفاع عن الإنسان. كان تأثيره واسعًا في الفلسفة، الأدب، والسياسة، وقد شكّل مع سيمون دو بوفوار ثنائيًا فكريًا بارزًا في الفكر الأوروبي المعاصر.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلد سارتر في 21 يونيو 1905 في باريس، وفقد والده في سن مبكرة، فعاش مع والدته وجده الذي كان له أثر كبير في تشكيل وعيه وثقافته. درس في مدرسة الأساتذة العليا بباريس (ENS)، إحدى أهم المؤسسات الفكرية الفرنسية، وتخصّص في الفلسفة.

منذ شبابه، كان قارئًا نهمًا ومفكرًا حرًّا، تأثر بالفلسفة الألمانية، خاصة بظاهراتية هوسرل ووجودية هايدغر. خلال الحرب العالمية الثانية، تعرّض للأسر كجندي فرنسي، ليبدأ بعدها نشاطًا فكريًا وسياسيًا مكثّفًا جعله أحد أبرز الوجوه الثقافية في أوروبا.

2- أبرز إنجازاته الأدبية والفكرية

1- الفلسفة

سارتر هو المنظّر الأبرز للوجودية الإنسانية. تقوم فلسفته على فكرة الحرية المطلقة ومسؤولية الإنسان عن أفعاله وصنع مصيره.

"الوجود والعدم" (L’Être et le Néant)
العمل الفلسفي المؤسس لأفكاره. تناول فيه الحرية، الوعي، الاختيار، والقلق الوجودي. يُعتبر هذا الكتاب أحد أبرز أعمال الفلسفة الحديثة.
"الوجودية مذهب إنساني" (L’existentialisme est un humanisme)
نصّ شهير قدّم فيه الوجودية للجمهور بطريقة مبسّطة، مركّزًا على أن الإنسان يصنع قيمه بنفسه وأنه مسؤول عن ذاته والعالم.

2- الرواية

كتب سارتر روايات فلسفية أظهرت الإنسان في صراعه مع نفسه ومع العالم.

"الغثيان" (La Nausée)
روايته الأشهر، تجسّد فيها حالة الاغتراب واللاجدوى التي يعيشها الإنسان في عالم غير منسجم.
"طرق الحرية" (Les Chemins de la Liberté)
ثلاثية روائية تناولت قضايا الحرية، الالتزام، ومواجهة المصير خلال الحرب العالمية الثانية.

3- المسرح

كان المسرح عند سارتر وسيلة لتجسيد أفكاره الوجودية في صور درامية قوية، تعتمد على التوتر النفسي والصراع الأخلاقي.

"الأبواب المغلقة" (Huis Clos)
مسرحية تأمّل في الجحيم النفسي بين البشر، وفيها العبارة الشهيرة:
"الجحيم هو الآخرون".
"الذباب" (Les Mouches)
مسرحية رمزية عن التمرّد والخلاص الإنساني مستوحاة من الأساطير اليونانية.

4- النشاط السياسي والفكري

كان سارتر مثقفًا ملتزمًا، يؤمن بأن المفكر يجب أن يكون طرفًا في قضايا عصره. كتب في الصحافة، وشارك في الحركات الطلابية، ودافع عن حقوق الإنسان.

وقف ضد الاستعمار الفرنسي، خاصة في الجزائر.
دعم الحركات التحررية في العالم الثالث.
كان من أبرز الوجوه اليسارية في أوروبا بعد الحرب.

ورغم فوزه بجائزة نوبل للآداب سنة 1964، رفض استلامها معتبرًا أن الكاتب يجب ألا يُستخدم لأغراض مؤسساتية.

3- الرؤية الفكرية والفنية

رأى سارتر أنّ الإنسان محكوم عليه بالحرية، وأن كل فرد مسؤول عن أفعاله، ولا يمكنه الاحتماء بالأعذار أو القدر. تعتبر الوجودية عنده فلسفة تقوم على:

الحرية والمسؤولية
القلق الوجودي
الالتزام الأخلاقي والسياسي
الذات والآخر
بناء القيم من داخل التجربة الإنسانية

كان يؤمن بأن الأدب والفلسفة يجب أن يساهما في تغيير العالم، لا أن يبقيا في دائرة التأمل فقط.

4- التأثير والإرث

ترك سارتر تأثيرًا ضخمًا في الفلسفة، الأدب، والسياسة. وقد مثّل:

حجر أساس للفكر الوجودي
مرجعًا للحركات التحررية
مصدر إلهام للكتّاب الوجوديين في أوروبا والعالم
نموذجًا للمثقف الملتزم بقضايا مجتمعه

تُدرَّس أعماله اليوم في الجامعات حول العالم، ويُعتبر أحد أهم مفكري القرن العشرين.

الخاتمة

جون بول سارتر مفكر وفيلسوف غيّر مسار الفكر الحديث من خلال رؤيته للحرية والمسؤولية والوجود. جمع بين الأدب والفلسفة والسياسة في مشروع فكري عميق، جعل منه أحد أبرز رموز الوجودية وأحد أهم الأصوات التي دافعت عن كرامة الإنسان وحقّه في الحرية.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire