تعبير عن التواضع
التواضع هو من أجمل الصفات التي يمكن أن يتحلّى بها الإنسان، فهو يعكس طيبة القلب وحسن الخلق. وكلما كان الإنسان متواضعًا، زادت محبة الناس له واحترامهم، لأن المتواضع لا يفتخر على الآخرين ولا يتكبّر، بل يعامل الجميع بلطف مهما كانت مكانتهم.
أتذكّر يومًا في المدرسة عندما تعلّمت درسًا مهمًّا عن التواضع. كان ذلك في بداية السنة الدراسية، عندما شارك في قسمنا تلميذ جديد اسمه سامي. كان سامي متفوّقًا جدًّا في دراسته، خصوصًا في الرياضيات، لذلك كنّا جميعًا نعتقد أنّه قد يشعر بالفخر أو الغرور بسبب تفوقه. ولكن ما حدث كان مختلفًا تمامًا.
في أحد الأيام، كنّا نحلّ تمرينًا صعبًا في الرياضيات، وقد واجهتُ أنا وصديقي بعض الصعوبات. وبينما كنّا نبحث عن الحل، اقترب منّا سامي بابتسامة لطيفة وقال: "هل تحتاجان إلى مساعدة؟" تفاجأنا من تواضعه، فقد جلس معنا وشرح لنا التمرين خطوة بخطوة دون أن يتباهى بمعرفته أو يجعلنا نشعر أننا أقلّ منه. وبعد أن فهمنا الدرس جيدًا، قال لنا: "كلّنا نتعلم من بعضنا، وربّي يوفّق الجميع."
في تلك اللحظة، أدركت أنّ التواضع لا يرفع الإنسان فقط في أعين الناس، بل يجعله محبوبًا وقريبًا من الجميع. فالشخص المتواضع يُنصت للآخرين، ويساعدهم، ويحترم مشاعرهم، ولا يقسو عليهم بكلامه أو تصرفاته.
وقد علّمنا ديننا الإسلامي أهمية التواضع؛ فالنبيّ محمد صلى الله عليه وسلم كان قدوة في هذا الخلق العظيم، إذ كان يجلس مع الفقراء، ويعاون المحتاجين، ويبتسم للجميع دون تفرقة. وكان يقول: "من تواضع لله رفعه"، أي أنّ الله يرفع مكانة المتواضع ويجعل له شأنًا عظيمًا.
التواضع يجعل المجتمع أكثر محبة وانسجامًا، فحين يتواضع الناس لبعضهم تنتشر الأخلاق الحسنة، وتختفي الكراهية والغرور، ويصبح التعاون أسهل بين الجميع. فالإنسان المتواضع لا يخجل من الاعتراف بخطئه، ولا يرفض نصيحة الآخرين، وهذا يجعله أقرب إلى النجاح الحقيقي.
وفي الختام، تعلّمت أنّ التواضع ليس مجرد كلمة، بل هو أسلوب حياة. هو أن أساعد غيري دون انتظار مقابل، وأن أحترم الجميع مهما كانوا، وأن أتذكر دائمًا أن قيمتي لا تزيد بالتكبّر بل بالأخلاق. ولذلك سأُحاول دائمًا أن أكون متواضعًا، مثل سامي، حتى أزرع في قلبي وقلب من حولي المحبة والخير.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire