تعبير كتابي عن وصف معلم أثري
في أحد الأيام الجميلة، قررت مدرستنا أن نقوم بزيارة إلى متحف باردو، وهو من أشهر المعالم الأثرية في تونس. كنت قد سمعت عنه كثيرًا، لكنني لم أتخيّل يومًا أنه سيكون بهذا الجمال والعظمة. ما إن وصلنا إليه حتى شعرت بأنني أمام مكان مختلف تمامًا، مكان يحمل بين جدرانه آلاف السنين من التاريخ والحضارة.
يقع متحف باردو في مبنى قديم يشبه القصور، ببوابته الكبيرة ونقوشه الجميلة التي تشدّ الأنظار منذ اللحظة الأولى. عندما دخلت إلى الساحة الداخلية، شعرت بالدهشة من اتساع المكان، ومن الأعمدة البيضاء المزينة، وكأنني أمام بوابة إلى عالم آخر. كان المتحف يجمع بين الطابع التاريخي والطابع الفني بطريقة ساحرة تجعلك تشعر بالفخر بما تركه الأجداد.
بدأنا جولتنا داخل القاعات الواسعة، وكان أول ما شدّ انتباهي هو الفسيفساء الرومانية التي امتلأت بها الجدران والأرضيات. كانت القطع ملونة بدقة مذهلة، وكأنها لوحات فنية رسمت أمس، رغم أنها تعود إلى مئات السنين. وقفت مطولًا أمام لوحة كبيرة تجسّد أسطورة بحرية، وتأملت كيف استطاع الفنانون القدامى صنع هذا الجمال من حجارة صغيرة لا تكاد تُرى.
ثم انتقلنا إلى قاعة أخرى تعرض تماثيل قديمة من الرخام، كانت بعضها تمثل الآلهة الرومانية، وبعضها محاربين وأبطالاً من العصور القديمة. كنت أشعر أن هذه التماثيل تنظر إلينا وتحكي أسرار زمن بعيد، مما جعلني أتخيل الحياة في تلك العصور وكيف كان الناس يعيشون ويفكرون.
مررنا كذلك بقسم يضمّ آثارًا من الحضارة القرطاجية والإسلامية، مثل الأواني الفخارية والسيوف القديمة والمخطوطات. كل قطعة كانت تقول شيئًا عن حضارة مرّت من هنا وتركت بصمتها لتبقى شاهدة على عظمة الماضي.
لكن أكثر لحظة أثرت فيّ كانت عندما صعدنا إلى الطابق العلوي، حيث تتجمع أكبر وأشهر لوحات الفسيفساء في المتحف. وقفت هناك في صمت، أستمتع بالألوان والزخارف، وأفكر في الجهد الهائل الذي بذله أجدادنا لصنع هذا الإرث. شعرت بالفخر لأننا نملك متحفًا بهذا الغنى والجمال، متحفًا يعرف العالم كله قيمته.
وفي نهاية الزيارة، خرجت من متحف باردو وأنا أشعر أنني تعلمت الكثير. لم تكن الزيارة مجرد نزهة، بل كانت رحلة عبر التاريخ، رحلة جعلتني أفهم أنّ الشعوب التي تحفظ تراثها وتاريخها، هي شعوب قوية تُعرف بقيمتها بين الأمم.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire