شرح نصّ في انتظار العمّ مونس
التقديم :
نصّ مسرحي من تأليف سعد الله ونّوس، يندرج ضمن المسرح التجريبي الذي يسعى إلى كسر الحواجز بين الخشبة والجمهور. تجري أحداثه في مقهى شعبي يعجّ بالزبائن والأصوات، وينتظر الحاضرون قدوم الحكواتي مونس لسماع رواياته. يركّز النص على العلاقة بين الراوي والجمهور، وعلى قيمة الحكاية في مواجهة هموم الحياة اليومية.
الموضوع :
يتناول النصّ مشهدًا واقعيًا داخل مقهى شعبي يحضر فيه الزبائن كل ليلة في انتظار العم مونس الحكواتي، لما يجدونه في قصصه من تسلية وتعويض معنوي عن قسوة الواقع، مبينًا أثر الحكاية في نفوس الناس وتعامل الحكواتي مع رغبتهم في سماع “سيرة الظاهر بيبرس”.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم والتحليل :
1- أراد الكاتب إشاعة جوّ شعبي صاخب تختلط فيه الأحاديث والأغاني وروائح النارجيلة وحركة الخادم. الغاية هي دمج المتفرج في عالم المقهى وإلغاء الحاجز بينه وبين المسرح ليصبح جزءًا من الفعل الدرامي.
2- المرئي يشمل حركة الخادم، الزبائن، الدخان والكتاب العتيق، أمّا المسموع فيتمثّل بالأغاني، ضجيج الكلام وطلب الشاي. العلاقة تكاملية؛ فالصوت يعمّق الصورة ويجعل المشهد أقرب إلى الواقع، بما ينسجم مع فكرة النص حول انغماس الناس في الحكاية وواقعهم.
3- نعم، ترك الكاتب للمخرج حرية اختيار الأغاني ومدّة بثّها وطبيعة الجو، وهو توجّه شائع في المسرح التجريبي الذي يسمح بالإضافة والارتجال كما في بعض الأعمال الحديثة التي درستها.
الحوار :
4- المتحاورون هم الزبائن والخادم والعم مونس. لم تُذكر أسماؤهم لأنهم يمثّلون عامة الناس لا أفرادًا بعينهم، فيدلّ ذلك على أنّ النصّ يهتم بالكتلة الشعبية وهمومها المشتركة.
5- تدرّج الحوار من أحاديث يومية بسيطة إلى انتظار العم مونس ثم المطالبة بسيرة الظاهر. ترابط المخاطبات قائم على الأسئلة، الطلبات المتكررة للخادم، وتعليقات الزبائن المتداخلة.
6- من العبارات العامية: «يا أبو محمد»، «نارة»، «ماشي الحال»، «إي والله»، واستُعملت لتأكيد البيئة الشعبية وإضفاء الواقعية على لغة الشخصيات.
الشخصيات :
7- شواغل الشخصيات تدور حول هموم المعيشة، الهمّ والضيق، والرغبة في التروّح عبر الحكاية ونسيان ثقل الواقع.
8- ينتظر الزبائن سيرة الظاهر بلهفة بينما يتعامل العم مونس بهدوء وفتور، فلا يُسارع إلى تلبية رغبتهم ولا يكشف عما سيحكيه، فيظهر التباين بين توق الجمهور وتسامي الحكواتي عن الاستجابة الفورية.
9- رسمه الكاتب بوجه باهت جامد، وحركات بطيئة، وكتاب قديم. ملامحه توحي بالحياد والغموض والحكمة وربما ثقل التجربة، مما يجعله أكبر من مجرد راوٍ للتسلية.
القضايا :
10- القصص القديمة تعوّض الزبائن عن إحباطاتهم اليومية؛ فحكايات الأبطال تشكّل لهم مهربًا نفسيًا وخيط أمل في مواجهة القهر الاجتماعي.
11- عدم استجابة الحكواتي يعود لشعوره بأن الحكاية ليست سلعة، وأن لكل سيرة وقتها ومعناها. وربما يرى أنّ الجمهور لم يتهيأ بعد لمعاني “سيرة الظاهر” أو أنه يتعمّد ترك الزمن يعمل دوره في الترقّب.
النقاش :
* افتتاح المسرحية مختلف عن البدايات الكلاسيكية، فهو يبدأ بواقعية مباشرة بلا ستار أو إعلان، ويُشرك الجمهور منذ اللحظة الأولى. أمّا اختيار شخصية الحكواتي، فلكونه معبّرًا عن الذاكرة الجماعية، يجمع بين المسرح والسرد، وينقل الماضي إلى الحاضر بأسلوب يجسّد وعي الناس وأحلامهم، لذلك فضّله الكاتب.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire