شرح نص شارع الأميرات (1)
التقديم :
نص «شارع الأميرات» مقتطف من سيرة الكاتب الفلسطيني العراقي جبرا إبراهيم جبرا، يندرج ضمن السيرة الذاتية المشائية، يصف فيه أحد أجمل شوارع بغداد من حيث الطبيعة والعمران، ويربطه بمسار حياته العائلية وتجربته مع الحرب، فيكشف عن علاقة حميمة بين الإنسان والمكان والذاكرة.
الموضوع :
يصوّر الكاتب شارع الأميرات فضاءً جميلاً هادئاً ارتبط بذكريات أسرته ومشيه اليومي حتى غدا رمزاً للحياة والرجاء في مواجهة الخوف والحرب.
التقسيم :
-
وصف شارع الأميرات ومكوّناته (من بداية النص إلى «جزءا ظاهرا من حدائق المدينة»)
- تسمية الشارع، موقعه، أشجاره، مبانيه، جزيرته الوسطى، ومظاهر جماله وهدوئه.
-
الحديقة وساحة السباق وعلاقة الكاتب بأبنائه (من «ولقد ذكرت شارع الأميرات باعتزاز كبير…» إلى «ونشوات الرابحين في آن معا»)
- حديثه عن الحديقة المجاورة واللعب مع ولديه، ومتابعة سباقات الخيل.
-
المشي مع الحفيدة زمن الحرب ولحظة الوردة الحمراء (من «ثم جاء زمن، في أواسط الثمانينات…» إلى نهاية النص)
- ارتباط الشارع بالمشي اليومي مع الحفيدة أثناء العدوان، وتأمل الحياة والموت في صورة الوردة مقابل الطائرات المدمرة.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفظ
1- استعمل المتكلم في السرد العبارات: «لقد ذكرت…» و«أذكر…» و«لن أنسى…». فما دلالة هذا الاستعمال في كتابة السيرة الذاتية؟
يدلّ تكرار أفعال التذكّر على أنّ الكاتب يسترجع ماضيه من داخل ذاته، فيربط بين الحاضر والماضي،
ويُظهر أنّ السيرة الذاتية ليست سرد أحداث فحسب، بل هي انتقاء لما رسخ في الذاكرة من تجارب وقيم
ومشاعر.
تأليف القص
2- في النص وصف وسرد. حدّدهما وبين كيفية الربط بينهما.
السرد يتمثّل في انتقال الكاتب بين مراحل حياته ووقائعها (اللعب مع ولديه، المشي مع حفيدته، الخروج زمن الحرب)،
أمّا الوصف فيظهر في تصوير الشارع والحديقة والسباق والأشجار والهواء والورد. وقد ربط بينهما بأن جعل
الوصف إطارًا بصريًا يمهّد لكلّ حادثة، فكلّ ذكرى تُروى داخل مشهد مكانيّ موصوف بدقة.
3- سرد الراوي وقائع من فترات زمنية متباعدة. فما حجم كل فترة من الحضور والتذكر؟ وإلام يقصد من ذلك؟
خصّ فترة انتقاله إلى الدار الجديدة وطفولة ولديه بحيّز مهم، ثم وسّع الحديث عن أواسط الثمانينات
ومشيه مع الحفيدة، وركّز بإلحاح على زمن الحرب والعدوان الثلاثيني. ويقصد من هذا التوزيع أن يبيّن
أنّ شارع الأميرات رافقه في مراحل متعدّدة من العمر، فصار جزءًا من سيرته الشخصية وتحوّلات زمنه.
في الوصف
4- ما هي المؤشرات الدالة على حضور الواصف في النص؟ وعلى ماذا بنى موقفه من الموصوف؟
من المؤشرات اعتماد ضمير المتكلّم (أذكر، وجدت، كنت آخذ…) وكثرة التعليقات الانطباعية مثل:
«شارع جميل»، «هواءه رقيق عذب»، «طائرات الأعداء كذبابات كريهة». وقد بنى موقفه على تجربته
المباشرة مع الشارع، وعلى ما يثيره في نفسه من إحساس بالجمال والراحة والحنين والقلق زمن الحرب.
5- حدّد مظاهر الانتخاب والتأليف في وصف الشارع.
انتقى الكاتب من المكان عناصر معيّنة: الأشجار، الهدوء، ساحة السباق، الحديقة، الوردة الحمراء، وأهمل
تفاصيل أخرى ثانوية. وألّف بينها في صورة منسجمة لشارع يغلب عليه الجمال والسكينة، ثم ضَمَّنها
قصصًا وذكريات جعلت الوصف متماسكًا ومشحونًا بالعاطفة.
6- بين كيف تدرّج الراوي في وصف الشارع من عرض مكوّناته وسماته إلى سرد وقائع علاقته به.
بدأ بتعريف اسم الشارع وذكر موقعه ومبانيه وأشجاره واتّساعه، ثم وصف الحديقة المتصلة به وساحة
السباق، وبعدها انتقل إلى سرد مشاهد شخصية: خروجه مع ولديه، ثم مع حفيدته، ثم خروجه منفردًا زمن
الغارات، لينتهي بلحظة مواجهة بين وردة حيّة في الرصيف وطائرات الموت في السماء.
7- ما هي المراجع التي اعتمدها الراوي في وصف شارع الأميرات؟ وأي الحقول المعجمية الأكثر استخدامًا فيه؟
اعتمد الراوي على ذاكرته الشخصية، وعلى معرفته بتاريخ المنطقة (المهندس الهندي، استيراد الأشجار من
الهند)، وعلى ملاحظته اليومية للمكان. وتكثّف في النص معجم الطبيعة والمكان (شارع، حديقة، أشجار،
خضرة، ورد، سباق، هواء…) ومعجم الوجدان والحرب (مهابة، نضارة، محنة، عدوان، غارات، ذبابات كريهة…).
الذاكرة والمكان
8- بين كيف توطدت علاقة الراوي بشارع الأميرات في الزمن، حتى أصبح لهذا المكان وجود راسخ في الذاكرة.
توطّدت العلاقة بمداومته على المشي فيه عبر السنين، ومشاركته أبناءه وحفيدته لحظات اللعب والتنزّه
والمتعة، وبقائه في الحي زمن الحرب حين هجره كثيرون. فتراكمت الذكريات بين الفرح والخوف، مما جعل
الشارع يحتلّ مكانة ثابتة في ذاكرته ووجدانه.
9- إلام يقصد الراوي بالحديث عن شارع الأميرات مقرونًا بتعبيره عن أحاسيسه وانفعالاته؟
يقصد أنّ الحديث عن شارع الأميرات هو في العمق حديث عن ذاته وحياته وعلاقته ببغداد وزمن الحرب؛
فالمكان يتحوّل إلى مرآة لأحاسيسه، ورمز لاستمرار الحياة والأمل رغم القصف والدمار، لذلك قرن وصف
الشارع بمشاعر الإعجاب والحنين والقلق والتأمل في المصير.
الاحتفاظ ب : فعل التذكّر
فعل التذكّر فعل ذاتيّ حميم، يرتبط بما تؤمن به الذات من قيم وأفكار ومبادئ في الحياة، وهو حركة انتقال في الأزمنة وانتخاب للأحداث وتجميع لها داخل سياق من المواقف الأخلاقية والاجتماعية التي تضبط الكاتب وتوجّه سيرته نحو غايات تواصلية ومعنوية.
التوظيف :
اجعل الكلام على لسان جبرا وأدرجه في النص مجريًا عليه التحويرات اللازمة.
بعد أن توثّقت علاقتي بشارع الأميرات، ولأنّي من المشّائين، صار هذا الشارع المضمار الذي أذرعه كلّ
عصر، أقطعه جيئة وذهابًا، وأختم مسيرتي غالبًا عند صديق فنان كـناظم رمزي أو قتيبة الشيخ نوري أو
علي كمال. هناك نمضي وقتًا غير قليل في الحديث عن الفنّ والحياة وبغداد، كأنّ الشارع نفسه يواصل
الحوار معنا خارج الجدران، ويمنح خطانا إيقاعها الخاصّ.
التقويم :
* إلى أي مدى ارتبط التذكر بقيم الذات وبانتمائها إلى مجموعة وثقافة؟
في هذا النصّ يرتبط التذكّر بقيم الكاتب وانتمائه الثقافي؛ فاستحضار شارع الأميرات هو استحضار
لبغداد ولأجواءها الفنية والإنسانية، ولتماسك الأسرة في مواجهة الحرب. وبذلك يصبح التذكّر وسيلة
للحفاظ على الهوية الفردية والجماعية معًا.
* هل تعتقد أن السيرة الذاتية الجيدة ليست تلك التي تركز على مؤلفها فحسب بل هي التي تكشف في الوقت نفسه عن صلته الوثيقة بمجتمعه، وتعبر عن زمنه وعصره؟ ولماذا؟
نعم، فالسيرة الذاتية الجيّدة هي التي تتجاوز حدود «الأنا» الفردية لتكشف من خلالها عن المجتمع
والزمن؛ ونصّ «شارع الأميرات» مثال واضح، إذ يقدّم لنا حياة جبرا الخاصة، وفي الوقت نفسه يصوّر
ملامح بغداد الحديثة، وأثر الحرب في أهلها، وتحول شارع واحد إلى شاهد على عصر كامل.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire