شرح نص الرحلة الأولى
التقديم :
نص سردي ذاتي مقتطف من كتاب «شارع الأميرات» لجبرا إبراهيم جبرا، يروي فيه الكاتب أول رحلة له من فلسطين إلى أوروبا سنة 1939 في سياق اندلاع الحرب العالمية الثانية، كاشفًا عن ظروف البعثة الدراسية ومواقف أسرته من سفره.
الموضوع :
يصوّر النص أول رحلة للراوي من فلسطين إلى إنكلترا زمن اندلاع الحرب العالمية الثانية وما أثارته من صراع بين طموحه العلمي وخوف أسرته عليه.
التقسيم :
-
بداية الحلم والسفر (من «كنت في التاسعة عشرة من عمري…» إلى «قد ضاعت دفعة واحدة»)
- وصف وصوله إلى بورسعيد وذكر الحرب العالمية الثانية وخشيته من ضياع البعثة.
-
مواقف الأسرة وإصرار الراوي (من «ويوم ولكن المسؤولين…» إلى «وتوقفت عن البكاء»)
- طمأنة دائرة المعارف وتوتر الأسرة ومعارضة الأم وإصرار الكاتب على السفر.
-
برنامج الرحلة واختيار السفينة (الباقي)
- تفصيل مسار الرحلة الطويلة واختيار السفينة اليابانية رغم ما يحيط بالسفر من مخاطر.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفظ وبناء السرد
1- من المتكلم في النص؟ وأي ضمائر استخدم في التلفظ بأقواله؟
المتكلم هو جبرا إبراهيم جبرا نفسه، وقد استعمل أساسًا ضمير المتكلم المفرد مثل: «كنتُ»، «أيقنتُ»، «هيّأتُ نفسي»، وأحيانًا ضمير المتكلم الجمع «كنا» عندما يتحدث عن رفاقه في الرحلة.
2- استخرج من النص عبارات دالة على تنامي القص في الزمن.
من العبارات الدالة على تعاقب الأحداث وتطورها في الزمن: «كنت في التاسعة عشرة من عمري»، «بعد رحلة ليلية طويلة»، «أعلنت إنكلترا وفرنسا الحرب…»، «بعد أيام قلائل»، «وبعد يومين أو ثلاثة في بورسعيد»، «ثم نمخر مياه خليج بسكاي…». هذه التراكيب الزمنية تُظهر تقدّم الحكاية خطوة بعد أخرى.
3- السرد في النص عودات إلى الماضي تدرّج فيها الراوي من زمن إلى آخر لرواية حدث الرحلة. حدّدها وقارن بين مدى الأزمنة المسترجعة.
يعود الراوي إلى ماضٍ أقدم عندما يذكر نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم إلى سنة التحضير للبعثة حيث كان يدرّس ويترجم ويعالج عينيه من الرمد، ثم إلى الأيام القليلة التي سبقت السفر وطمأنة دائرة المعارف له. الأزمنة المسترجعة تمتد من مرحلة الشباب المبكرة إلى لحظة الرحلة، وتخدم توضيح ظروف هذا الحدث وتهيئته.
عرض الذكرى
4- هل تجد في طريقة الراوي، في عرض ذكرى الرحلة الأولى، ما يدل على بقائها راسخة في ذاكرته؟ علّل جوابك.
نعم، تبدو الذكرى راسخة جدًا في ذاكرته؛ إذ يذكر تفاصيل دقيقة عن تاريخ اندلاع الحرب، وأسماء الأشخاص المرافقين له، ومحطات السفر (يافا، رفح، القنطرة، بورسعيد، نابولي، مرسيليا، جبل طارق، دوفر)، بل وحتى اسم السفينة اليابانية. هذه الدقة والوفرة في التفاصيل لا تصدر إلا عن تجربة عميقة الأثر في حياته.
المرجعية الواقعية
5- انصرف الراوي إلى تحليل انفعالاته وانفعالات أفراد أسرته عند استعداده للسفر واجتهد الكاتب في إعادة بنائها في حاضر الكتابة. فما غايته من ذلك؟
غايته أن يكشف البعد الإنساني والنفسي للحدث، فيُبرز صراعه بين الرغبة في تحقيق حلمه العلمي وخوف أسرته عليه، ويُظهر تأثير الحرب في قرارات الأفراد، كما يمنح السرد صدقًا وحرارة شعورية تقرّبان القارئ من تجربته.
6- استخرج من النص جميع ما يدل على واقعية السرد وارتباطه بشخص الكاتب.
تتجلّى واقعية السرد في: ذكر تواريخ حقيقية مثل 3 أيلول 1939، وذكر أسماء الأشخاص (علي كمال، حلمي سمارة، حامد عطاري، أحمد سامح الخالدي)، والأمكنة الحقيقية في فلسطين وأوروبا، واسم مكتب السفر «توماس كوك» واسم السفينة «سوا مارو»، والإشارة إلى مؤسسات واقعية كالكلية العربية ودائرة المعارف. كل ذلك يؤكد أن الراوي هو نفسه صاحب التجربة.
7- في النص أحكام تقويم على بعض الأشخاص. هل ترى مصدرها المتكلم كائن الأمس أم المتكلم كائن اليوم؟ علّل.
مصدر هذه الأحكام هو أساسًا المتكلم كائن اليوم؛ أي الكاتب الراشد الذي ينظر إلى ماضيه بعين الخبرة والنضج، فيقيّم مواقف أسرته وخوف أمّه واختياره السفر في زمن الحرب، مستفيدًا من مسافة الزمن التي تسمح له بالفهم العميق وإصدار الأحكام.
التقويم :
* هل تجد في ذكرى الرحلة الأولى بداية دالة لفصول سيرة الكاتب في مرحلة شبابه؟
نعم، لأن هذه الرحلة تمثّل منعطفًا حاسمًا في حياة الكاتب؛ فهي أول خروج له من وطنه، وبداية دراسته الجامعية في إنكلترا، وبداية احتكاكه بالعالم الجديد. لذلك تعدّ هذه الذكرى مدخلاً طبيعيًا لسيرة شبابه وما عرفه فيها من تجارب في المنفى.
* إلى أي حد بدا السرد دقيقًا مفصّلًا في بناء ما مضى من وقائع؟ وهل من أدلة على تخطيط مسبق لافتتاح «شارع الأميرات» بذكرى الرحلة إلى إنكلترا؟
بدا السرد دقيقًا ومفصّلًا إلى حدّ كبير؛ إذ بنى الراوي الوقائع بناءً متسلسلاً ومُؤطّرًا زمنيًا ومكانيًا. وافتتاح الكتاب بذكرى هذه الرحلة يوحي بوجود تخطيط واعٍ؛ فالمؤلف اختار حدث السفر الأول ليجعله بابًا لسيرته كلها، لأنه الحدث الذي نقل حياته من مرحلة الطفولة والشباب في القدس إلى مرحلة الدراسة والغربة في إنكلترا.
الاحتفاظ ب : في جنس السيرة الذاتية
تكشف «الرحلة الأولى» عن خصائص السيرة الذاتية: تطابق هوية المؤلف والراوي والشخصية، اعتماد ضمير المتكلم، الرجوع إلى الماضي لاستعادة أحداث واقعية، والتزام قدر من الصدق في نقل التجربة. كما يتدرّج السرد في الزمن وتتعاقب الوقائع وفق منطق التلفظ الذي يتولى الكاتب من خلاله رواية حياته للقارئ.
التوظيف :
نموذج قصير للتوظيف:
«لما كنتُ طفلا، كنت أعتقد أن حادثة ضياعـي في السوق مجرد مغامرة عابرة، لكنني أقدّر اليوم أن تلك اللحظات علّمتني قيمة الأسرة والأمان. يومها بكيت خوفًا من الظلام والغرباء، أما بعد سنوات فقد تبين لي أن ذلك الخوف كان بداية إحساسي بالمسؤولية نحو نفسي ونحو من أحبّ.»

0 commentaires
Enregistrer un commentaire