شرح نص الحب والشعر والحرب
التقديم :
هذا النصّ مقتطف من سيرة جبرا إبراهيم جبرا «شارع الأميرات»، وهو نصّ سرديّ ذاتي يروي فيه الكاتب تجربة شبابه في مدينة اكستر بإنكلترا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اجتمعت في حياته الدراسة والحبّ وظلال الحرب.
الموضوع :
يستعيد جبرا إبراهيم جبرا ذكرى حبّه ودراسته في جامعة اكستر زمن الحرب العالمية الثانية مبيّنا أثر الحبّ والمعرفة والخطر في تكوين شخصيّته.
التقسيم :
-
الحبّ والدراسة (من «وكان لي في اكستر أن أعرف الحب من جديد» إلى «ضرورات الحياة اليومية»)
وصف تجربة حبّ جديدة ودور الشعر والقراءة في صقل الحسّ الأدبي.
-
قصة غلاديس وتجاذب الثقافات (من «ولعلني كنت محظوظا إذ كانت غلاديس نيوبي» إلى «لساعات»)
التعريف بغلاديس، ثقافتها، حواراتها مع الراوي حول الآداب والحضارات.
-
أجواء الحرب وأثرها في الحياة الجامعية (من «لم تكن الحرب قد اشتدت بعد» إلى نهاية النص)
وصف تصاعد الحرب، إنقاذ الجنود، الإحساس بالخطر، وتعمّق التعلّق بالحياة.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفظ والأزمنة
1- استخدم الراوي الناسخ الفعلي «كان» بشكل مكثّف حتى تكون الوقائع المرويّة أعمالا دائمة متكرّرة. استخرج أمثلة من النص.
من أمثلة استعمال «كان» و«كنت» في النص:
– «كان الحب عاصفًا كالريح.»
– «كنت في جامعة اكستر أتهيّأ لدخول جامعة كمبردج.»
– ««كانت غلاديس نيوبي… طالبة من شمال إنكلترا.»»
– «لم تكن الحرب قد اشتدّت بعد…»
هذه الصيغ تجعل الأحداث الماضية تبدو ممتدّة وثابتة في زمن السرد.
2- السرد في النص أفقان: أفق ما يحدث في العالم وأفق ما تنجزه الذات. بيّن العلاقة بين أفقي السرد.
أفق العالم يتمثّل في الحرب، الغزو الألماني، الجنود، الخوف من الغزو، وأفق الذات في الحبّ، الدراسة، تكوّن الشخصية، حرارة المشاعر. العلاقة بينهما
علاقة تفاعل وتأثير متبادل؛ فكلّما اشتدّ الخطر الخارجي تعمّقت مشاعر الكاتب
وزاد تعلّقه بالحياة وبالدراسة والحبّ.
3- علام ركّز الراوي في استرجاع صورة غلاديس نيوبي وعلاقته بها؟ وفيم تتمثّل قيمة سرد الأقوال في أسلوب مباشر؟
ركّز الراوي على جمال غلاديس الحسيّ (شعرها الأصفر، وجهها المورد) وعلى ثقافتها الواسعة
في اللغات القديمة والشعر والموسيقى، ثم على حواراتهما الطويلة حول الحضارات والآداب والبحر المتوسّط.
أمّا قيمة السرد المباشر للأقوال فتتمثّل في أنّه يُحيي المشاهد، ويقرّب القارئ من الشخصيات،
ويكشف طبيعة العلاقة الفكرية والعاطفية بينهما بواقعية أكبر.
4- استخرج من النص ما يدلّ على أنّ الراوي قريب جدّا من الأحداث التي أنجزتها الشخصية في الماضي.
يتجلّى ذلك في استعمال ضمير المتكلّم:
– «كنت في جامعة اكستر…»
– «كنت أقول لها…»
– «رأينا ذات صباح طوابير الجنود…»
– «كأن الإحساس بالخطر يزيد من حدّة الذهن واعتلاج العاطفة…»
هذه العبارات تدلّ على أنّ الراوي عاش الأحداث مباشرة ومازال متعلّقًا بها.
تجارب الذات
5- الحبّ والمعرفة والحرب تجارب وجودية خبرتها الذات فامتلأت. استخرج لكلّ تجربة ما يدلّ على إيجابيتها في تقويم الشخصية لها.
– الحبّ: «كان الحب عاصفًا كالريح… يضجّ بالجسد كما يضجّ بالروح»؛ يدلّ على أنّ الحب منحه قوّة عاطفية وروحية وعمّق إحساسه بالحياة.
– المعرفة: «وكان تركيزي على الشعراء… يمدّني بالمزيد من الحساسية لجرس الكلمة وأهمية الصورة المجازية»؛ مما أبرز دور الدراسة في صقل ذوقه الأدبي وتكوين وعيه الثقافي.
– الحرب: «يزيد من حدّة الذهن واعتلاج العاطفة ويضاعف من التعلّق بالحياة…»؛ فالحرب رغم قسوتها جعلته أشدّ تمسّكًا بالحياة وإنتاجًا في الدراسة والفنّ.
التوظيف :
6- اضطلع الكاتب بدور رائد في تحديث الثقافة العربية. فهل تجد في اهتماماتـه الأدبية والفنية في جامعة اكستر ما يمهّد لذلك الدور؟
نعم؛ فقد انفتح الكاتب في اكستر على الشعر الإنجليزي الحديث، والشاعرين شِلي وكيتس،
وقرأ الرواية الإنجليزية، واهتمّ بـالآداب اليونانية والرومانية وبالموسيقى الكلاسيكية.
هذا التنوع في الاهتمامات مكّنه من تكوين رؤية حديثة منفتحة على العالم، وهو ما مهّد
لدوره في تحديث الأدب والثقافة العربية لاحقًا.
7- ما الوسائل التي وظّفها الكاتب ليجعل قصّه حيًّا؟
– السرد بضمير المتكلّم الذي يضفي صدقًا وحرارة.
– الوصف الدقيق للشخصيات (غلاديس) وللمكان (اكستر) ولأجواء الحرب.
– استعمال الحوار المباشر في مناقشة الحضارات والبحر المتوسّط.
– إدراج تفاصيل يومية مثل التعتيم الليلي ومسيرة الجنود في الشوارع.
هذه الوسائل جعلت القصّ نابضًا بالحياة وقريبًا من القارئ.
8- إلام يهدف الراوي من استعادة ذكرياته في جامعة اكستر وتحليلها؟
يهدف الراوي إلى فهم ذاته ومسار تكوّن شخصيّته، وإبراز كيف ساهمت تجربة الحبّ،
والدراسة، والحرب في صياغة وعيه الفني والفكري. كما يريد أن يحوّل تجربته الفردية
إلى تجربة إنسانية يمكن للآخرين الإفادة منها.
9- في أي موضع من النص يعطي الراوي تجربته بعدًا كونيًّا؟
يفعل ذلك حين يقول إنّ الإحساس بالخطر الجماعي ودنوّ الكارثة يزيد من التعلّق بالحياة
ومن حدّة التفكير والمشاعر، وأنّ الموت إن كان لا بدّ منه فإنّه يُقاوَم
بـالحبّ للحياة. هنا تتجاوز تجربته حدود فرد واحد لتصبح وصفًا لحالة يعيشها البشر جميعًا في زمن الحروب.
الاحتفاظ ب :
يقوم السرد في السيرة الذاتية عند جبرا على واقعية التجربة؛ فالكاتب هو نفسه الراوي والشخصية، يروي أحداثًا عاشها في زمان ومكان محدّدين (القدس، اكستر، الحرب العالمية). كما أنّ الذكريات تُستثار أحيانًا بعوامل خارجية كالموسيقى أو صورة شخص محبوب، فتوقظ في النفس مشاعر الماضي وتعيد بناءه في الحاضر.
التقويم :
* هل تجد في ما يكتبه جبرا إبراهيم جبرا عن نفسه تأكيدًا لقيمة التجربة الفردية وارتقاء بها إلى مراتب التجارب الإنسانية المفيدة؟ علّل إجابتك.
نعم؛ فالنص يقوم على تجربة فردية خاصة (حبّه، دراسته، معايشته للحرب)،
لكنّ الكاتب يعرضها بأسلوب يجعلها نموذجًا لتجارب الشباب في مواجهة الحياة.
وهكذا تتحوّل سيرته إلى تجربة إنسانية عامّة تؤكّد قيمة ما يعيشه الفرد في بناء شخصيّته وتنمية وعيه.
* هل ترى في استعادة الماضي محاولة لبناء صورة نموذجية للذات؟
نعم؛ فاستعادة الماضي تسمح للراوي بأن يختار اللحظات المضيئة في حياته،
وأن يقدّم نفسه بوصفه شابًّا محبًّا للحياة، مثابرًا في طلب المعرفة، واعيًا لما حوله من أحداث.
وهذا نوع من بناء صورة مثاليّة للذات يبرز الجوانب الإيجابية في التجربة الشخصية.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire