شرح نص نشأتي المشّائية
التقديم :
نص «نشأتي المشّائية» مقتطف من سيرة جبرا إبراهيم جبرا «شارع الأميرات»، يروي فيه الكاتب جانبًا من طفولته وشبابه في القدس وبيت لحم، ويبرز كيف تحوّل السير على القدمين إلى عادة راسخة أسهمت في تكوين شخصيته الفكرية والإنسانية، وربطت تجربته الفردية بتاريخ الشعب الفلسطيني ومعاناته.
الموضوع :
يصف جبرا نشأته المشّائية منذ الطفولة، مبيّنًا أثر السير على قدميه في صقل فكره وشخصيته وربط تجربته الفردية بواقع فلسطين التاريخي والسياسي.
التقسيم :
-
فقرة الحديث عن «المشّائين» عبر التاريخ
- تعريف فئة المشّائين وبيان أثر السير في تنشيط الفكر والذاكرة.
- الإشارة إلى الفلاسفة اليونان (أفلاطون، أرسطو، سقراط) بوصفهم من كبار المشّائين.
-
فقرة نشأته في القدس وعادته في المشي اليومي
- المشي بين البيت والمدرسة والكلية العربية على جبل المكبر.
- تحويل المشي إلى فرصة للحديث، واللعب، وتنمية الشهية للحياة والعلم.
-
فقرة المشي بين القدس وبيت لحم زمن الاضطراب
- المشي لمسافات طويلة خلال الإضراب الفلسطيني على الانتداب البريطاني.
- ربط التجربة الشخصية بواقع الشعب ومعاناته، وبداية التعلّق العاطفي في بيت لحم.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفّظ
1- استخرج من النص قرائن دالّة على زمن التلفّظ.
من القرائن: «يسعدني أن أقول إنني…»، «منذ بداياتي من عشيرة هؤلاء المشائين»،
«في طفولتي وحداثتي»، «وفي ربيع عام 1936 انقطعنا عن الدراسة…». فهي تدل على راوٍ
يتكلّم في الحاضر وهو يسترجع أحداث الماضي.
2- بيّن كيف جعل المتكلم مخاطبه شريكًا في بعض الأفكار التي يعرضها في قوله.
أشرك الراوي القارئ باستعمال ضمير الجماعة مثل «نحن نعلم أن الكثير من الأفكار الفلسفية…»،
وبالتعميم «لا أشك في أن كل حضارة في التاريخ شهدت أناسًا يعرفون بالمشّائين»،
فيحوّل تجربته الخاصة إلى تجربة إنسانية مشتركة يشترك فيها مع القارئ.
3- النص تحليل وسرد. حدّدهما وبيّن العلاقة بينهما.
السرد يتجلّى في حكاية طفولته ومشيه إلى المدرسة والكلية وزيارته بيت لحم زمن الاضطراب،
أمّا التحليل ففي تفسيره لظاهرة المشّائين وأثر المشي في التفكير، وربطه نفسه
بالفلاسفة اليونان. والعلاقة أن السرد يقدّم أمثلة حيّة، بينما التحليل يمنحها
معنى عامًا، فيتساند الخاص والعام في بناء النص.
سلوك المشّائين وواقعية السرد
4- بمَ اتّسم حديث الراوي عن المشّائين في التاريخ؟ وإلام يهدف من ورائه؟
اتسم حديثه بالإعجاب والتقدير لهؤلاء المشّائين، مؤكّدًا أن السير يساعد على انطلاق
الفكر ونضجه. وهو يهدف إلى تبرير انتمائه إلى «عشيرة المشّائين» وإضفاء قيمة
فكرية على عادته في المشي.
5- تدرّج الراوي في الحديث عن سلوكه المشائي من الإجمال إلى التفصيل. بيّن ذلك.
بدأ بقوله إجمالاً: «يسعدني أن أقول إنني منذ بداياتي من عشيرة هؤلاء المشائين»، ثم انتقل إلى
التفصيل: المشي اليومي بين البيت والمدرسة، ثم بين البيت والكلية على جبل المكبّر،
ثم المشي من القدس إلى بيت لحم زمن الإضراب، بمسافات محددة وأوقات واضحة.
6- استخرج من النص مؤشرات الإحالة على الواقع.
من المؤشرات: أسماء الأمكنة (القدس، بيت لحم، جبل المكبّر، جورة العناب، شارع النجمة)،
والتواريخ (خريف 1935، ربيع 1936)، والحدث التاريخي
(ثورة الفلسطينيين على الانتداب البريطاني والإضراب العام)، وأسماء أشخاص حقيقيين
من عائلته (أخي مراد، أخي يوسف).
وصل الماضي بالحاضر
7- هل اكتفى الراوي بالذاكرة في استعادة بعض الأحداث الماضية؟ علّل جوابك.
لم يكتفِ بالذاكرة فقط، بل دعمها بوقائع تاريخية محددة وأسماء أماكن ومسافات
دقيقة، ممّا يدلّ على استناده إلى ذاكرته الشخصية وإلى حقائق موضوعية تعزّز
صدق السرد وواقعيته.
8- بيّن كيف تساوق الفردي الخاص والجماعي المشترك في النص.
التجربة فردية: طفل يمشي إلى المدرسة والكلية ويزور أخاه، لكنها تجري داخل
سياق جماعي هو ثورة الفلسطينيين على الانتداب والإضراب العام. وهكذا تتحوّل
سيرة الفرد إلى مرآة لواقع شعب بأكمله، فيتساوق الخاص بالشعبيّ المشترك.
9- لِمَ لم يستعد الكاتب نشأته المشّائية في خطاب تمجيدي؟
لأنه يحرص على الواقعية والصدق؛ فيعرض مشقّات المشي وطول المسافات وغياب
وسائل النقل، لا ليمجّد نفسه، بل ليبيّن كيف صاغت هذه الظروف شخصيته بهدوء
وطبيعية، فبدت التجربة بسيطة وعادية لكنها مثمرة.
10- ما أثر البيئة والظروف التي عرفها الراوي في طفولته في تكوين شخصيته؟ وأي صورة يبنيها لنفسه؟
بيئة القدس وبيت لحم، والإضراب، وطول المسافات علّمته الاعتماد على النفس
والصبر وحبّ التأمل والملاحظة الدقيقة لما حوله من أناس وطبيعة. يبني لنفسه
صورة المثقّف المتأمّل المرتبط بأرضه وشعبه، الذي حوّل المشقّة إلى طاقة
فكرية وإبداعية.
الاحتفاظ ب : الشخصية في السيرة الذاتية
تقوم السيرة الذاتية على شخصية حقيقية تاريخية، لها وجود فعلي في الواقع، لكن الكاتب يعيد تشكيلها سرديًا بأسلوبه وخياله. فـ«جبرا» في النص هو في آنٍ واحد شخص من لحم ودم عاش الأحداث، وشخصية فنية يعيد الكاتب رسمها على الورق، منطلقًا من الواقع لكنه يضفي عليها انتقاءً وتركيزًا وتأويلاً.
التوظيف :
يقول إدوارد سعيد: «يغمرني الآن إدراك لهول التفكك الذي عانته عائلتنا وأصدقاؤنا…» (نصّ «خارج المكان»). كلا النصّين، نص جبرا ونص إدوارد سعيد، يؤكّدان أن سيرة الأديب الفلسطيني جزء من سيرة شعب مشرّد؛ فهما يرويان تمزّق العائلة، وتشتّت المكان، والاضطراب السياسي، فينعكس تاريخ فلسطين في حياة الفرد اليومية وذاكرته الشخصية.
التقويم :
* هل تعتقد أن جبرا يقدّم في نصه تجربة أصيلة يمكن التعلّم منها؟
نعم، فهي تجربة أصيلة نابعة من معايشة حقيقية للحرمان والمشقّة، لكنها تحوّلت
إلى مدرسة للصبر والاجتهاد وحبّ المعرفة. يتعلّم القارئ منها قيمة تحويل الظروف
الصعبة إلى فرصة للنموّ الفكري والإنساني.
* إلى أيّ حدّ كانت ثقافة الكهل الناضج عاملًا مهمًّا في تفسير ماضي الطفولة والفتوّة؟
ثقافة جبرا الناضجة جعلته يعود إلى طفولته بوعي جديد؛ ففهم أن المشي لم يكن
مجرد تعب يومي، بل كان تمرينًا للعقل والخيال وبذرة لمستقبله الأدبي. بذلك
أصبحت ثقافة الكهل عدسة يفسّر من خلالها ماضيه، فيكشف المعنى العميق
لتجارب الطفولة والفتوّة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire