شرح مشهد «هاتوا المجرمين» من مسرحية مراد
التقديم :
يقدّم هذا المشهد من مسرحية «مراد» لحظة انفجار بطوليّة يواجه فيها مراد حكّام عصره وحاشيتهم، بعد نجاته من محاولة تعميته بفضل الطبيب، فيفضح المتآمرين ويطالب بمحاكمة المجرمين الحقيقيين لا تقديم كبش فداء.
الموضوع :
يعبّر مراد عن رفضه للنفاق السياسي وتواطؤ رجال الدولة، ويصرّ على القصاص من كل المجرمين الذين أفسدوا البلاد وحاولوا اغتياله وتعميته.
التقسيم :
-
استرجاع تجربة السجن والتعذيب وفضل الطبيب
- وصف السرداب والحمرة والدم والألم.
- إقرار بذكاء الطبيب ورحمةِه وادّعاء العمى لخداع الجلاّدين.
-
محاكمة الحاشية وفضح المجرمين
- تكرار النداء «هاتوا المجرمين» و«البالة جاعت».
- كشف الأسماء المتورّطة وتعرية نفاقهم وخوفهم.
-
موقف مراد من نفسه ومن ربه وعزمه على القصاص
- إعلان أنّه سيفاً على رقابهم جميعاً.
- دعاء إلى الله أن يمدّه بالقوة ليقضي على الإفك والبهتان.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفظ والحوار
1- أشار المتلفّظ إلى حضوره في خطابه بطريقتين. استخرج ما يدلّ عليهما.
– استعمال ضمير المتكلّم مثل: «إني أرى… إني أسمع… إني لم أفعل…»
– الأفعال الدالّة على المعايشة المباشرة: «أرى السرداب… أسمع شتائم الزبانية…».
2- تنوّع المخاطَبون في أقوال مراد. بيّن ذلك وحدّد دلالته.
يخاطب مراد: الطبيب، رجال الدولة والحاشية، نفسه، ثمّ ربّه. يدلّ هذا التنوع على
اضطرابه النفسي، واتساع دائرة الاتّهام، وعمق شعوره بالخذلان من الجميع.
3- بم تفسّر توجّه مراد ببعض قوله إلى ذاته؟
لأنه يعيش صراعاً داخلياً حادّاً؛ فيراجع نفسه، ويستعيد ذكرياته، ويؤكّد لنفسه أنّ
قضيته عادلة وأنه لم ينسَ ما لقيه من تعذيب وخيانة.
4- يهيمن مراد على الحوار. استخرج ما يؤكّد ذلك وعلّل هذه الهيمنة.
يتجلّى ذلك في كثرة مقاطعه، وتكرار أوامره ونداءاته مثل:
«هاتوا المجرمين»، «البالة جاعت»، وفي الإشارات الركحية
التي تصفه وهو يتحرّك ويشير ويخاطب الحاضرين. هيمنته مبرّرة لأنه محور الحدث وصاحب
المأساة وكلّ الشخصيات تدور حول قضيته.
خطاب الإدانة
5- فيم تتمثّل قضيّة مراد؟ وبم يتّهم حاشيته؟ وما حجّته على ذلك؟
قضيّته هي محاسبة المجرمين الحقيقيين الذين أفسدوا البلاد وتآمروا على
الشرفاء. يتّهم حاشيته بالنفاق والتواطؤ وتقديم الطبيب كبش فداء. حجته أنهم
يعرفون كل شيء ويذكرون الأسماء واحداً واحداً ومع ذلك يحاولون إخفاء
جرائمهم.
6- تعدّدت أساليب التعبير وتصاعدت نبرة الوعيد. ما علاقة ذلك بوضع الشخصية؟
استعمل مراد السرد، والأمر، والاستفهام، والدعاء، والتهديد؛ ومع تصاعد الوعيد يكشف
النص حالة مراد النفسية المتوتّرة بين الألم والحقد والرغبة في استرجاع الكرامة
بيده.
7- في كلام مراد ما هو منطقي موضوعي، وفيه ما هو انفعالي ذاتي. ميّز النوعين وأيهما الغالب؟
– المنطقي الموضوعي: طلبه معاقبة «اليد التي حرّكت الأداة والعقل الذي أمر
اليد»، أي مساءلة المسؤولين الحقيقيين.
– الانفعالي الذاتي: تهمته للجميع «كلكم مجرمون» وتهديده
«سأقطع رقابهم بنفسي».
الغالب هو الخطاب الانفعالي لأن مراد يتكلّم تحت تأثير الغضب والوجع.
الجنس المسرحي وشخصية مراد
8- أي سمات يبرزها النص في شخصية مراد؟ حدّد القرائن الدالّة على ذلك.
مراد شجاع، متمرّد، حادّ في طلب العدالة، متوتّر نفسياً.
من القرائن: «لن أقف عند هذا الحد»، «سأتتبّعهم بالسيف»،
«ربي امنحني القوة لأقطع دابر الإفك»، ممّا يجمع بين النزعة
الثورية والانفعال الشديد.
التقويم :
* ما أهمية الفقرة الوصفية الأولى في خطاب مراد؟ وهل تحقّقت بها المقاصد؟
الفقرة التي يسترجع فيها السرداب والحمرة والدم تُجسّد فظاعة التعذيب، وتبرّر
ثورته، وتكسب خطابه مصداقية عاطفية. بذلك تحقّق مقصِدَيْن: إدانة الجلّادين واستدرار
تعاطف المتلقي.
* أرصد العبارات التي تتكرّر على لسان مراد وبيّن علاقتها بحالته النفسية ومشروعه الانتقامي.
من العبارات المتكرّرة: «هاتوا المجرمين»، «البالة
جاعت». تكرارها يكشف هوسه بالقصاص، وشعوره بأن الدم لن يهدأ حتى يُعاقَب
كل من أجرم في حقّه وحقّ البلاد.
* إذا كان مراد قد قال سابقًا «آمين» و«العين بالعين» فقد ردد هنا «البالة جاعت». ما دلالة الترديد وما العلاقة بين العبارات؟
العبارات الثلاثة تدور حول العدل والقصاص: «آمين» دعاء بالإنصاف،
«العين بالعين» تأكيد للقصاص بالمثل، و«البالة جاعت» تصوير مجازي لعطش السيف إلى
دم الظالمين. التكرار يعبّر عن إصراره على تحقيق العدالة ولو بالعنف.
* هل يمكن أن تتعاطف مع مراد وتقرّه على ما ينوي القيام به من انتقام؟ ولماذا؟
نتعاطف مع مراد من حيث مظلوميته وصدق إحساسه بالظلم، لكن لا نقرّ
كلّياً مشروعه الانتقاميّ لأن العدالة ينبغي أن تبقى منضبطة بالقانون لا مندفعة
وراء الغضب الشخصي، حتى لا يتحوّل المظلوم إلى جلّاد جديد.
الاحتفاظ ب :
يكشف هذا المشهد عن قوّة الحوار المسرحي في رسم الشخصيات وفضح النفاق السياسي؛ فخطاب مراد يجمع بين الاعتراف، والتجربة الذاتية، ونداء العدالة، ممّا يجعله مشهداً مكثّفاً يلخّص روح المسرحية كلّها.
التوظيف :
يمكن مقارنة موقف مراد بمواقف أبطال مآسٍ أخرى (كالشخصيات التراجيدية في المسرح العربي أو العالمي) من حيث تحوّل الضحية إلى قاضٍ وجلّاد في آن، والصراع بين العدالة الشرعية والانتقام الشخصي، وهو ما يمنح النص بعداً إنسانياً يتجاوز زمانه ومكانه.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire