شرح نص أثر اختفاء المرأة – الأيام 3
التقديم :
نص «أثر اختفاء المرأة» مأخوذ من الجزء الثالث من سيرة طه حسين «الأيام». يروي فيه الكاتب حياة الفتى وصاحبيه الزيات والزناتي قرب الأزهر، حيث عاشوا غرباء عنه روحيا، يحيون حياة أدبية قائمة على القراءة والجدل واللعب، وتتأثر بحرمانهم من حضور المرأة في واقعهم.
الموضوع :
يبيّن النص أثر غياب المرأة عن حياة الفتية في الأزهر وما نتج عنه من حياة أدبية قلقة تمزج بين الحرمان والخيال والتجربة الغزلية غير المتوازنة.
التقسيم :
-
حياة الفتى وصاحبيه بين الأزهر والجامعة: لهوٌ وقراءة وصحبة أدبية بعيدًا عن الجدّ الأزهري.
-
صورة حياة الأديب في تلك الأيام: متعة مختلسة وبؤس نفسي وقراءات متنوّعة تصوغ مزاجهم.
-
تجربتهم الغزلية واختلاف مواقفهم: بين غزل عذري خيالي وغزل نواسي واقعي يكشف أثر اختفاء المرأة.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
التلفظ والألفاظ
1- من «المتحدث عنه» في هذا النص؟ وبم تميز عن النصين الأولين؟
المتحدث عنه هو الفتى، وهو طه حسين نفسه، ومعه صديقاه الزيات والزناتي. يتميز هذا النص عن النصين
الأولين بأنه يركّز على حياتهم الأدبية والعاطفية لا على طفولته ولا على تعلّمه الأزهري فقط.
2- بمَ عبّر المتلفظ عن الزمن في النص؟ وما درجة الوضوح والدقة في تحديده؟
عبّر عن الزمن بتعابير عامة مثل «أعوامًا» و«تلك الأيام»، فيحيل إلى مرحلة الشباب قبل الجامعة دون
تحديد سنوات بعينها، لذلك جاء تحديد الزمن تقريبيًا لا دقيقًا.
3- ما القرائن التي تجعل هذا النص قريبًا من باب «الاعترافات»؟
من القرائن الحديث عن تجاربه الخاصة مع صديقيه، وذكر أسماء حقيقية مثل الزيات والزناتي، وكشف
مشاعره وتردّده بين اللهو والجدّ؛ فهو يسجّل جانبًا من حياته بصدق نسبي، وإنْ تحفّظ باستعمال ضمير
الغائب وعدم الإغراق في كشف الأسرار.
البنية
4- ادرس البنية التركيبية والبلاغية للفقرة التي تبدأ بـ«وهم قرؤوا شعر أبي نواس...» وتنتهي
بـ«تعرضها عليهم الحياة»، واستنتج ما يميز أسلوب الكاتب.
تتكوّن الفقرة من جمل طويلة مترابطة بالواو، وتقوم على التدرّج من الحديث عن كثرة القراءات إلى أثرها
في نفوس الفتية، مع مقابلة بين المحافظين والمجددين في الغزل. يغلب عليها الأسلوب التحليلي التأملي
الممزوج بالصور البلاغية، وهو مما يميز كتابة طه حسين في «الأيام».
5- في أي موقع من النص يلتقي المضمون بالعنوان المختار للنص؟
يلتقي المضمون بالعنوان خاصة في الفقرات التي تصف خلق الفتية لمثلٍ عليا للجمال وحرمان المحافظين من
لقاء الغواني، مقابل حظ المجددين من الوجوه الصباح؛ فهنا يتجلى بوضوح أثر اختفاء المرأة في حياتهم
الأدبية والغزلية.
حياة الأدباء
6- بمَ وصف الراوي حياة الأدباء في «تلك الأيام»؟ وإلام أرجع ذلك؟
وصفها بأنها مزيج من متعة قصيرة تُختلس بين حين وآخر وبؤس نفسي يفرضه الأديب على نفسه. وأرجع ذلك إلى
الصورة الشائعة للأديب البائس الطامح إلى نعيم بعيد، وإلى الظروف الاجتماعية التي تفرض عليه الحرمان
والقلق.
7- ما هي مطالعات الفتية؟ وما منزلة الأدب القديم فيها؟ وبم يعلَّل ذلك؟
كانوا يطالعون الشعر الجاهلي والإسلامي والعباسي، وأخبار الشعراء والكتّاب وعلماء اللغة، إضافة إلى
بعض الصحف. وكان للأدب القديم منزلة كبرى لأنه نموذجهم الأعلى في التفكير والشعور والسلوك، ولأنهم
أرادوا أن يعيشوا كما عاش أولئك الأقدمون في الخيال على الأقل.
8- بيّن كيف وظّف الفتية قراءاتهم الأدبية في عيش تجربتهم الغزلية.
تقلّد المحافظون منهم شعر الغزل العذري، فاختلقوا محبوبات خيالية على مثال جميل وكثير، في حين
قلّد المجددون شعر أبي نواس وأصحابه فاتخذوا من بعض الوجوه الصباح موضوعًا لغزل واقعي. وهكذا تحوّل
ما قرؤوه من نصوص إلى طريقة في الإحساس والحب والتصرّف.
الاحتفاظ ب :
- في «الأيام» يقترب طه حسين من أسلوب الاعتراف؛ فهو يقدّم تجربته وتجربة جيله، لكنّه يكتفي بالتلميح لا التصريح، فيجمع بين الصدق الذاتي والتحفّظ الأخلاقي.
- تكشف السيرة الذاتية هنا عن ذات فردية وذات جماعية في آن واحد؛ فهي لا تؤرخ لحياة الفتى وحده، بل ترسم أيضًا صورة لجيل من الأدباء الشباب في مطلع القرن العشرين.
التوظيف :
قارن بين هذا النص ونص أحمد حسن الزيات «المثلث»، وهل تجد في نص الزيات ما يكمل نصنا؟
يشترك النصان في الشخصيات نفسها (الفتى وصاحباه) وفي تصوير حياة أدبية قلقة قائمة على الحرمان
والغربة عن الأزهر. ويضيف نص الزيات تفاصيل زمنية ونفسية أدق، فيحدّد سن الفتية وظروفهم، مما يكمّل
صورة طه حسين ويجلي بعض ما أجمله من مراحل حياتهم.
تأكد من صحة الاستنتاج المتعلق بأعمار الفتية.
يذكر الزيات أن الفتية كانوا نحو السادسة عشرة عند دخولهم الأزهر، ثم عاشوا أعوامًا غرباء عنه قبل
التحاقهم بالجامعة سنة 1908، فيكون عمرهم عند هذه المرحلة حوالي الثانية والعشرين. وهذا منسجم مع
ما يورده طه حسين من أنهم قضوا «أعوامًا» بين الأزهر والجامعة، فلا ينقص من قيمة السيرة الذاتية،
بل يوضح تسلسل مراحلها.
التقويم :
1- لمَ صرّح الكاتب باسمي صديقيه في البداية ثم أخفاهما عند الحديث عن السلوك الغزلي؟
صرّح باسميهما لإثبات واقعية التجربة وصدقها التاريخي، ثم تحفّظ عن ذكرهما في تفاصيل السلوك
الغزلي مراعاةً لسمعتهما واحترامًا لخصوصيتهما، فجمع بين الصراحة واللباقة.
2- ألا ترى في ذلك ما ينقص من قيمة النص في السيرة الذاتية؟ علّل.
هذا لا ينقص من قيمة النص، بل يزيدها؛ لأن السيرة ليست كشفًا فاضحًا لكل شيء، بل هي سرد صادق
يراعي الأخلاق والذوق العام، وقد حافظ طه حسين على جوهر الحقيقة دون أن يسيء إلى أصدقائه.
3- ما تقييمك لدراسة هؤلاء الفتية لشعر أبي نواس؟
هي دراسة أغنت ثقافتهم ووسعت أفقهم الجمالي، لكنها حملت بعضهم على تمثّل حياة لهو لا تلائم سنّهم
وبيئتهم المحافظة، مما جعل تأثرهم بأبي نواس ذا وجهين: وجه معرفي إيجابي وآخر سلوكي محفوف بالمخاطر.
4- ما حكمك على ظروف حياة المراهق والشاب في تلك الأيام؟ وما أثر غياب المرأة بسبب منع
الاختلاط؟
كانت ظروف المراهق والشاب قاسية ومقيّدة، حيث تسود الرقابة الاجتماعية ويُمنع الاختلاط بين الجنسين،
فنتج عن ذلك حياة عاطفية معقّدة يدفعها الحرمان إلى المبالغة في الخيال أو إلى ممارسات غير سوية.
لذلك تحوّل الأدب والقراءة عند الفتية إلى تعويض رمزي عن غياب المرأة في واقعهم.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire