lundi 10 novembre 2025

تعريف ليلى بعلبكي – رائدة الرواية النسوية العربية

تعريف ليلى بعلبكي – رائدة الرواية النسوية العربية

ليلى بعلبكي (1936 - 21 أكتوبر 2023) كانت روائية وصحفية وناشطة نسوية لبنانية، تُعدّ من أبرز الأصوات الأدبية في العالم العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. اشتهرت بجرأتها الفكرية وبأسلوبها الأدبي الحداثي الذي كسر القيود الاجتماعية وفتح آفاقًا جديدة أمام الأدب النسوي العربي.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلدت ليلى بعلبكي سنة 1936 في بيروت، في عائلة لبنانية محافظة. منذ صغرها، أبدت شغفًا بالقراءة والكتابة، وكانت تميل إلى التعبير الحر عن أفكارها ومشاعرها.
درست الأدب في الجامعة اليسوعية ببيروت، وهناك بدأت تكتب مقالات وقصصًا قصيرة تعكس وعيها المبكر بقضايا المرأة والحرية.
عملت في الصحافة اللبنانية، واشتهرت بكتاباتها الجريئة التي ناقشت موضوعات كانت تُعدّ من المحرمات في مجتمعها آنذاك. كما تنقلت بين بيروت وباريس، مما أكسبها ثقافة واسعة وانفتاحًا فكريًا انعكس في أعمالها الأدبية.
توفيت في لندن عام 2023، بعد حياة حافلة بالإبداع والتمرد الأدبي والفكري.

2- أهم إنجازاتها الأدبية والفكرية

1. الرواية

بدأت مسيرتها الأدبية بروايتها الشهيرة "أنا أحيا" سنة 1958، وهي من أوائل الروايات العربية التي قدّمت المرأة كصوت حرّ يعبّر عن ذاته بصدق وجرأة.
تتناول الرواية رحلة فتاة لبنانية تبحث عن ذاتها وسط القيود العائلية والاجتماعية، وقد أثارت ضجة كبيرة عند صدورها بسبب أسلوبها الصريح ونزعتها التحررية.
أتبعت ذلك برواية "الإلهة الممسوخة" سنة 1960، التي واصلت فيها نقد التقاليد الاجتماعية والتصدي لمفهوم السلطة الأبوية. عكست هذه الرواية تطور رؤيتها الفكرية وعمقها النفسي في تناول قضايا المرأة والهوية.

2. القصص القصيرة

نشرت مجموعة قصصية بعنوان "سفينة حنان إلى القمر" سنة 1963، عبّرت فيها عن عالم داخلي مشحون بالعواطف والأسئلة الوجودية، ومزجت بين الخيال والرمز في تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة والمجتمع.
هذه المجموعة أثارت جدلًا واسعًا، إذ حوكمت بعلبكي حينها بتهمة "خدش الحياء العام"، لكنها تحوّلت إلى رمز للحرية الأدبية في العالم العربي.

3. الصحافة والنشاط الفكري

عملت بعلبكي في مجال الصحافة الثقافية، وكتبت مقالات تناقش قضايا المرأة العربية، الحرية الفردية، والمجتمع الذكوري.
كما كانت من أوائل الكاتبات اللواتي ربطن بين الأدب والنشاط الاجتماعي، مؤمنة بأن الكلمة قادرة على إحداث التغيير.

3- الرؤية الأدبية والفكرية

كانت ليلى بعلبكي ترى أن الأدب فعل تحرّر قبل أن يكون مجرد كتابة.
في رواياتها وقصصها، لم تكن المرأة مجرد موضوع، بل كانت كائنًا فاعلًا يسعى لإثبات ذاته في عالم يرفض صوته.
مزجت بين الواقعية والوجودية، فعبّرت عن صراع الإنسان مع ذاته ومع المجتمع، وطرحت أسئلة حول المعنى، الحرية، والتمرد.
أسلوبها تميّز باللغة الشعرية المكثّفة والجمل القصيرة الحادة التي تشبه صرخة احتجاج ضد الصمت المفروض على المرأة.

4- القضايا التي تناولتها في أعمالها

تحرّر المرأة من القيود الاجتماعية والدينية.
الصراع بين التقاليد والحداثة في المجتمع العربي.
الهوية الفردية ومعاناة المرأة في البحث عن ذاتها.
الجسد كرمز للحرية، ورفض تحويله إلى أداة خضوع.
التمرد على السلطة الأبوية والسياسية في آن واحد.

من خلال هذه القضايا، أرادت بعلبكي أن تفتح باب النقاش حول مفهوم الحرية في المجتمعات العربية، لا سيّما حرية التفكير والتعبير.

5- التأثير والإرث الأدبي

تُعدّ ليلى بعلبكي من الرواد الأوائل للأدب النسوي العربي، إذ سبقت جيلًا كاملًا من الكاتبات في طرح موضوعات التحرر الذاتي والجسدي للمرأة.
أثّرت أعمالها في العديد من الكاتبات العربيات اللواتي رأين فيها نموذجًا للشجاعة الفكرية والإبداع غير المقيّد.
ورغم أن محاكمتها دفعتها إلى التوقف عن الكتابة الأدبية لفترة طويلة، إلا أن أعمالها القليلة نسبيًا كانت كافية لتجعلها رمزًا أدبيًا وثقافيًا خالدًا.
روايتها "أنا أحيا" تُعدّ اليوم من كلاسيكيات الأدب العربي الحديث، لما فيها من جرأة فكرية وصدق إنساني.

الخاتمة

لقد كانت ليلى بعلبكي أكثر من مجرد روائية؛ كانت صوتًا للحرية في زمن الصمت، ووجهًا من وجوه التمرد الأدبي والنسوي في العالم العربي.
برواياتها ومقالاتها، فتحت الطريق أمام أجيال من النساء الكاتبات اللواتي واصلن الدفاع عن حق المرأة في أن تحيا وتعبّر وتفكر بحرية.
وهكذا، يبقى اسمها محفورًا في ذاكرة الأدب العربي كرمز للشجاعة والإبداع والريادة.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire