شرح نص لميعة
التقديم :
نص «لميعة» مقتطف من كتاب «شارع الأميرات» للكاتب جبرا إبراهيم جبرا، وهو نصّ سير ذاتيّ يستعيد فيه الراوي أوّل لقاء له بالشاعرة لميعة العسكري في النادي الأولمبي ببغداد، فيصف جمالها وحضورها المرح وعلاقته بأصدقائه وساهرة، ويبيّن كيف غيّر هذا اللقاء مسار حياته العاطفية.
الموضوع :
يسترجع الكاتب ذكرى لقائه الأوّل بلميعة العسكري، فيصف مظهرها وسحر ضحكتها وحيويّتها، ويحكي كيف تعرّف إليها عبر ساهرة وكيف خرج معهما ومع عدنان للعشاء في فندق السندباد، مؤكدًا أن هذه اللحظة كانت نقطة تحوّل في حياته.
التقسيم :
-
مشهد ظهور لميعة في النادي ووصفها الخارجي
من «كانت تضحك، تضحك…» إلى «…وأنا أرقبها مأخوذًا».- وصف مظهر لميعة وملابسها وطريقة لعبها بالنبق.
- إبراز أثر جمالها في نفس الراوي.
-
التعارف والجلوس مع الأصدقاء والخروج للعشاء
من «لميعة! لميعة!» إلى «…ومن أيدي هذين النادلين بالذات، الياس وحنا».- التعريف بالشخصيات: ساهرة، عدنان، نهاد…
- الاقتراح بالذهاب إلى فندق السندباد والعشاء هناك.
-
العودة إلى ما قبل اللقاء وتفسير صورة لميعة وصداقته بساهرة
من «كانت ساهرة قد عادت منذ أسابيع من أمريكا…» إلى نهاية النص.- كيف تعرّف الراوي إلى ساهرة وحديثها عن لميعة.
- تصحيح صورته الأولى عن لميعة وبيان صدق ساهرة ومرح لميعة.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
نظام السرد
1- يختلف نظام ترتيب الأحداث في النص عن نظام ترتيبها في الزمان. بيّن ذلك.
لا يلتزم الراوي بالتسلسل الزمني العادي للأحداث، فهو لا يبدأ من البداية ثم يتدرّج زمنيا،
بل ينطلق من لحظة لقائه بلميعة في سنة 1951، ثم يعود إلى ما قبلها ليتحدّث عن ساهرة
وحديثها عنها، فيمزج الحاضر بالماضي في حركة استرجاعية متقطّعة.
2- بأي أسلوب في السرد خلّص الكاتب نصّه من رتابة التعاقب الزمني؟
استعمل الكاتب الاسترجاع (الفلاش باك) والتنقّل بين أزمنة مختلفة، فكان يعود إلى
مواقف سابقة ويعلّق عليها، مما أعطى النص حيوية وحرّك السرد ومنعه من الرتابة.
بلاغة الخطاب
3- استخرج من وصف الراوي لشخصية لميعة ما يدل على أنه يُنشئها باللغة إنشاءً شعريًا بليغًا.
من العبارات الدالّة على البلاغة الشعرية:
– «في ضحكتها سحر لن يقاومه أحد»
– «واسعة العينين مع عقصتين من شعرها القصير تعبثان على جبينها»
– «منحوتة الشفتين المرجانيتين»
– «أسنانها تعطي ضحكتها وهج اللآلئ»
كلّها صور وتشبيهات تجعل لميعة كأنّها لوحة فنية متحركة.
4- نشر الراوي صورة لميعة على كامل النص. بيّن ذلك.
لميعة هي مركز الحكي في النص: ظهورها في النادي، لعبها بالنبق، حوارها مع ساهرة،
العشاء في فندق السندباد، وحتى استرجاع ذكريات الدراسة والسفر كلّها مرتبطة بها؛
لذلك ظلّ حضورها ممتدًا من بداية النص إلى نهايته، فغلبت صورتها على مجرى السرد كله.
5- فيم تتمثل قيمة الأسلوب الذي نقل به الراوي الأقوال في النص؟
نقل الأقوال بأسلوب مباشر أعطى النص حيوية وواقعية، وقرّب الشخصيات من القارئ،
فبدت حواراتهم طبيعية تكشف علاقاتهم وطباعهم وخفّة ظلّهم (مثل نداء ساهرة: «لميعة! لميعة!»)
وأظهر مكانة الراوي بينها.
6- قارن بين زمن الفعل في الأقوال المنقولة مباشرة وزمن الفعل في سرد الأعمال.
في الأقوال المنقولة مباشرة يغلب المضارع أو الماضي القريب لإعطاء الإحساس بالحضور
والحيوية عند الحديث (مثل: «تمثيل، أستاذ، تمثيل»).
أمّا في سرد الأعمال فيستعمل الراوي غالبًا الماضي لأنه يروي أحداثًا وقعت في زمن منقضٍ
ويسترجعها من ذاكرته (مثل: «كانت تضحك، وحملت تحت إبطها مضرب التنس…»).
رسوخ الذاكرة
7- استخرج من النص مظاهر لدقة الراوي في سرد الذكرى.
من مظاهر الدقّة:
– تحديد الزمن بدقّة: «آخر يوم من شهر آذار 1951».
– تحديد المكان: «النادي الأولومبي»، «ساحة عنتر»، «فندق السندباد»، «شارع الرشيد».
– وصف الملابس: «تنورة بيضاء قصيرة»، «قميص أبيض قصير الردنين مفتوح العنق»،
«حذاء مطاطيًا».
– وصف حركاتها: قذف حبات النبق رأسيًا في الفضاء وتلقّفها بين أسنانها.
– ذكر الأسماء كاملة: عدنان رؤوف، نهاد، محمود الحوت، زيد أحمد عثمان، أغاثا كريستي، مالوان…
كلّ هذا يبيّن أنّ الذكرى راسخة في ذهنه.
8- فسّر بقاء تلك الذكرى راسخة على مرور الزمن في ذاكرة الراوي، وما هو التعبير الدال على ذلك؟
بقيت الذكرى راسخة لأنها كانت لحظة حاسمة في حياته، غيّرت مساره العاطفي وربطته بلميعة
التي صارت زوجته فيما بعد. والتعبير الدال على ذلك هو قوله:
«وهل أنسى ذلك التاريخ الذي حسم لي مسار حياتي؟»
غاية التذكّر
9- فيم يتجلى صدق الكاتب وصراحته في ما يسترجعه من وقائع وما يصوره من مشاعر؟
يظهر صدقه في اعترافه بانبهاره الشديد بلميعة، وفي وصفه غير المتكلّف لمشاعره أمامها،
وفي ذكره غيرة زملائه الذين ظلّوا يراقبونه من البار، وكذلك في اعترافه بسوء حكمه الأول
عليها حين ظنّها «جهمة الوجه» لا تبتسم. فهو لا يخفي أخطاءه ولا يحاول تجميل صورته.
10- ما غاية المترجم لذاته من استعادة لقائه الأول مع المرأة التي أصبحت فيما بعد زوجته؟
يريد أن يبيّن كيف بدأت قصّة ارتباطه بلميعة، وأن يبرهن أنّ لقاءً واحدًا قد يغيّر حياة الإنسان،
كما يسعى إلى إعادة بناء ذاكرته وتثبيت تلك اللحظة في نصّ مكتوب، ليشارك القارئ
تجربته العاطفية والإنسانية الصادقة.
الاحتفاظ ب : التذكر والتخيّل
لا يهدف كاتب سيرته إلى إيجاد تطابق تام بين ما عاشه في الماضي وما يكتبه الآن، لأنّ العودة الدقيقة إلى ما جرى أمر مستحيل. إنّما هدفه هو إعادة بناء ذكرياته في شكل قصصي متماسك ينسجم مع رؤيته الفكرية والنفسية التي نمت مع الزمن. فالتذكّر يمتزج دائمًا بشيء من التخيّل وإعادة التشكيل للأحداث.
التوظيف :
– فيم تتمثل قيمة استخدام المضارع في استرجاع أحداث ماضية بعيدة عن زمن الكتابة؟
استخدام المضارع في حكاية أحداث ماضية يجعل القارئ يحسّ أن المشهد يجري أمامه الآن،
فيحوّل الماضي إلى حاضر حيّ، ويزيد من التوتّر والانفعال في النصّ، ويعمّق مشاركة
القارئ في التجربة.
– أعد صياغة أسطر من نص جبرا تجعل فيها الأفعال في صيغة المضارع.
النص في الماضي: «كانت تضحك، تضحك، وتحمل تحت إبطها مضرب التنس…»
إعادة الصياغة بالمضارع:
«هي تضحك الآن، تضحك كأنها تعلم أن في ضحكتها سحرًا لا يُقاوَم، وتحمل تحت إبطها مضرب التنس،
وتمشي أمامنا بتنّورتها البيضاء القصيرة، وهي تقذف حبة النبق عاليًا ثم تتلقّفها بين أسنانها الضاحكة،
وأنا أراقبها مأخوذًا.»
التقويم :
* إلى أي حد استطاع الكاتب الإيهام بأن ما يعيد بناءه من ذكريات يطابق ما عاشه وجربه؟
نجح الكاتب إلى حدّ كبير في هذا الإيهام لأنه قدّم تفاصيل دقيقة عن الزمن والمكان والأشخاص،
ووصف حالته النفسية كما عاشها، فبدت لنا الذكريات حقيقية وملموسة، مع أننا نعلم أنّها
مصفّاة برؤيته الحالية.
* لا يمكن أن يرد حديث المترجم لذاته عن الآخرين إلا ذاتيًا. ما رأيك؟
هذا صحيح، لأنّ كاتب السيرة الذاتية يروي العالم من زاويته هو. فهو لا يقدّم صورة
موضوعية كاملة عن الآخرين، بل يقدّم انطباعه الشخصي عنهم كما حفظتهم ذاكرته،
لذلك يبقى الحديث عنهم ذاتيًا مهما حاول أن يكون محايدًا.
يستعيد الراوي ذكرى لقائه الأوّل بلميعة العسكري، فيصف جمالها ومرحها وتأثيرها العميق في حياته، وكيف تحوّل ذلك اللقاء العابر إلى بداية قصّة حبّ غيّرت مساره.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire