شرح قصيدة رأيتُ بعيني فوق ما كنت أسمع
التقديم :
نص «رأيتُ بعيني فوق ما كنت أسمع» مقطوعة حماسية للشاعر ابن هانئ الأندلسي، يصف فيها موكب القائد جوهر الصقلي وجيشه الجرّار الخارج من إفريقية لفتح مصر بأمر الخليفة المعزّ لدين الله الفاطمي، اعتمادًا على ما أورده المؤرخون كابن تغري بردي وابن خلكان في وصف الحملة الفاطمية.
الموضوع :
يبرز الشاعر عظمة جيش جوهر الصقلي وهيبة قائده وتمجيد دولة المعزّ الفاطمي من خلال تصوير مشهد توديع الجيش واستعداده للفتح تصويرًا حماسيًا مفعمًا بالمبالغة.
التقسيم :
-
صورة مشهد الوداع من علٍ (من «رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع» إلى «والجيش لجة»)
- وصف امتلاء الأفق بالجيش، وحالة الدهشة والرهبة عند الشاعر.
-
تعظيم الجيش وسيره الجارف (من «ألا إن هذا حشد من لم يذق له» إلى «وإن سار عن أرض ثوت وهي بلقع»)
- إبراز ضخامة العسكر وقوته وتأثيره في الأرض والناس.
-
تمجيد القائد جوهر وزيّ الخلافة (من «لقد جل من يفتاد ذا الخلق كله» إلى نهاية المقطع)
- إظهار مكانة جوهر الاستثنائية، وارتباطه بالخلافة وامتلاكه زمام الأمر.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم والتحليل
1- ارتسمت صورتان: صورة فوقية من علٍ تُظهر امتلاء الأفق بالجيش وضخامته، وصورة أفقية من قرب تُبرز تفاصيل الخيول والرايات ومشهد الوداع. الغرض من هذا الأسلوب هو تقديم مشهد شامل يقنع المتلقي بعظمة الجيش، ويزيد المعنى الحماسي قوّة ووضوحًا.
2- من عناصر الصورة الأولى: الأفق المسدود بالجيش، تغيّر منظر الشمس، حركة العسكر كالسيل. اعتمد الشاعر على التشبيه والاستعارة والمبالغة مثل «سدّ الأفق» و«الجيش لجة». اختار زاوية علوية ليُبرز كثافة الجند واتساعهم، فنتج عن ذلك إحساس قويّ بالرهبة والهيبة في نفس القارئ.
3- من صفات جوهر وأعماله: قيادته لجيش يفوق العدّ، طاعة القواد لأمره، سيره المهيب الذي «تسير له الجبال»، ظهوره في زيّ الخلافة، إحاطته بالجنود والأعلام والأموال. هذه الصفات تجعله قائدًا فذًّا استثنائيًا، وإن شابها كثير من المبالغة التي تخدم تمجيد الدولة الفاطمية سياسيًا.
4- من مظاهر الإيقاع الداخلي: تكرار الأصوات (كالحاء والعين في «أشيع / أودع / أسمع»)، والجناس والازدواج في مثل «تسجد… تركع»، والتوازن في طول الشطرين. هذا الإيقاع يزيد النص حيوية، ويجعل الصور أبلغ، ويُسهم في خلق جوّ حماسي يتلاءم مع موضوع الحرب والجيش.
5- مبالغة المعزّ تظهر في كثرة العتاد والمال الذي أرسله مع جوهر، وفي صبّ الذهب في قوالب الأرحاء وحمله على الجمال لإظهار الغنى والقوة. أما مبالغة الشاعر فحاضرة في تصوير الجيش وهو يسدّ الأفق، والجبال التي تسير، والخلق الذين يطيعون القائد طاعة مطلقة. مقصد المعزّ سياسيّ ترهيبيّ لإبراز قوة الدولة، ومقصد الشاعر فنيّ وإيديولوجي يهدف إلى تمجيد الخليفة وقائده في نفوس الناس.
6- من المعاني الحماسية في مشهد التوديع: ضخامة الجيش واستعداده، انبهار الشاعر بقوة العسكر، إظهار وحدة الجند وطاعتهم لقائدهم، التطلّع إلى النصر والفتح، الإيحاء بقدرة هذا الجيش على حسم المعارك، وكل ذلك يبعث الاعتزاز والفخر في المتلقي.
النقاش
1- تركيز الشاعر على القائد طبيعي في شعر الحماسة والمدح؛ لأن جوهر يمثّل رمز الدولة الفاطمية، وتمجيده يعني تمجيد الخليفة نفسه. لهذا جعل منه محور الصورة، بينما جاء الجيش والعتاد عناصر مسانِدة تبرز عظمته.
2- اقتصر الوصف على الجانب الخارجي لأن الهدف الأساسي هو إظهار قوة الجيش لا وصف قلق المقاتلين أو مشاعرهم الباطنة. فالمشهد جزء من دعاية حربية، والغرض منه بثّ الرهبة والحماس، لذلك ركّز الشاعر على الرايات والسروج والخيول والأعداد بدلًا من الانفعالات النفسية التي قد توحي بالضعف أو الخوف.
بمناسبة هذا النص :
الكتابة
اكتب نصا تجمع فيه معاني الحماسة في قصائد ابن هانئ.
يمكن جمع معاني الحماسة عند ابن هانئ في إبراز قوة الدولة الفاطمية، وتعظيم جيوشها وقادتها، وربط النصر بإرادة الخليفة، مع الإكثار من صور المبالغة التي تجعل القائد فوق العادة والجيش قوة لا تُقهر.
الحقل المعجمي
استخرج من النص المعجم المتصل بالجيش.
من هذا المعجم: العسكر، الجيش، حشد، خيل، مطايا، سيوف، قواد، أعلام، قباب، حجاب، جند، صناديق الأموال، السير، الرحيل، المعارك.
النحو
بيّن نوع العلاقة التركيبية القائمة بين الأبيات 3 و4 و5.
الأبيات 3 و4 و5 مرتبطة بعلاقة عطف وتنسيق؛ فهي جمل فعلية متتابعة تشترك في المتكلم نفسه وتصف حالة واحدة هي مشهد الوداع، فيجري المعنى فيها متسلسلًا دون انقطاع، مما يحقّق تناسقًا نحويًا ودلاليًا.
الموازنة والإيقاع
تتحقق الموازنة في تقارب أواخر الأبيات وألفاظها في الوزن والصياغة مثل: «أشيع / أودع»، «يسمع / يركع»، وهو ما يمنح القول طلاوة وانسجامًا. أمّا الإيقاع الناتج عن هذا التساوي الصوتي وتكرار الصيغ، فيجعل القصيدة أقرب إلى الأناشيد الحماسية التي تشحذ الهمم وتؤثر في النفس موقع الاستحسان.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire