jeudi 6 novembre 2025

تعريف الشاعر المنصف الوهايبي

تعريف الشاعر المنصف الوهايبي

المنصف الوهايبي هو شاعر وأديب تونسي معاصر، يُعدّ من أبرز الأصوات الشعرية في تونس والعالم العربي. لم يكن مجرد كاتب عابر في زمن مزدحم بالأسماء، بل كان صوتًا يحمل في حروفه عبق التاريخ ودفء الذاكرة، وكأنّه ينهل من ينابيع الماضي ليزرع جمالًا جديدًا في أرض الشعر الحديث. اشتهر بقدرته على جعل اللغة مساحة للتأمل والسفر الداخلي، فيخلق من القصيدة بيتًا تتجول فيه الروح بخفة وحكمة.

1- مولده ونشأته

وُلد المنصف الوهايبي سنة 1949 في مدينة القيروان، تلك المدينة التي تشبه قصيدة قديمة، مزيّنة بأبوابها الخشبية وأسواقها العتيقة وأصوات المؤذنين التي ترتفع في سمائها منذ قرون. في هذا الجو الروحاني والثقافي، بدأ الطفل الصغير يكتشف الكلمات قبل أن يتقن اللعب بالحروف. كانت القيروان بالنسبة إليه أوّل كتاب وأولى قصيدة، فنهل من جمالها وعمق تاريخها ما جعله يحمل في قلبه حساسية خاصة تجاه الجذور والهوية والتراث.

كبر في بيت يقدّر العلم والثقافة، فكان يرى الكتب مثل نوافذ مفتوحة على عوالم أخرى، وكان يلتقط من جلسات الكبار مفردات ومعاني شكلت بدايات وعيه الأدبي. ومن هنا، بدأت بذرة الشعر تنمو داخله بهدوء وثبات.

2- تكوينه العلمي ومسيرته الأكاديمية

انتقل الوهايبي إلى التعليم الجامعي وتخصص في الأدب العربي، ليجمع بين الموهبة الفطرية والدراسة العميقة. لم يكن مجرد شاعر يكتب من وحي الإلهام، بل باحث يغوص في التاريخ الأدبي، يفتش في صفحات التراث العربي، ويضيء دروب الفهم أمام طلابه وقرائه.

اشتغل أستاذًا جامعياً وغدا من أبرز الأكاديميين في مجال النقد والشعر، ينشر أبحاثًا ويشارك في ندوات وملتقيات، ويقدم رؤية نقدية تجمع بين الأصالة والانفتاح على الفكر الحديث. كان صوته حاضرًا في الجامعات كما في قصائده، يجمع بين العقل والشعور، والعلم والإبداع.

3- أعماله وإبداعه الأدبي

أصدر الوهايبي مجموعة من الدواوين الشعرية التي حملت بصمته الخاصة، فيها صور شعرية عميقة، ومزج بين التاريخ والأسطورة والأحلام الإنسانية. كانت اللغة عنده كائنًا حيًّا، يتشكل وينبض ويتحرك بين يديه. من دواوينه:

"عيون الكوفة"
"دفاتر الذاكرة"
"ألواح"
"منادمة"

كما ألّف كتبًا نقدية ودراسات أكاديمية اهتمت بالشعر العربي القديم، وبناء القصيدة، والبلاغة العربية، حتى بات مرجعًا للباحثين والطلاب.

ولم يكن الإبداع عنده انعزالًا عن الحياة، بل كان حوارًا دائمًا مع الزمن والتجربة الإنسانية، ومع الوجدان العربي في صراعاته وأحلامه.

4- تأثيره ومكانته

ترك المنصف الوهايبي أثرًا واضحًا في الساحة الأدبية التونسية والعربية. أحبه القارئ لأنه صادق في كتابته، وأحترمه الباحث لأنه عميق في دراسته. جمع بين شاعر يكتب بقلبه وعالم يشتغل بعقله، فكان صوته مختلفًا ومميزًا في زمن تتعدد فيه الأصوات.

صنع بصمة خاصة، لا تُخطئها عين القارئ ولا ذاكرة الأدب. وإلى اليوم، لا يزال اسمه يقترن بالرصانة، والجمال، والنفس الصوفي الذي يلامس الروح قبل العقل. وقد أسهم في تكوين أجيال من الطلاب الذين تعلّموا منه أنّ الكلمة مسؤولية وأن الشعر حياة.

الخاتمة

إن الحديث عن المنصف الوهايبي ليس مجرد تقديم لسيرة أديب، بل هو رحلة داخل روح شاعر حمل مدينته وتراثه ولغته في أعماقه، وظل وفيًّا للقصيدة كما لو كانت وطنًا صغيرًا يسكنه أينما حلّ. ترك لنا أعمالًا تعيش، وصوتًا شعريًا يدعو إلى التأمل والجمال، ليظل أثره حاضرًا في الأدب التونسي والعربي، كجسر يصل الماضي بالحاضر، والحرف بالروح.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire