تعريف الشاعرة نازك الملائكة

تعريف الشاعرة نازك الملائكة 

نازك الملائكة (1923-2007) هي شاعرة وناقدة عراقية بارزة، تُعدّ واحدة من رواد حركة الشعر الحر في الأدب العربي المعاصر، وقد تركت أثرًا لا يُمحى في تجديد بنية القصيدة العربية وتطوير الحس الجمالي واللغوي في الشعر. تميزت بإبداعها العميق ومواقفها الفكرية الجريئة، وكانت صوتًا شعريًا يعبر عن القلق الوجودي، والبحث عن الحرية، والتمسك بالقيم الإنسانية والهوية.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلدت نازك صادق الملائكة في بغداد عام 1923 في أسرة مثقفة تهتم بالأدب والعلم. كان والدها شاعرًا ومثقفًا، ووالدتها أيضًا شاعرة وكاتبة، مما وفر لها مناخًا ثقافيًا عزز ميولها الأدبية منذ الصغر. درست اللغة العربية ثم أكملت دراساتها العليا في الأدب واللغات الأجنبية في بغداد والولايات المتحدة.

كان شغفها باللغة والفكر يتجلى مبكرًا في كتاباتها ومحاضراتها، وقد شكلت البيئة الثقافية المتنوعة في العراق آنذاك أرضًا خصبة لصقل موهبتها وبروزها كواحدة من أهم الأصوات الشعرية النسائية في القرن العشرين.

2- أبرز إنجازاتها الأدبية والفكرية

1) الشعر

بدأت نازك الملائكة تجربتها الشعرية في سن مبكرة، وقدمت إسهامًا تاريخيًا في تطور الشعر العربي عبر الدعوة للتحرر من قيود الوزن والقافية التقليدية واعتماد الشعر الحر.

تميز شعرها بغنائية رقيقة ولغة مشحونة بالعاطفة والقلق الوجودي، وبمواضيع تعكس صراعات الإنسان النفسية والاجتماعية.

من أبرز أعمالها الشعرية:

"عاشقة الليل" (1947)

أولى دواوينها، حملت فيه رؤية شاعرية تفيض بالرومانسية والحزن والحنين. ويُعد من العلامات الفارقة في الشعر العربي الحديث، ومقدمة لثورتها التجديدية.

"شظايا ورماد" (1949)

يُنظر إلى قصائد هذا الديوان بوصفها لحظة ميلاد الشعر الحر، حيث نشرت قصيدتها الشهيرة "الكوليرا" التي جسدت المأساة الإنسانية بعمق وأسلوب جديد.

"قرارة الموجة" (1957)

تناولت فيه موضوعات الوجود والموت والحياة بمنظور فلسفي وروحي ناضج.

2) النقد الأدبي والفكر

إلى جانب الشعر، قدمت نازك إسهامات نقدية مهمة تناولت فيها تاريخ الشعر العربي وأسسه الفنية، كما حللت التجربة الشعرية الحديثة بصرامة منهجية وإحساس جمالي راقٍ.

من أبرز كتبها النقدية:

"قضايا الشعر المعاصر" (1962)

كتابها الأشهر، وضعت فيه الأسس النظرية لفهم الشعر الحر، ودافعت عن التجربة التجديدية بأسلوب علمي وأدبي رفيع.

"الصومعة والشرفة الحمراء"

دراسة فكرية تناولت فيها قضايا الإنسان والهوية والحرية من منظور فلسفي ونفسي.

3) التعليم والبحث الأدبي

درّست نازك الملائكة في جامعات العراق والكويت ومصر، وأسهمت في تكوين جيل من الشعراء والباحثين. كانت ترى أن التعليم رسالة سامية، وأن الأدب وسيلة لبناء الوعي الإنساني.

3- القضايا والرؤية الفكرية

طغت على أعمال نازك قضايا إنسانية ووجودية متعددة، أهمها:

الحرية والبحث عن الذات

وهي محور أساسي في شعرها، تعكس رغبتها في تجاوز القيود الاجتماعية والفكرية.

القلق الوجودي والموت والحياة

نظرة عميقة إلى الوجود الإنساني وصراعاته الداخلية.

الدفاع عن المرأة

كانت من الأصوات النسائية الرائدة التي نادت بوعي المرأة لذاتها ودورها دون انجرار للخطاب الصدامي، بل بلغة متزنة وواعية.

التجديد الأدبي

آمنت بأن الأدب يجب أن يتطور مع الحياة، دون أن يقطع جذوره التراثية.

4- التأثير والإرث

أحدثت نازك الملائكة نقلة نوعية في الشعر العربي، وكانت من أبرز رواد الشعر الحر إلى جانب بدر شاكر السياب. تركت إرثًا شعريًا وفكريًا خالداً، وأثرت في أجيال من الشعراء، كما ساعدت على ترسيخ حضور المرأة المثقفة في المشهد الأدبي العربي.

انتقلت إلى القاهرة في سنواتها الأخيرة وتوفيت عام 2007، لكنها بقيت حاضرة في الذاكرة الأدبية كرمز للتجديد، والجرأة الفكرية، والرقة الإنسانية.

الخاتمة

تُعد نازك الملائكة من أهم الشخصيات الشعرية في العالم العربي، فقد ساهمت في تأسيس مرحلة جديدة من الإبداع والتفكير الشعري. جمعت بين الحس الشعري الرقيق، والرؤية الفكرية العميقة، والإرادة القوية في التحرر الفني والفكري، لتظل علامة مضيئة في سماء الأدب العربي الحديث ومرجعًا لا غنى عنه في دراسة الشعر المعاصر.