شرح موشح 2 بأبي علق
التقديم :
الموشح «بأبي علق» من شعر الغزل الأندلسي الموشّح، ينسب إلى أحد شعراء الأندلس المجهولين، وقد صيغ بأسلوبٍ غنائيّ يعتمد على التنغيم والإيقاع. يصف فيه الشاعر محبوبًا فريد الجمال، يجمع بين الرشاقة والحسن والبهاء، ويستعمل صورًا مأخوذة من الطبيعة مثل الزهر والماء واللآلئ والسوسن والورد. يتجلّى في النصّ المزج بين الجمال الحسي والعاطفة الصادقة في أسلوب موسيقيّ رشيق.
الموضوع :
يتغزّل الشاعر في محبوب جميل الصورة، رشيق القدّ، فاتن العينين، مأسور بلحظه وسحره، فيعبّر عن ولعه وهيامه به، ويصوّر أثر هذا الجمال في قلبه وروحه. الموشّح في جوهره نشيد حبٍّ يفيض بالعاطفة ويتميّز بجرسٍ موسيقيّ غنيّ بالمدود والتكرار.
التقسيم :
- المدخل الغزلي (من "بأبي علق بالنفس عليق" إلى "وجي بالا")
يبدأ الشاعر بتمجيد المحبوب ووصف جماله الفريد ولحظه الآسر. - الوصف التفصيلي (من "بدر يتغل..." إلى "بالسحر المبي")
يصف ملامح المحبوب من شعره وعذاره وثغره، مبرزًا تناسق الجسد وجمال الوجه. - الإحساس بالعشق والوجد (من "فله مشوق..." إلى "أنا أقول قو ليس بالله تذوقو")
ينتقل الشاعر إلى التعبير عن لوعة العشق وحرقة الفؤاد، لينتهي بالخرجة العامية التي تعبّر عن الصدق والعفوية.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
منزع الإبداع
1- خرج الوشاح عن السنة الشعرية في بناء الأوزان، كيف كان ذلك؟
خرج الشاعر عن نظام البيت الخليلي التقليدي إلى نظام الأغصان والأقفال، فجعل عدد المقاطع متفاوتًا، ومدّ الحركات في القوافي لتوليد نغمة موسيقية. حافظ على التفعيلة لكن بتصرّفٍ حرّ يخدم الغناء، مما جعل النصّ أكثر مرونةً وانسجامًا مع اللحن.
2- الأقفال والخرجة: ما المشترك بينها وما الذي يميز الخرجة؟
تشترك الأقفال في وحدة القافية وتكرار الأصوات وخاصة اللام والمدود، مما يضفي لحناً موحداً. أمّا الخرجة فتميّزت بلغتها البسيطة القريبة من العامية وبعفويّتها الغنائية، فهي تمثّل ذروة الغناء والعاطفة في الموشّح.
3- وصف الحبيب ومرجعيّته:
صوّر الشاعر محبوبه كالغزال في رشاقته، والبدر في إشراقه، والسوسن والورد في لونه وعطره، واللؤلؤ في ثناياه. هذه الصورة مأخوذة من الموروث الغزلي العربي المشرقي، لكن الوشّاح الأندلسي أضفى عليها لمسات من بيئته الغنية بالألوان والعطور والمياه.
التقويم :
* رأي ابن سناء الملك في بناء الأقفال:
أشار ابن سناء الملك إلى أنّ القفل الأوّل في هذا الموشّح مكوّن من جزأين، بينما الأقفال الأخرى من ثلاثة. ورغم هذا الاختلاف فإن الإيقاع لم يتأثّر، لأن البناء الموشّحي يقوم على الغناء لا على الوزن الصارم، مما يبرّر هذا التنويع الفني في عدد الأجزاء.
* رأي القزاز في الخرجة:
اعتبر القزاز الخرجة أجمل ما في الموشّح، وهي فعلاً كذلك لأنّها تعبّر عن الموقف العاطفي النهائي بصدقٍ وعفويةٍ موسيقيةٍ، فهي تمزج البساطة بالحلاوة وتترك في النفس أثرًا قويًا يجعلها سهلة الترديد والحفظ.
الاحتفاظ ب :
الوزن واللغة في الموشح:
تميّز الموشح بحرّيةٍ إيقاعيةٍ كبيرة، فالوشّاحون لا يلتزمون بنظامٍ واحد، بل ينوّعون الأوزان حسب متطلّبات الغناء. في هذا النص نلاحظ اعتماد المدود والتكرار الصوتي لإحداث إيقاع لحنيّ. أما اللغة، فقد ابتعدت أحيانًا عن فصاحة القصيدة الكلاسيكية نحو ليونةٍ صوتيةٍ تخدم الموسيقى.
معاني الغزل في الموشح:
الموشّح لا يقدّم معاني جديدة في الغزل، بل يستعيد الصور التقليدية مثل البدر والغزال والعطر والعيون، غير أنّ الجِدّة تكمن في الصياغة الموسيقية، وفي انصهار هذه المعاني داخل قالبٍ غنائيّ أندلسيّ جميل.
التوظيف :
أثر مدّ الحركات وصوت اللام في النص:
هيمن صوت اللام ومدّ الحركات في الموشّح مثل «عليق – رشيق – مريش – خليق» مما منحه نعومةً وانسيابيةً سمعيةً تجعله قريبًا من الغناء. هذا الإيقاع هو ما يجعل الموشّح قابلاً للتلحين والإنشاد بسهولة.
رأي جودت الركابي في لغة الموشحات:
يرى أنّ لغتها تميل إلى الركاكة، لكن هذا الحكم جزئيّ فقط، لأنّ الموشحات حقّقت تطوّرًا لغويًا عبر تبسيط الأسلوب واقترابه من الكلام الغنائي دون أن تفقد قيمتها الفنية. فهي لم تُضعف العربية بل أضافت إليها روحًا موسيقية جديدة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire