mardi 4 novembre 2025

شرح نص الموشح 1 «من ولي » - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

شرح موشح 1 «من ولي »

التقديم :

هذا النص موشح أندلسي غزلي، يُنسب إلى أبي بكر عبادة بن ماء السماء، يقوم على الشكوى من ظلم الحبيب وقسوته. يعتمد الوشاح في بنائه على الأقفال والأبيات والخرجة، ويغلب عليه الطابع الغنائي لأنّه أُعدّ أصلًا للإنشاد مع الموسيقى، فيبرز فيه صوت العاشق الذي يشكو سهام العيون، ويطلب الرأفة والإنصاف من محبوب لا يرحم.

الموضوع :

يتناول الموشح تجربة عاشق متألّم استولى عليه الحب حتى صار أسيرًا لسهم النظرات. فهو يصف قسوة المحبوب وتسرفه في ظلمه، ويصوّر ما يلاقيه القلب من احتراق بسبب العشق، ثم يلجأ إلى التوسّل والرجاء، راجيًا من محبوبه أن ينصفه ويستبقيه حيًا ولا يمعن في قتله بسيوف العيون وسهام اللحاظ.

التقسيم :

  1. المطلع والبيت الأول: عرض موقف العاشق من ظلم الحبيب، وطلب الإنصاف.

  2. الأبيات الوسطى: تصوير شدة العشق، واحتراق القلب، وسهام اللحاظ التي لا تخطئ.

  3. القفل الثالث والخرجة: توسل العاشق ونداؤه للمحبوب، وطلبه الرأفة والاستبقاء.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

تركيب الموشح والوزن

1 ـ ما هو الوزن الذي جاء عليه هذا الموشح؟ قطع القفل الأول (المطلع) والبيت الثالث (يـا سنا الشمس) واستنتج الفرق عروضيا بين القصيد والموشح.
جاء هذا الموشح على وزن غنائي خاص يعتمد على تفعيلات البحور المعروفة مع إدخال تغييرات عليها، فيقع التصرّف في عدد المقاطع وطولها بحسب حاجة الغناء. فالمطلع والقفل الأول يبرزان إيقاعًا منتظمًا، أمّا البيت الثالث فيظهر فيه اختلاف في عدد التفعيلات وتنوّع في طول الأشطر. ومن هنا يختلف الموشح عن القصيد؛ إذ تلتزم القصيدة بحرًا واحدًا وقافية واحدة من أولها إلى آخرها، بينما يسمح الموشح بتعدّد الأوزان والقوافي داخل النص الواحد لخدمة الموسيقى والإنشاد.

2 ـ تتبّع حركة الضمائر في النص بداية من البيت الأول إلى الخرجة. ماذا تلاحظ حول تنوّعها والتداول بينها؟
نلاحظ في النص تداولًا واضحًا للضمائر:

  • ضمير المتكلم المفرد: «قلبي»، «بفؤادي»، «قتلي»، «استبقني».
  • ضمير المخاطب المفرد: «يا مسرف»، «سهمك المرسل»، «يا سنا الشمس»، «يا منى النفس».
  • ضمير الغائب: في الإشارة إلى المحبوب أحيانًا بوصفه «صنمًا مصورًا من كل شيء حسن».

هذا التنوع في الضمائر يخلق حوارًا حيًّا بين العاشق والمحبوب، ويقرّب القارئ من التجربة الشعورية؛ فالعاشق ينتقل من وصف حاله (المتكلم) إلى مخاطبة محبوبه مباشرة (المخاطب)، ثمّ يعود أحيانًا إلى الغائب ليصفه، وبذلك يتجسّد التوتر الداخلي بين الشكوى والرجاء.

أساليب الإنشاء وأهمية المطلع

3 ـ ما أهمية المطلع والبيت الأول في هذا الموشح شكلا ومضمونًا؟
للمطلع والبيت الأول أهمية كبيرة من جهتين:

  • من حيث الشكل: يضعان الإيقاع العام للموشح، ويعرّفاننا على نظام الأقفال والأبيات، كما يرسّخان القافية والنغمة التي تتردّد في بقية المقاطع.
  • من حيث المضمون: يقدّمان الفكرة الرئيسية وهي ظلم الحبيب وإسرافه في قهر العاشق، وطلب الإنصاف والرأفة. فكلّ ما يأتي بعد ذلك هو تفصيل لما ورد في المطلع من شكوى وتوسّل.

4 ـ استُعملت في القفل الثالث وفي البيت الثالث خمسة أنواع من أساليب الإنشاء الطلبي. حدّدها وبيّن دورها في إكساب هذا المقطع قيمته الأدبية (في المبنى والمعنى).
من أساليب الإنشاء الطلبي في هذا المقطع:

  • النداء: «يا مسرف»، «يا سنا الشمس»، «يا منى النفس»، «يا سؤلي».
  • الأمر: «فانصف»، «وارأف»، «استبقني».
  • النهي: «ولا تقل».
  • الاستفهام: «ألا ترى...؟» إن ورد في الخرجة أو ما يقارب هذا الأسلوب.
  • التمني أو الرجاء: المتضمَّن في عبارات الطلب مثل «فانصف» و«وارأف».

هذه الأساليب تجعل المقطع مليئًا بالحركة والانفعال، وتكشف حالة العاشق المتوسّل، فيرتفع التوتر العاطفي ويزداد التأثير في السامع. كما أنّ تكرار النداء والأمر يضفي على النص موسيقى داخلية تزيد من قيمته الفنية.

الاحتفاظ ب :

الوزن واللغة في الموشح

للوزن في الموشح المنزلة الأولى؛ فهو الذي تتحرك في إطاره اللغة. لذلك يتكيّف التركيب النحوي أحيانًا مع متطلبات الإيقاع والغناء، فيقع الحذف أو التقديم والتأخير أو مخالفة الإعراب من أجل حفظ النغمة. وقد يستعمل الوشّاح بعض البحور المألوفة، لكنّه يدخل عليها تغييرات تجعل لها أوزانًا خاصة بهذا الفن.

الأساليب البلاغية في الموشح

يعتمد الموشح على التشبيه (تشبيه الحبيب بالشمس والصنم المصوَّر)، وعلى الاستعارة (السهم المرسل، نار الفتن)، والمبالغة في تصوير أثر العشق، إضافة إلى التكرار والنداء. هذه الأساليب تمنح النص طابعًا غنائيًا، وتعمّق المعنى العاطفي للعشق والشكوى.

التقويم :

* ألا ترى أن كثرة المخالفة لقواعد الإعراب والرسم قد تضعف من لغة الموشح وتنقص من قيمته عمومًا؟ علّل إجابتك.
لا يمكن القول إنّ هذه المخالفات تضعف لغة الموشح ما دام المعنى واضحًا والإحساس صادقًا. فالوشّاح يتصرّف في الإعراب وفي رسم الكلمات لأجل الإيقاع والغناء، وهذا جزء من طبيعة هذا الفن. بل إنّ هذه الحرية في استعمال اللغة تمنح الموشح حيوية وقربًا من العامّة، وتجعله أكثر ملاءمة للإنشاد الموسيقي، من غير أن تسقط قيمته الأدبية إذا ظلّ محافظًا على جمال الصورة وصدق العاطفة.

التوظيف :

* قال ابن بسّام في وصف أبي بكر عبادة بن ماء السماء إنّه شيخ الصناعة وإمام الجماعة... ادرس هذه القولة مبيّنًا قيمة أبي بكر الشاعر والوشّاح كما عبّر عنها ابن بسّام، ومعلّقًا على الجملة الأخيرة «واشتهر بها... من حسناته».
يقدّم ابن بسّام أبا بكر عبادة بوصفه أحد كبار المبدعين في فن التوشيح؛ فهو "شيخ الصناعة" أي المتقدّم فيها، و"إمام الجماعة" أيّ أنّ باقي الوشّاحين يقتدون به. وهذا يدلّ على مكانته المميّزة في تطوير الموشح وتهذيبه. أمّا قوله «واشتهر بها اشتهارًا غلب على ذاته وذهب بكثير من حسناته» فيعني أن شهرته في التوشيح غطّت على أنواع أخرى من شعره، فصار الناس لا يذكرون من إبداعه إلا الموشحات، مع أنّ له حسنات أخرى كثيرة في القول الشعري.

* هل أن ذكر «علي» في خرجة هذا الموشح يجعله موشحًا في الغزل بالمذكّر؟ علّل إجابتك.
مجرّد ذكر اسم «علي» في الخرجة لا يجعل الموشح غزلًا بالمذكّر؛ لأنّ المقياس هو موضوع النص العام واتجاه الخطاب. فالصور والمعاني في هذا الموشح تدور حول محبوب غزليّ على الطريقة المألوفة، ويظهر فيه وصف العيون واللحاظ والقسوة والرأفة، وهي معانٍ لا تلزمنا باعتبار الغزل موجّهًا إلى مذكّر. لذلك يبقى الموشح في إطار الغزل العاطفي العام، وذكر الاسم يمكن أن يكون لازمة غنائية أو تقليدًا في الخرجات لا أكثر.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire