mardi 4 novembre 2025

شرح نص الموشح 4 أيها الساقي - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

شرح موشح أيها الساقي

التقديم :

موشح «أيها الساقي» لابن زهر من روائع الغزل الأندلسي الندماني، يجمع بين الشكوى من لوعة الحبّ والابتهاج بمجلس الشراب والأنس بالنديم. يقوم النصّ على مخاطبة الساقي والتوجّه إليه بالشكوى، ثمّ ينتقل إلى تصوير حال العاشق المتألّم الذي أضناه البكاء وفرّق قلبه الهوى، فيغدو الموشح لوحة غنائية تتضافر فيها العاطفة والموسيقى والصور البديعية.

الموضوع :

يعرض الشاعر في هذا الموشح حال عاشقٍ شكا همّه إلى الساقي والنديم، فانغمس في الشراب طلبًا للنسيان، غير أنّ فراق الحبيب طال عليه فاسودّت دنياه وعمِيت عيناه من كثرة البكاء. يصف الشاعر اضطراب قلبه ووهَن قواه واحتراق كبده بين اليأس والطمع، فيقدّم صورة إنسانية لعاشق لا يجد مخرجًا من ألمه إلا في البوح والدمع والأنين.

التقسيم :

  1. النداء والشكوى إلى الساقي

    • استفتاح الموشح بنداء «أيها الساقي» وإعلان حالة الشكوى والضيق.
    • الإشارة إلى مجلس النديم وما فيه من شراب وأنس.
  2. تصوير حال العاشق المتألّم

    • وصف تغيّر العين من كثرة الدمع وعَشَاوَتها.
    • بيان ما يعانيه القلب من خفقان ووهَن، وما يعيشه العاشق من خوف الفراق.
  3. خاتمة اليأس وذلّ الطمع

    • إبراز تناقض العاشق بين رجاء الوصل ويأسه من نيل المنى.
    • الاعتراف بعمق الكمد والذلّ اللذين سببهما الحبّ غير المجاب.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

وضعية التلفّظ

1- هل المخاطَب في النص واحد من أوّل الموشح إلى نهايته؟ علّل جوابك.
لا، فالمخاطَب يتغيّر في الموشح؛ ففي الأبيات الأولى يتوجّه الشاعر إلى الساقي شاكياً همَّه: «أيها الساقي إليك المشتكي»، ثمّ يلتفت أحيانًا إلى النديم أو إلى المحبوب وإلى نفسه في لحظات البكاء والحنين. يدلّ هذا التنوّع على تقلّب أحوال العاشق بين الشكوى والعتاب والبوح الذاتي.

2- تتبّع حركة الضمائر في هذا النص وبيّن ما يمكن استنتاجه منها.
تتنقّل الضمائر بين ضمير المتكلم (لي، عيني، نفسي)، وضمير المخاطَب (إليك، تسمع، اسمع خبري)، وضمير الغائب (من يهواه، يبكي، يبكي لما لم يقع). هذا التنقّل يكشف عن حالة الاضطراب النفسي التي يعيشها العاشق؛ فهو تارةً يحدّث غيره، وتارةً يشكو لنفسه، وتارةً يصف محبوبه، مما يعكس غنائية الموشح وشدّة انفعال قائله.

أساليب التوشيح

3- ما هي أساليب البديع المستعملة في هذا الموشح؟ وما أضفته على جماليته الإيقاعية والبلاغية؟
من أساليب البديع في هذا الموشح: الجناس مثل «الراح من راحته»، والتكرار في الألفاظ والتراكيب، والمقابلة بين اليأس والطمع، إضافة إلى حسن التقسيم في العبارات القصيرة المتوازنة. هذه الأساليب تُحدث موسيقى داخلية لطيفة وتُيسّر التلحين والإنشاد، كما تزيد المعاني قوّةً وإيحاءً وتجعل الشكوى أكثر تأثيرًا في النفس.

التعبير عن الشكوى والبكاء

4- قام النص على الشكوى والبكاء. بيّن تجليات ذلك وادرس طرق التعبير عنهما.
تتجلّى الشكوى في النداء: «أيها الساقي إليك المشتكي»، وفي وصف ما نزل بالعاشق من كمد وذلّ. أمّا البكاء فبرزه قوله: «عشيت عيناي من طول البكا»، حيث صوّر كثرة الدمع حتى أثّر في البصر. عبّر الشاعر عن ذلك بتوظيف معجم شعوري (كمد، ذلّ، حرقة، طمع، يأس) وصور حسّية تتعلّق بالعين والقلب والدمع، ممّا جعل الألم ملموسًا ومقنعًا.

مرجعيات الوشّاح

5- ما هي مرجعيات ابن زهر في رسم صورة المحبّ والمحبوب؟ وضّح ذلك.
يستند ابن زهر في رسم شخصيتي المحب والمحبوب إلى تراث الغزل العربي القديم الذي يجعل العاشق مضطرم القلب، قليل الصبر، كثير الدمع، وإلى الغزل الأندلسي الذي يقرن الحبّ بالخمرة والأنس والطرب. فالمحبوب هنا قريب من صورة الساقي النديم الذي يخفّف الهمّ، والمحبّ عاشق متألّم يطمع في الوصل ويخاف الفراق، وهي صورة متداولة في شعر الندماء والموشّحات.

التقويم :

7- أيّ القراءتين تفضّل: «كَمَدُ اليأسِ وذُلُّ الطمعِ» أم «كَمَدَ اليأسِ وذُلَّ الطمعِ»؟ علّل.
أميل إلى قراءة الرفع: «كمدُ اليأسِ وذلُّ الطمعِ» لأنّها تجعل «الكمد» و«الذلّ» فاعلَيْن للشكوى؛ أي أنّ اليأس والطمع هما اللذان أحدثا الألم في نفس الشاعر، فيغدو التركيب أبلغ في بيان سبب المعاناة وأقوى في التأثير.

8- يرى بعضهم أن هذا الموشح ضعيف لخلوّه من التصرّف في الوزن الخليلي ولفصاحة الخرجة. ما رأيك؟
لا يبدو الموشح ضعيفًا؛ فقوّته في انسجام أجزائه وتدفّق نغمته وتكثيف صوره الوجدانية. إنّ محافظة الشاعر على الوزن ولجوءه إلى خرجة فصيحة لا ينقصان من قيمته، بل يدلّان على حرصه على سلامة اللغة وحسن السبك، مع الحفاظ على روح التوشيح القائمة على الغنائية واللحن.

الاحتفاظ ب : الموشح والبديع

يحرص الوشّاحون على تبسيط المعجم والتراكيب ليُتاح إنشاد الموشح وترديده، ويعتمدون في الوقت نفسه على أساليب البديع مثل الجناس والتكرار وحسن التقسيم لخلق إيقاع داخلي جذّاب يسهّل التلحين ويحفظ غنائية النص. وموشح «أيها الساقي» مثال واضح على هذا التوازن بين بساطة اللغة وغنى الصنعة الفنية.

التوظيف :

في هذا الموشح تغزّل الشاعر بالساقي أو النديم أو الساقي النديم. مثّل لذلك وقارنه بالغزل بالمحبوب عامّة.
يتجلّى الغزل بالنديم في نداء الشاعر: «أيها الساقي إليك المشتكي» وفي ذكره «الراح من راحته»، حيث يجعل الساقي شريكًا في السرور والهمّ في آن واحد. هذا النوع من الغزل يختلف عن الغزل بالمحبوبة في الشعر التقليدي الذي يركّز على جمال المرأة وصفاتها، بينما الغزل هنا يدور حول الصحبة والأنس وتخفيف لوعة القلب. ومع ذلك يلتقي النوعان في إبراز حرارة العاطفة وصدق الانفعال وعمق التعلّق بالمحبوب أكان امرأة أم نديمًا.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire