vendredi 7 novembre 2025

إنشاء حول محور العمل 9 أساسي - تاسعة أساسي

إنشاء حول محور العمل 9 أساسي (مزايا العمل و مساوئ البطالة) - تاسعة أساسي

الموضوع:

ركن أحد جيرانك إلى البطالة وعزف عن البحث عن عمل، فرأيته ذات يوم في نادٍ للترفيه ينفق ماله بسلوكٍ مبذّرًا إيّاه، يشتكى الحجج. فحاولت أن تقنعه بمساوئ البطالة ومزايا العمل.
انقل ما دار بينكما من حوار مبيّنًا الحجج التي اعتمدتها في إقناع جارك.

المقدمة

يُعَدّ العمل أساس حياة الإنسان، فهو الذي يمنحه الكرامة ويؤمّن حاجاته ويجعله عضوًا فعّالًا في المجتمع. فبِالعمل تُبنى الأوطان وتتحقّق الآمال، أمّا البطالة فهي آفة خطيرة تُهدّد استقرار الفرد والمجتمع وتفتح أبواب الفقر والانحراف. لذلك من الضروري أن نُدرك قيمة العمل ونبتعد عن البطالة حتى نضمن مستقبلاً مشرقًا لنا ولوطننا.

الجوهر

للعمل فوائد كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، فهو قبل كل شيء سبيل للعيش الكريم، إذ يمكن العامل من توفير حاجاته المادية من مأكل وملبس ومسكن، ويحميه من الفقر والضعف والاعتماد على الآخرين. وقد قيل: "من لم يحترف لم يعتلف"، أي من لا يعمل لا يستطيع العيش. والعمل أيضًا يملأ وقت الإنسان ويبعده عن الفراغ الذي يُعتبر مصدرًا للمشاكل والأفكار السلبية، كما قال محمود تيمور: "ما العمل إلا استغراق في أعماق الحقائق وعزوف عن التفاهة والفراغ".

ومن جهة أخرى، يمنح العمل صاحبه ثقة بالنفس واعتزازًا بجهده، ويحفظ كرامته ويجنّبه التسوّل، ويجعله نافعًا بين الناس محبوبًا في مجتمعه. كما أنّه باب للإبداع واكتشاف المواهب وتحقيق الأحلام، فلا تقدّم ولا نجاح بلا عمل واجتهاد.

ولا تقتصر أهميّة العمل على الفرد فقط، بل تشمل المجتمع أيضًا، فالأوطان لا تتقدّم إلا بسواعد أبنائها. وقد أصبحت اليابان قوة اقتصادية كبرى بفضل تقديسها لقيمة العمل والاجتهاد. فكل عامل في موقعه يساهم في بناء وطنه؛ المعلّم يُربّي الأجيال، والفلاح يغذّي الأمة، والعامل والمهندس يشيّدان المصانع والطرق والمؤسّسات. وبذلك يسود النظام وتنتشر الفضيلة وينخفض معدّل الجرائم والانحراف لأنّ العمل يحمي المجتمع من الفوضى.

لا يختلف اثنان في أنّ العمل باب العزّة والكرامة؛ فهو يعلّم الإنسان النظام والصبر ويكسبه الخبرة والمهارة، كما ينمّي قدراته الإبداعية ويتيح له تحقيق طموحاته وتجسيد أحلامه. فالإنسان العامل يختلط بالناس ويكتسب خبرة اجتماعية واسعة تمكّنه من فهم مجتمعه والتفاعل مع مشاكله ومختلف فئاته. كما أنّ العمل يرفع قيمة الإنسان في نظر الآخرين ويجعله معتمدًا على نفسه لا على غيره.

إضافةً إلى ذلك، فإنّ للعمل قيمة دينية عظيمة؛ فقد دعا الإسلام إلى السعي والاجتهاد، إذ يقول تعالى:
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"ما من مسلم يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة".


وهذا دليل أنّ العمل عبادة وطريق لرضا الله ونفع العباد.أمّا البطالة فهي على عكس ذلك، سبب مباشر للانهيار الفردي والاجتماعي. فالعاطل عن العمل يعجز عن توفير أبسط حاجاته، فيقع في دوامة الفقر والجوع والتشرد. ومع مرور الوقت، يشعر بالملل والضجر، و"الضجر يتحلّل تدريجيًا من قيمه وأخلاقه" كما قال الكاتب زهير محمود الكومي، فيلجأ أحيانًا إلى سلوكيات خاطئة قد تقوده للعقاب. كما أنّ البطالة تولّد لدى الفرد إحساسًا بالدونية والذل، فيفقد ثقته بنفسه وكرامته، وقد يصبح فريسة للأمراض النفسية كاليأس والاكتئاب.

وبسبب هذا اليأس، قد ينحرف العاطل عن العمل نحو العنف أو الإدمان أو حتى الانتحار، وقد يلجأ لطرق غير مشروعة لفرض احترامه على المجتمع، مثل الجريمة والسرقة والتسكّع في الشوارع ومخالطة رفاق السوء. وشتّان بين من عاش يومه عاملًا صانعًا لمستقبله، ومن قتله الفراغ فانطفأت جذوة حياته.

ولا يقف خطر البطالة عند الفرد فقط، بل يتعدّاه إلى المجتمع بأكمله؛ فالمجتمع الذي ينتشر فيه الكسل لا يتقدّم، وتتجمّد عقول شبابه "كالجبال الرواسي" كما قال ميخائيل نعيمة. والبطالة في المجتمع كالصخرة التي تسدّ النبع، تمنع تقدّمه وتصبح كمرض ينخر جسده حتى يسقط. فهي تُغذّي الفقر والانقسام وتُضعف الاقتصاد وتُهدّد الأمن، فتكثر الجرائم والسرقات وتنتشر الآفات الأخلاقية، لأنّ الفراغ أرض خصبة لكل سلوك منحرف. ولا شك أنّ مظاهر الانحراف تنتشر بين العاطلين أكثر من العاملين.

الخاتمة

خلاصة القول، العمل قيمة إنسانية عظيمة تحفظ الكرامة وتبني الأوطان، بينما البطالة طريق للهلاك والانحراف. لذلك يجب على كل شاب أن يُدرك أنّ مستقبله يصنعه بيديه، وأنّ الاجتهاد والبحث عن فرصة عمل أو تعلم حرفة خير من الجلوس وانتظار الحظ. فلنتمسّك بثقافة العمل ونحارب البطالة لتظلّ أوطاننا قويّة مزدهرة، ولنبنِ لأنفسنا حياة كريمة مليئة بالأمل والنجاح.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire