jeudi 6 novembre 2025

تعريف الكاتب جمال الغيطاني

تعريف الكاتب جمال الغيطاني

جمال أحمد الغيطاني (1364–1437هـ / 1945–2015م) هو روائي وصحفي مصري بارز، يُعد أحد أهم رموز الأدب العربي الحديث، وواحدًا من أبرز كتّاب الرواية التاريخية في العالم العربي. تميز بأسلوب خاص يمزج بين التراث المصري العميق والواقع المعاصر، وبقدرة مبدعة على توظيف اللغة التراثية والصيغ البلاغية القديمة في بناء عالمه الفني، مما جعل أعماله علامة متميزة في السرد العربي. عُرف بإسهاماته الكبيرة في توثيق التراث المصري، وفي الدفاع عن الهوية الثقافية والوجدان الشعبي.

1- السيرة الذاتية والنشأة

وُلد جمال الغيطاني عام 1945 في صعيد مصر، بمحافظة سوهاج، قبل أن ينتقل إلى القاهرة في طفولته. نشأ في بيئة متواضعة، غنية بروح الحارة المصرية وقيمها الشعبية، مما كوّن لديه وعيًا مبكرًا بالبيئة الاجتماعية والتراث الشعبي.

أظهر منذ صغره اهتمامًا بالتاريخ والفنون الإسلامية والعمارة، وكان من القُرّاء النهمين للتراث العربي الكلاسيكي، إلى جانب الأدب العالمي الحديث، مما ساهم في تشكيل مشروعه الأدبي الفريد الذي جمع بين الأصالة والتجديد.
2- مسيرته المهنية والأدبية

1) الأدب والرواية

بدأ الغيطاني مسيرته ككاتب قصصي، قبل أن يتجه إلى الرواية، ليصبح لاحقًا من رواد الكتابة التاريخية في الأدب العربي.

تميّزت أعماله بالعودة إلى التراث المصري الإسلامي والقبطي، واستحضار روح القاهرة القديمة، خاصة في عصر المماليك والفاطميين، بتقنيات سرد معاصرة ولغة مفعمة بروح التراث وصياغاته.

من أبرز أعماله الروائية:

"الزيني بركات" (1974)
إحدى أشهر رواياته، وظّف فيها وثائق وأساليب كتابة تاريخية ليُسقط أحداث الماضي على الحاضر، كاشفًا عن آليات القمع والسلطة في المجتمع. تُعد نموذجًا للرواية التاريخية السياسية.
"متون الأهرام"
عمل أدبي فريد يمتزج فيه التاريخ بالفلسفة والأسطورة، يستحضر فيه روح مصر عبر العصور وأبعادها الوجودية.
"أوراق شاب عاش منذ ألف عام"
نص سردي يجمع بين الخيال والرمزية والتراث الصوفي والتاريخي، ويعكس تأثره العميق بالتراث والمخطوطات القديمة.
"الرفاعي" و"حراس البوابة الشرقية"
أعمال تجسد مقاومة الإنسان للغزو والقهر، وتحيي الذاكرة الوطنية.

2) الصحافة والعمل الثقافي

عمل الغيطاني في مجال الصحافة وبرز في الكتابة السياسية والثقافية. التحق بجريدة أخبار اليوم ثم أصبح رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب، وأسهم في تأسيس خطاب أدبي ثقافي يقدم التراث ويواكب الحداثة.

كان من أبرز الأصوات المدافعة عن الثقافة والهوية، وعن حرية الإبداع وأهمية الذاكرة التاريخية.

3) البحث في التراث

كرّس جزءًا مهمًا من حياته لدراسة التراث المصري والإسلامي، ولا سيما العمارة المملوكية والفاطمية. أصدر أعمالًا توثيقية أبرزها:

"خطط الغيطاني"
مشروع ضخم مستوحى من "خطط المقريزي"، يوثق فيه تاريخ القاهرة ومعالمها الروحية والعمرانية.

3- الرؤية الفكرية والأدبية

امتازت تجربة الغيطاني بتجديد سياق الرواية العربية عبر:

العودة إلى التراث بوصفه مصدرًا للمعرفة وبوابة لفهم الحاضر
المزج بين الحقيقة والأسطورة، التاريخ والخيال
لغة عالية تأثرت بالنصوص الصوفية والوثائق التاريخية
نقد السلطة وتعرية آلياتها عبر استدعاء التاريخ
بحث فلسفي عن هوية الإنسان المصري وروحه العميقة

كان يرى الأدب وسيلة للحفاظ على الذاكرة الثقافية ومقاومة طمس الهوية.

4- التأثير والإرث

ترك جمال الغيطاني إرثًا أدبيًا وفكريًا هائلًا، واحتلت أعماله مكانة رفيعة في الأدب العربي والعالمي. تُرجمت أعماله للعديد من اللغات، ونال جوائز عربية ودولية مرموقة.
يُعد مشروعه الأدبي جزءًا من الذاكرة الثقافية العربية، ومن أهم الجسور التي ربطت القارئ العربي بتراثه، في رؤية تجمع بين الأصالة والحداثة.

توفي عام 2015 في القاهرة، وبقي حاضرًا في وجدان الأدب كأحد أبناء مصر الذين حملوا روحها عبر الزمن، محافظًا على نبضها في كتبه وسرده وتوثيقه.

الخاتمة

جمال الغيطاني ليس مجرد روائي كبير، بل هو حارس الذاكرة المصرية وروحها التراثية، ومجددٌ فتح أبواب الرواية العربية على آفاق جديدة من الأسلوب والفكر. استطاع أن يجعل الماضي حيًا في الحاضر، وأن يقدم الأدب بوصفه رسالة حضارية وروحية تتجاوز الزمن والمكان.
يبقى إرثه شاهدًا على عبقرية أدبية راسخة، وعلى قدرة الكلمة على حفظ التاريخ وصناعة المعنى والجمال.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire