lundi 3 novembre 2025

شرح نص إني ذكرتك بالزهراء - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

 شرح قصيدة إني ذكرتك بالزهراء

التقديم :

قصيدة «إني ذكرتك بالزهراء» للشاعر الأندلسي ابن زيدون قطعة من الغزل الرقيق، نظمت على بحر البسيط، يتذكّر فيها الشاعر أيّام أنسه بمحبوبته في متنزه «الزهراء» بضاحية قرطبة. تمتاز القصيدة بمزجٍ دقيق بين وصف الطبيعة الأندلسية الغنّاء والتعبير عن لوعة العشق ومرارة الفراق.

الموضوع :

يتناول الشاعر في هذا النصّ ذكرياته مع حبيبته في روض الزهراء، فيصف روعة الطبيعة من أفق صافٍ وزهر وندى وماء رقراق، ثم يجعل هذه الطبيعة مرآةً لوجدانه، فتبكي لبكائه وتشهد على حبه الصادق، لينتهي إلى التصريح بشدّة شوقه، وتمنّي اجتماعٍ جديد يكون من أكرم أيّام حياته.

التقسيم :

  1. المشهد الطبيعي وذكريات الوصل (من «إني ذكرتك بالزهراء» إلى «حتى مال أعناقًا»)

    • وصف الزهراء وضاحية قرطبة والروض والأفق في صورة بهيجة.

    • إيحاء هذا المشهد بأيام اللهو والسرور مع الحبيبة.

  2. امتزاج الطبيعة بوجدان العاشق (من «كأن أعينه إن عاينت أرقا» إلى «إشراقا»)

    • إسناد صفات إنسانية لعناصر الطبيعة: تبكي، تنافس، تباري.

    • جعل الطبيعة طرفًا مشاركًا في تجربة الحبّ.

  3. التصريح بالشوق والحنين وزمن الفراق (من «وما لصدري» إلى نهاية القصيدة)

    • بيان ضيق صدر العاشق وعدم سكون قلبه عن ذكر الحبيب.

    • التمنّي بلقاء جديد، وبيان عمق المحبّة ودوام العشق.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

التلفظ وحركة النص

1- إلى أي زمن يرجع الظرف «الآن» في البيت الأخير من النص؟ قارن بين دلالته الزمنية ودلالة الفعل «ذكرتك» في أول بيت.
يرجع الظرف «الآن» إلى زمن الحاضر الذي يعيشه الشاعر في حالة فراق ووحدة، فهو يتحدّث عن وضعه الراهن كعاشقٍ مبتعد عن حبيبته. أمّا الفعل «ذكرتك» في صدر القصيدة فيحيل إلى زمن ماضٍ سعيد عاش فيه الوصل والأنس في روض الزهراء. وهكذا يقوم النص على مقابلة زمنية بين ماضٍ جميل تسترجعه الذكرى، وحاضر مؤلم يطغى عليه البعد والحرمان.

2- بيّن كيف استحدثت حركة النص من وصف للطبيعة إلى تعبير عن النفس.
بدأ ابن زيدون بوصف الطبيعة: الزهر، النسيم، الروض، الأفق، الماء الفضيّ… وهي صور خارجية ترسم مشهد الزهراء في أجمل حلّة. لكن سرعان ما تتحوّل هذه الصور إلى مقدّمة للتعبير عن نفسه، فتصبح الطبيعة وسيلة لإثارة الذكرى وتحريك الشوق في قلبه، فيتدرّج النص من رسم الإطار المكاني إلى إبراز الانفعال الداخلي وما يعتمل في صدر العاشق من حنين ولوعة.

3- ما المقابلات التي بُني عليها الشاعر نصّه؟
بنى الشاعر نصّه على جملة من المقابلات، من أهمّها:

  • الوصال ↔ الفراق: أيّام اللهو والأنس الماضية في مقابل حاضر البعد والحرمان.

  • الماضي ↔ الحاضر: زمن الذكرى وزمن الواقع المعيش.

  • الفرح ↔ الحزن: بهجة الروض والضحى في مقابل ضيق الصدر وقلق العاشق.

  • السكون ↔ الحركة: نوم الدهر وسرقة العشّاق في الماضي، يقابله اضطراب القلب وعدم سكونه عن الذكر الآن.

الأساليب والمعاني

4- أبرز الوسائل البلاغية المعتمدة في تشكيل المشهد الطبيعي، موضّحًا كيفية التفاعل بين الأنا العاشق وعالم الطبيعة.
اعتمد الشاعر على عدّة وسائل بلاغية، من أهمّها:

  • التشبيه: يشبّه العيون إن عاينت الأرق، ويشبّه تشقّق الروض بتشقّق الأطواق عن اللبات.

  • الاستعارة: يُسند إلى الطبيعة أفعال الإنسان؛ فالورد «يبكي»، والندى «يجول»، والضحى «يزداد إشراقًا».

  • المجاز والكناية: في «نام الدهر سراقا» كناية عن استغراق الناس في النوم واغتنام العشّاق لفرصة اللقاء.

وبهذه الأساليب يتفاعل الأنا العاشق مع الطبيعة، فيرى في كلّ عنصر منها كائنًا حيًّا يشاركه حاله؛ فهي تتعاطف مع آلامه وتظهر متأثرة بحزنه وفرحه، فتتحوّل من مجرد إطار للحدث إلى شريك فعلي في التجربة الغرامية.

5- بيّن وجوه توظيف الشاعر للطبيعة مصدرًا أساسيًا للمعاني الغزلية في القصيدة.
تُوظَّف الطبيعة في القصيدة بعدّة أوجه:

  • هي مسرح الذكريات؛ ففيها جرت أيّام اللهو والأنس مع الحبيبة.

  • هي مرآة للعاطفة؛ فصفاؤها وإشراقها يعكسان صفاء الحبّ وبهجته في الماضي.

  • هي شاهد على صدق العشق؛ إذ تبكي لبكائه وتزداد إشراقًا بحضوره.

وهكذا تصبح الطبيعة مصدرًا أساسيًا لمعاني الغزل، تترجم حالة العاشق وتعمّق بعدها الوجداني.

ذكرى وشوق

6- حدّد دواعي التذكّر ووظيفته.
من دواعي التذكّر في النصّ:

  • شدّة الشوق إلى الحبيبة وحنين الشاعر إلى أيّام الوصل في الزهراء.

  • جمال الطبيعة الذي يوقظ في نفسه صور الماضي وأحداثه.

أمّا وظيفة التذكّر فهي إحياء الماضي الجميل وتعويض غياب الحبيبة، إذ يجد الشاعر في الذكرى وحفاظًا على حبّه من الذبول رغم طول الفراق.

7- استجلِ صورة العاشق بين زمن الوصل وزمن الفصل.
في زمن الوصل نراه عاشقًا منطلقًا، يلهو في الروض مع حبيبته، تحيط بهما الطبيعة البهيجة، فيسود جوّ الأنس والفرح. أمّا في زمن الفصل فيبدو العاشق مهمومًا، ضاق صدره، لا يهدأ قلبه عن ذكر الحبيب، يعيش على أمل اللقاء من جديد، ويتمنّى يومًا يعود فيه الاجتماع بمن يحبّ، فيصفه بأنه من «أكرم الأيام أخلاقًا».

التقويم :

8- إلى أي مدى يمثّل النصّ خصائص الغزل الأندلسي؟
يمثّل هذا النصّ نموذجًا واضحًا للغزل الأندلسي، لأنّه يجمع بين:

  • رقة الألفاظ وسلاسة العبارة وبعدها عن الغرابة والتعقيد.

  • غزارة الصور الفنية القائمة على التشبيه والاستعارة والمجاز.

  • الارتباط القوي بالطبيعة وجعلها إطارًا حيًّا للحبّ والتذكّر.

  • الصدق العاطفي وحرارة الشوق والحنين.

9- يضع بعضهم هذا النص ضمن الشعر الغزلي وآخرون ضمن شعر وصف الطبيعة. أين تضعه أنت؟ ولماذا؟
يمكن تصنيف هذا النصّ في الأساس ضمن الشعر الغزلي، لأنّ محور التجربة هو العلاقة العاطفية بين الشاعر وحبيبته، والطبيعة ليست سوى وسيلة لتجسيد هذه المشاعر وتعميقها. أمّا وصف الطبيعة فوظيفته أن يكون خلفية وجدانية للحبّ، لا غاية مستقلّة بذاتها، لذلك فالنصّ غزلٌ ممتزجٌ بوصف الطبيعة لا مجرّد قصيدة في الطبيعة.

الاحتفاظ ب : القدم والجدة

مع أنّ مطلع هذه القصيدة يختلف في الظاهر عن مطلع القصيدة التقليدية، فإنّه يمثّل صياغة جديدة للمشهد الطللي؛ فبدل وقوف الشاعر على أطلال الديار البالية، يقف على رياض الزهراء العامرة مسترجعًا فيها أيّام أنسه. ولم تكن الطبيعة عند ابن زيدون صورة جامدة وإطارًا خارجيًا للتجربة، بل كانت قريبة من الإنسان في أفعاله وصفاته، تتفاعل معه وتؤثّر في تجربته الغرامية، وهو ما يمنح النصّ في آن واحد روح القدم وروح الجِدّة.

التوظيف :

استخرج من النص ومن هذه القطعة ملامح العلاقة بين المتحابّين، وأين تصنّفها ضمن ما رأيته في غزل القرنين الأوّل والثاني؟

تكشف القصيدة والقطعة المستشهد بها: «أيوحشني الزمان وأنت أنسي…» عن علاقة تقوم على:

  • الأنس والراحة: الحبيب هو «الأنس» الذي يخفّف قسوة الزمان.

  • الوفاء والإخلاص: الشاعر يقدّم نفسه فداءً لمحبوبته، ويشكو غدر الزمان بعد أن جازاه على وفائه.

  • شدّة التعلّق والاستعداد للتضحية: يصل الأمر إلى تمني فداء الحبيب بالنفس.

هذه الملامح تقرّب العلاقة من الغزل العذري الصادق الذي ساد في القرنين الأوّل والثاني للهجرة من حيث صفاء المحبّة ودوامها، غير أنّ لغة ابن زيدون وصوره وطبيعة بيئته الأندلسية تجعل هذا الغزل حضريًا فنّيًا يجمع بين حرارة العاطفة ورقّة الأسلوب وجمال التصوير.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire