شرح قصيدة الحُسن مؤتلف فيها ومختلف
التقديم :
قصيدة «الحُسن مؤتلف فيها ومختلف» للشاعر الأندلسي ابن الأبار من شعر وصف الطبيعة والقصور، نُظمت على بحر البسيط. يصوّر الشاعر روضةً فريدة يختلط فيها جمال الماء والزهر والظلال بجمال القصور والمحاريب، فيجعل منها لوحةً بديعة تدعو إلى السرور والتأمل في نِعَم الله.
الموضوع :
يتغنّى الشاعر بروضةٍ جميلة تحيط بها القصور والبحيرة والزهور والجداول، فيبرز تآلف الجمال الطبيعي والصناعي فيها حتى تبدو كأنّها جنة خلد، ثمّ يرتقي من هذا الوصف الحسيّ إلى معنى ديني وأخلاقي يدعو إلى الزهد في زخارف الدنيا والتطلّع إلى نعيم الآخرة.
التقسيم :
-
وصف القصر والروضة في صورتها العامة
من مطلع القصيدة إلى قول الشاعر: «فالحُسن مؤتلفٌ فيها ومختلف»، وفيه يصف ما شاده السلطان من قصور وروضات ويُبرز امتزاج الجمال الطبيعي بالمصنوع. -
تفصيل عناصر الطبيعة ومتعة العيش فيها
من «دوحٌ وظلٌّ يلذّ العيش بينهما» إلى الأبيات التي تصف الخمائل والجداول والأزهار والثمار، وفيها يُفصّل الشاعر ما في الروضة من ماءٍ وزهرٍ ونسيمٍ وثمارٍ ندية. -
تشبيه الروضة بالجنة والتزهيد في زخرف الدنيا
من «كَجَنّةِ الخلد لا روعٌ ولا أسفُ» إلى نهاية النص، حيث يشبّه الروضة بجنّات الخلد، ويُبرز محاريبها وغرفها الداعية إلى الرضوان، ويزهد في زخارف الدنيا ولهوها.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
وضعية التلفظ
1- إلى من يحيل المتكلّم بضمير الغائب المفرد «هو» في بداية النص؟
يحيل الضمير «هو» إلى الغدير والروضة اللذين يتحدّث عنهما الشاعر في مطلع القصيدة، فهما موضوع الوصف ومحلّ الجمال الذي يشيد به.
2- ما علاقة الإخبار في البيت الأوّل بالخطاب في البيت الأخير؟
الإخبار في البيت الأوّل يقدّم خبرًا موضوعيًّا عن الروضة وما شيد فيها من بناء وزينة، أمّا الخطاب في البيت الأخير فيحوّل الكلام إلى توجيه مباشر للمخاطَب، فيلفت انتباهه إلى أنّ هذا الجمال يدعو إلى التأمّل والزهد في زخرف الدنيا. وهكذا ينتقل النص من وصف خبريّ إلى خطاب وجدانيّ تأمّلي.
طرق الوصف
3- استخرج الموصوفات وصنّفها في مجموعات وبيّن ما بينها من علاقات.
- موصوفات الطبيعة: الغدير، البحيرة، الزهر، الخمائل، الجداول، النسيم، الأنهار، الثمار…
- موصوفات العمران: القصور، المحاريب، الأبيات، الغرف.
4- ما القرائن الدالّة على توظيف جمال المرأة في وصف الطبيعة؟
من القرائن الدالّة على ذلك استعمال ألفاظ تُستعار عادةً لتزيين المرأة مثل: «كالجوهر»، «الصدف الشفّاف»، «الحُلَلُ الموشاة»، «الغلائل»، «النُضار». كما تُشخَّص الروضة كأنّها عروس متزيّنة بثياب ناعمة وزينة لامعة، فينقل الشاعر معاني جمال المرأة إلى الطبيعة.
5- استخرج من النص ما يدلّ على انتقال الوصف من المفصّل إلى المجمَل.
يبدأ الشاعر بوصف مفصّل لعناصر الروضة: الدوح، الظل، الخمائل الخضر، الجداول الزرق، الأزهار، الثمار، الأنهار الجارية… ثمّ يجمل ذلك في قولِه الذي يشبّهها فيه بـ«جنة الخلد لا روع ولا أسف»، فيجمع كلّ التفاصيل في صورة كلية واحدة. فهذا الانتقال من كثرة التفاصيل إلى صورةٍ شاملة يدلّ على الانتقال من المفصّل إلى المجمَل.
جمال ومتعة
6- يسمو الشعر بالطبيعة إلى مرتبة التقديس. استخرج الحقل المعجمي الدال على ذلك.
يتجلّى حقل التقديس في ألفاظ مثل: «جَنّة الخلد»، «غرف الرضوان»، «المحاريب»، «الأبيات»، «الأنهار جارية»، «لا روع ولا أسف». هذه الألفاظ تُحيل إلى أجواء دينية وروحية، فترتقي بالطبيعة إلى مستوى الجنّة المقدّسة.
7- لِمَ فضّل الشاعر زخارف موصوفاته على زخارف الدنيا؟
فضّل الشاعر زخارف روضته على زخارف الدنيا لأنّ جمالها صافٍ وبريء، يمنح النفس طمأنينةً وسرورًا، ويربط الإنسان بخالق الجمال. أمّا زخارف الدنيا فمرتبطة بالغرور والطمع واللهو، وهي سريعة الزوال. لذلك رأى أنّ هذا الجمال الطبيعي – بما يحمله من دلالة على نعيم الجنّة – أسمى من زخارف البشر المادّية.
التقويم :
* إلى أيّ حدّ كان وصف الطبيعة في هذا النص وليد تجربة إنسانية معها؟
يبدو وصف ابن الأبار للطبيعة في هذه القصيدة نابعًا من تجربة إنسانية حقيقية؛ فهو لا يكتفي بتعداد مظاهر الجمال، بل يعيش الروضة بكلّ حواسه: يلمس الخمائل، ويستشعر برودة الجداول، ويشمّ عبير الزهر، ويتمتّع بظلّ الأشجار وخرير المياه. ثمّ يرتقي بهذا الإحساس إلى مستوى روحيّ، فيشبّهها بجنّة الخلد ويدعو إلى الزهد في زخرف الدنيا. لذلك يمكن القول إنّ النصّ يعبّر عن علاقة حميمية بين الإنسان والطبيعة تجمع بين اللذة الحسية والمتعة الروحية.
الاحتفاظ ب : جمال الطبيعة
يتّضح من النص أنّ جمال الطبيعة نوعان: جمال أوّليّ وهبه الله للكون من ماءٍ وزهرٍ وفضاءاتٍ خضراء، وجمال لاحق يضيفه الإنسان بما يبنيه من قصور ومحاريب وحدائق وبركٍ وجداول. وشعر الطبيعة في الأندلس – ومنها هذه القصيدة – يجمع بين هذين الجمالين في لوحة واحدة، فيدعو القارئ إلى التأمّل في آيات الخلق والاعتبار بها، ويجعل من وصف الطبيعة مناسبة للحثّ على الزهد في زخرف الدنيا والتطلّع إلى الجمال الأبدي.
التوظيف :
بيّن مظاهر التشابه والاختلاف بين وصفي أبي تمّام وابن الأبار للطبيعة.
| المجال | مظاهر التشابه | مظاهر الاختلاف |
|---|---|---|
| طبيعة الصورة | كلا الشاعرين يصفان الربيع ويجعلان الطبيعة مصدرًا للبهجة والسرور، ويبرزان ما فيها من إخضرارٍ وزهرٍ ونضارة. | أبو تمّام يميل إلى إبراز الإعجاز الإلهي في تبدّل الفصول وتحوّل الأرض، أمّا ابن الأبار فيركّز على اللوحة الحسية التي تمتزج فيها الطبيعة بالقصور والزخارف. |
| العلاقة بالإنسان | في النصّين معًا تُعدّ الطبيعة مجالاً لراحة الإنسان وسعادته. | عند أبي تمّام تظهر الطبيعة كدليل على قدرة الله وعبرة للعاقل، بينما عند ابن الأبار تتحوّل الروضة إلى جنّة أرضية يعيش فيها الإنسان متعة الجمال الدنيوي والروحي معًا. |
| البناء الفنّي | استعمال مشترك لأساليب التشبيه والاستعارة والتشخيص والموسيقى الداخلية. | لغة ابن الأبار أقرب إلى الزخرفة والتفنّن في الصور، لأنّه يصف حدائق القصور الأندلسية، في حين تبدو لغة أبي تمّام أكثر تركيزًا وتأمّلًا في معنى التغيّر والبعث. |

0 commentaires
Enregistrer un commentaire